إيران تهدد بـ«رد مناسب» على العقوبات الأميركية

طهران «تقطع» المفاوضات مع الدول الست الكبرى لمخالفة واشنطن «روح اتفاق جنيف»

عباس عراقجي يصافح مدير عام وكالة الطاقة الذرية يوكيا أمانو (أ. ب)
TT

قطعت إيران مفاوضاتها مع الدول الست الكبرى بعد قرار الولايات المتحدة توسيع قائمتها السوداء للمؤسسات والأفراد الذين يشتبه بانتهاكهم العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، معتبرة أنه «مخالف لروح» اتفاق جنيف الموقع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

طهران عدت «الخطوة الأميركية مخالفة لروح اتفاق جنيف» الذي تتعهد بموجبه بعدم فرض عقوبات جديدة على إيران لمدة ستة أشهر وحملت الإدارة الأميركية مسؤولية تداعيات الإجراءات غير المدروسة.

من جهته قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إنه يتوقع استئناف المحادثات النووية مع إيران في الأيام المقبلة، مشيرا إلى إحراز تقدم وإلى أن هناك حاجة للمشاورات الآن.

وقال كيري أثناء زيارة لإسرائيل: «واجهنا صعوبة في فيينا.. نحن نحرز تقدما لكني أعتقد أنهم وصلوا إلى نقطة في هذه المحادثات يشعرون فيها بالحاجة إلى التشاور والتوقف للحظة».

وأضاف كيري: «كل التوقعات تشير إلى أن المحادثات ستستمر في الأيام القليلة المقبلة وسنتابع الأمر لحين التطبيق الكامل لهذه الخطة».

من جهتها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم إنه فيما يقوم المسؤولون الأميركيون في الظاهر بإفهام قطاعات التشريع في الولايات المتحدة للحد من التصويت على عقوبات جديدة ضد إيران في إطار المضي قدما في برنامج العمل المشترك للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة 5+1، نشاهد إجراء مثيرا للجدل تتخذه وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان في خطوة غير بناءة وتندرج في سياق التوجهات السابقة للسلطات الأميركية التي ثبت عدم نجاعتها وجدواها.

وأوضحت المسؤولة في الخارجية الإيرانية، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، أن الولايات المتحدة أقدمت على خطوة متكررة ولا طائل منها ووضعت شركات من إيران وعدة شركات أجنبية على قائمة العقوبات.

وأضافت أن مجموعة في داخل الإدارة الأميركية وخارجها تسعى للقضاء على اتفاق جنيف، مضيفة أن هؤلاء الأشخاص، في ظل إدراكهم الناقص وفهمهم الخاطئ، يحسبون أن العقوبات، لا الوصول إلى التفاهم، تشكل الخيار النهائي.

وأكدت أفخم جدية إيران في تبديد الهواجس المنطقية لأطراف الحوار فيما يخص البرنامج النووي الإيراني السلمي.

وتابعت أن الإجراء الأمريكي الأخير ممارسة غير بناءة ويأتي خارج مسار التفاهم الذي حصل في جنيف، ونصحت الإدارة الأمريكية بالالتزام واعتماد الواقعية وعدم التراجع أمام بعض المتطرفين المعارضين لمحادثات جنيف.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد وضعت أسماء 19 شخصا وشركة إيرانية وأجنبية على قائمة العقوبات المفروضة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

من جانبه، هدد مساعد وزير الخارجية الإيراني وعضو الفريق النووي الإيراني المفاوض عباس عراقجي بـ«رد مناسب» على الإجراء الأميركي.

وقال عراقجي في تصريحات صحافية أمس: «نعكف على تقييم الوضع واتخاذ رد فعل مناسب».

وكان وفد الخبراء الإيراني قطع مساء الخميس المفاوضات على مستوى الخبراء التي كان من المقرر أن تستمر أمس الجمعة أيضا مع مجموعة 5+1 في فيينا وعاد إلى طهران لإجراء مشاورات.

