ارتباك أمني في رام الله بعد اعتداء على الرجوب وإطلاق نار على وزير الأوقاف

أبو مازن يفصل نائبا برلمانيا يثير الجدل في فتح.. ومؤشر على خلافات داخل المؤسسة الحاكمة

TT

شهدت الضفة الغربية خلال اليومين الماضيين أحداثا متلاحقة، كشفت إلى حد ما عن خلافات واستقطابات داخل المؤسسة الحاكمة في الضفة الغربية.

وفاجأ النائب عن حركة فتح، في المجلس التشريعي جمال أبو الرب، الحضور في فندق «غراند بارك» في رام الله بمهاجمته للواء جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لفتح، ولكمه في وجهه، ردا على اعتداء أحد مرافقي الرجوب عليه قبل شهرين، في حادثة تحولت داخل فتح في الـ24 ساعة الماضية إلى كرة ثلج. وقالت مصادر مطلعة في رام الله إن جهود تطويق الخلاف بين الرجلين فشلت، قبل أن يقرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس فصل أبو الرب من حركة فتح، في خطوة ما زالت بحاجة إلى مصادقة المجلس الثوري.

ووقع الاعتداء على اللواء الرجوب خلال انتظاره في الفندق وزير الخارجية الصيني، وهو الأمر الذي دفع به لاحتواء وتطويق المسألة في حينها، متعهدا بالرد على أبو الرب.

وهدد مناصرو الرجوب الذي يمثل ثقلا داخل فتح والمؤسسة الأمنية بالانتقام من أبو الرب الذي يناصره غالبية من عناصر الحركة في الشمال، وتعهدوا بحمايته. وقالت مصادر مقربة من أبو الرب إن مسلحين هاجموا شقته بحثا عنه ولكنهم لم يجدوه. وهدد أنصار وكوادر حركة فتح في قباطية، حيث ينحدر أبو الرب، بتقديم استقالتهم من الحركة، ومن المفترض أن فتح في مدينة جنين اجتمعت أمس واليوم لتحديد موقف نهائي من فصل أبو الرب الذي أثار الغضب في شمال الضفة الغربية.

وبينما التزم الرجوب الصمت، أصدر أبو الرب بيانا وصف فيه قرار فصله من فتح بأنه «غير قانوني ولا يستند إلى اللوائح التنظيمية الداخلية لحركة فتح». وقال أبو الرب إنه لم يبلغ رسميا بالقرار حتى هذه اللحظة، لكنه سيقوم «باتخاذ كل الإجراءات القانونية والتنظيمية لإبطاله». وأدان أبو الرب أن تأخذ اللجنة المركزية لحركة فتح قرارها «المتسرع» دون أن تسمع وجهة نظره، أو أن يتمكن من الدفاع عن نفسه وسرد روايته للحادثة. وتوجه أبو الرب للرئيس محمود عباس بالدعوة لسماع روايته عن الحادثة.

وأوضح النائب أبو الرب أنه توجه إلى لجنة التحقيق الحركية قبل شهرين بالشكوى على عضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب للاعتداء عليه بالضرب خلال اجتماع تنظيمي، وانتظر نتائج التحقيق طيلة هذه الفترة، دون نتيجة، وأن حادثة ضرب الرجوب أمس جاءت نتيجة استفزاز الأخير له في فندق «غراند بارك». وتساءل: «كيف يستقيم أن لا تخرج لجنة التحقيق بنتائج طيلة شهرين، بينما تقرر فصلي خلال ساعات؟». ولم تصدر «المركزية» قرار فصل أبو الرب مكتوبا.

وقالت مصادر في فتح لـ«الشرق الأوسط» إن ثمة ضغوطا على الرئيس للتراجع عن ذلك، لأن قرار فصل أبو الرب سيضاعف المشكلة، خصوصا أن «المركزية» أقدمت من قبل على فصل مسؤولين وناشطين آخرين.

وقال أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري، إن فصل أبو الرب يحتاج إلى قرار من «الثوري» وإن «المركزية» لا تستطيع فصل عضو في «الثوري» دون الرجوع إليه. ولا يعرف بعد كيف سيتصرف المجلس الثوري في اجتماعه القادم.

واتهم القيادي في فتح حسام خضر قيادة فتح بإهمال معالجة الإشكال من الأساس، «ما أدى إلى تفاقم هذه الأحداث المؤسفة». وطالب «بتشكيل لجنة حركية لبحث الواقعة والخلوص إلى نتائج ترفع إلى الجهات الحركية المختصة لاتخاذ الإجراءات الحركية المطلوبة». وأضاف: «قرار الرئيس عباس فصل الأخ جمال أبو الرب من الحركة متسرع وغير سليم وغير قانوني حركيا ولا يعالج الإشكالية، بل يزيدها تعقيدا». وتابع: «أحذر من خلال معرفتي الجيدة على الأرض مما يعتمل في خلد ووجدان كوادر الحركة وعناصرها وأبنائها الأوفياء في كل المواقع الحركية، أمام تراجع الحركة وعلى كل المستويات وحجم الظلم الممارس على أبنائها من قيادتها الغائبة المغيبة، من مضاعفات مثل قرار كهذا، وأطالب بتجميده فورا والتراجع عنه واعتباره كأن لم يكن».

وفي غمرة الإشكالية بين الرجوب وأبو الرب، أطلق مسلحون النار على مكتب وزير الأوقاف محمود الهباش المقرب جدا من الرئيس الفلسطيني. وقالت مصادر أمنية إن مسلحين أطلقوا النار بغزارة تجاه مكتب الهباش في حي الجنان بمدينة البيرة، بعد دخوله بدقائق قليلة وكادوا يصيبونه بشكل مباشر. وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن الهباش نجا من محاولة اغتيال، وأكد المتحدث الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري أن أجهزة الأمن تتابع التحقيق وملاحقة مطلقي النار على الهباش وتعهد بتقديمهم للمحاكمة. ولم يتهم الهباش أطرافا بعينها.