إعادة فرز للتشكيلات المقاتلة في سوريا بين المتشددين والمعتدلين والعلمانيين

«داعش» أكثر تنظيما وتماسكا

TT

يتخوف المعارضون في شمال سوريا من تفكيك هيئة الأركان في الجيش السوري الحر، حيث تقود مؤشرات الانقسام إلى إعادة تجميع الكتائب المقاتلة في ثلاث كتل رئيسة، أولاها وأكبرها كتلة الجبهات الإسلامية المعتدلة، وثانيتها كتلة المتشددين، والثالثة هي كتلة الجيش الحر التي تضم علمانيين يقاتلون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

تعد الجبهة الإسلامية التي تشكلت قبل عشرين يوما أكبر تجمع للقوى الإسلامية المسلحة في سوريا. وقد أعلنت الجبهة في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) انسحابها من هيئة الأركان بسبب ما سمته «تبعية هيئة الأركان للائتلاف الوطني وعدم تمثيليتها».

وينظر قياديون في المعارضة المسلحة شمال سوريا إلى تزايد التقسيمات في الكتائب المقاتلة إلى الأرض، بريبة. ويقول ضابط في الجيش الحر إن المشهد الآن «بات على شاكلة فسيفساء مناطقية تشبه ما كان في لبنان أيام الحرب الأهلية، إذ بات بعض القياديين في المناطق أمراء حرب، لا شيء يجمعهم»، مستغربا في حديث لـ«الشرق الأوسط» ظاهرة «تصفية الحسابات والقتال بهدف السيطرة على المناطق، وهو ما لم يكن قائما قبل شهرين».

ويقول الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية الوضع في الشمال، إن التقسيم والتوحد «يؤشر إلى إعادة فرز جديدة للتشكيلات المقاتلة وفق ثلاثة مستويات هي كتائب إسلامية معتدلة، وأخرى متشددة، وأخرى علمانية تابعة للجيش السوري الحر الذي بات أقل تمثيلا في ظل سيطرة المتشددين المنظمين على المناطق». ويوضح أن الجهة الإسلامية المعتدلة «تضم ألوية صقور الشام، جيش الإسلام، لواء التوحيد، وكتائب ولواء الحق». أما الكتائب المتشددة فتضم «الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وبعض الكتائب التي تضم مقاتلين مهاجرين»، فيما تبقى الكتائب المعتدلة التي «تضم مقاتلي وفضائل الجيش الحر، وبعض الكتائب التي استحدثت عند توحيد الفصائل ضمن هيئة الأركان العام الماضي، مثل كتائب شهداء سوريا في إدلب وغيرها».

وتعد كتاب «أحرار الشام» من أبرز الفصائل الموجودة على الأرض، والمنتشرة على نطاق واسع، بحسب الضابط الذي أكد أن مركز قوتها «بات في إدلب وحلب».

على الجانب الآخر، وبعد توحدها لتضم أكبر الفصائل الموجودة، يقول الضابط إن «الجبهة الإسلامية» باتت «أكثر الفصائل انتشارا وحيثية في الميدان»، مشيرا إلى تنازع «داعش» في بسط النفوذ في المدن التي تسيطر عليها المعارضة. وتسيطر الفصائل المنضوية تحت شعار الجبهة على معبر «باب الهوى» الحدودي مع تركيا، بعدما كانت تسيطر عليها «كتائب الفاروق» بالاشتراك مع لواء «رجال الله الشمال».

وينظر المعارضون إلى «داعش» على أنها الأكثر تنظيما وتماسكا، وتعمل في إطار عمل جماعي، واستولت على مختلف نطاق نفوذ الجيش السوري الحر، باستثناء المعابر الحدودية من تركيا، كي لا يؤدي ذلك إلى إغلاقها. ويشير ناشطون في الشمال إلى أن عناصر «داعش» يوجدون «في كل أنحاء سوريا، ولهم نفوذ في غالبية المناطق في الشمال، أبرزها حلب، قبل أن تتقدموا باتجاه إدلب وريف اللاذقية». ويقول مصدر بارز في المعارضة المسلحة في اللاذقية لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي داعش «تقدموا باتجاه جبل الزاوية في إدلب أخيرا، كما أقاموا نقطة لهم كبيرة في منطقة الناجية في جبل التركمان، وأنشأوا فيها محكمة شرعية».

وقبل أيام، أعلن عن تشكيل جديد أطلق عليه «جبهة ثوار سوريا» ضم مجموعة من الكتائب الصغيرة، ليزيد انشقاقا على انقسامات لم تعد تحصى وتتغير باستمرار. ويقر قائد لواء الشام سليم الحجازي بتراجع موقف هيئة الأركان، علما بأن لواءه الذي يقاتل خصوصا في منطقة دمشق لا يزال منضويا تحت لواء الجيش الحر.

وتضم جبهة ثوار سوريا «كتائب شهداء سوريا»، و«المجلس العسكري في إدلب» و«المجلس العسكري في المعرة»، فضلا عن لواء معارض كبير من حلب، انشق عن لواء «أحفاد الرسول». ويعد الناطق باسم المجلس العسكري الأعلى في الجيش الحر قاسم سعد الدين، من أبرز قياديي الجبهة.