وبدأت المفاوضات يوم الاثنين الماضي حول آليات تطبيق اتفاق جنيف الذي توصلت إليه إيران مع مجموعة 5+1 التي تضم بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا. ويقضي الاتفاق بالحد من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران.

وكان مسؤولون أميركيون صرحوا في بيان الخميس أن الولايات المتحدة فرضت مجموعة جديدة من العقوبات على عدد من الشركات والأفراد لدعمهم البرنامج النووي الإيراني.

وقال مسؤولون بوزارتي الخزانة والخارجية إن هذه الخطوة تظهر أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه أخيرا في جنيف بشأن إيران «لا يتعارض ولن يتعارض مع جهودنا المتواصلة لكشف وتحييد من يدعمون البرنامج النووي الإيراني».

من جهته أعلن الاتحاد الأوروبي أمس أنه من «الضروري» مواصلة العمل بعد أربعة أيام من المحادثات في فيينا، وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن «مشاورات ستجري الآن في العواصم بانتظار استئناف قريب» للمفاوضات الفنية.

وكان الوفد الإيراني يبحث في الأوجه العملية من الاتفاق الموقع في 24 نوفمبر في مفاوضات يشارك فيها مسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة تطبيق الاتفاق.

وبموجب هذا الاتفاق الرامي إلى إعطاء الأسرة الدولية ضمانات بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني السلمية، تقوم إيران بالحد من أنشطتها النووية لمدة ستة أشهر لقاء تخفيف جزئي للعقوبات الغربية المفروضة عليها.

كما يتعهد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بعدم إقرار عقوبات جديدة مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني خلال هذه الفترة، فيما تعهدت الإدارة الأميركية بـ«تفادي» فرض عقوبات جديدة.

غير أن الكثير من البرلمانيين الأميركيين المشككين في الاتفاق المرحلي والذين يبدون ريبة حيال القادة الإيرانيين يدرسون عقوبات اقتصادية جديدة لإرغام طهران على توقيع اتفاق نهائي تتعهد بموجبه بالتخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم.

وقد أكد تيم جونسون الرئيس الديمقراطي للجنة المصرفية التابعة لمجلس الشيوخ والمكلفة تقليديا تحديد أي عقوبات جديدة ضد طهران والتصويت عليها، الخميس، أنه لا يؤيد التصويت على عقوبات جديدة.

وقال خلال جلسة برلمانية: «ينبغي ألا نفعل شيئا يمكن أن يأتي بنتيجة عكسية من شأنها إضعاف الوحدة الغربية في هذا الملف. علينا العمل بحيث تتحمل إيران المسؤولية في حال فشلت المفاوضات».

وأضاف: «يجب أن لا نعطي ذريعة لإيران ولمجموعة 5+1 أو لأي بلد آخر لإلقاء مسؤولية أي فشل علينا».

وحذر المسؤولون الإيرانيون في الأيام الأخيرة من فرض أي عقوبات جديدة، مؤكدين أن ذلك سينعكس على اتفاق جنيف.

الموقف الإيراني أيدته روسيا التي أعلنت أن القرار الأميركي يضر بالاتفاق النووي مع إيران وينتهك روح الاتفاق الذي أبرم الشهر الماضي مع القوى الكبرى وقد يعطل تنفيذه.

وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: «قرار الإدارة الأميركية يتعارض مع روح هذه الوثيقة». في إشارة إلى الاتفاق المبدئي الذي جرى التوصل إليه في 24 نوفمبر مع القوى الست الكبرى والذي ستقيد بموجبه إيران برنامجها النووي مقابل تخفيف محدود للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها خلال الأشهر الستة المقبلة.

وأضافت زاخاروفا في بيان: «توسيع القائمة الأميركية السوداء يمكن أن يعقد بشكل خطير تنفيذ اتفاق جنيف».