سجال روسي ـ سوري بعد اتهام بوغدانوف الأسد بتصعيد التوتر

معارضون عدوها «مناورة» وأكدوا أن إيران هي صاحبة القرار الأساسي

لاجئات كرديات سوريات يعايين مساعدات غذائية تلقينها في معسكر كوروكوسك بالقرب من أربيل في إقليم كردستان شمال العراق (أ.ف.ب)
TT

اتهمت روسيا، على لسان نائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف، أمس، الرئيس السوري بشار الأسد بتصعيد التوتر في سوريا بتصريحاته حول احتمال مشاركته في الانتخابات الرئاسية في 2014، وهو ما اعتبرته المعارضة السورية «مناورة تهدف إلى كسب حضورها في مؤتمر (جنيف 2)».

وأعلن بوغدانوف في مقابلة أجرتها معه وكالة «إنترفاكس» أن تصريحات الأسد حول عزمه الترشح للانتخابات «تؤجج التوتر ولا تسهم بتاتا في تهدئة الوضع»، داعيا الرئيس السوري والمعارضة إلى عدم تصعيد التوتر قبل مؤتمر «جنيف 2» للسلام في سوريا المقرر في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل في سويسرا. وقال «نعتبر أنه عشية مفاوضات، من الأفضل عدم الإدلاء بتصريحات من شأنها أن تثير استياء أي كان وتثير غضبا أو ردودا».

وسرعان ما ردت دمشق مؤكدة أن أحدا لا يمكنه أن يمنع الرئيس السوري بشار الأسد من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية في 2014، بحسب ما قال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال المقداد «أسأل المعارضة لماذا لا يحق لمواطن سوري أن يترشح؟ من يمكنه أن يمنعه؟ لكل مواطن سوري الحق في أن يكون مرشحا».

وكان مسؤولون سوريون كرروا إعلانهم أنه من حق الأسد الترشح للانتخابات الرئاسية في صيف عام 2014. كما أعلن الأسد، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه لا يرى أي مانع من الترشح للانتخابات المقبلة، وهو ما أثار غضب المعارضة التي تطالب برحيل بشار الأسد كأحد الشروط الأساسية لفتح مفاوضات مع النظام. وبينما ترفض المعارضة اعتبار التصريح «تغيرا في الموقف الروسي»، يؤكد الخبير في الشأنين الروسي والإيراني د.نسيب حطيط، لـ«الشرق الأوسط»، أن موسكو حليف للنظام السوري وليست نسخة متطابقة معه «مما يتيح الفرصة لكلا الطرفين لاتخاذ المواقف المناسبة من وجهة نظرهما». ويقول حطيط إن الموقف الروسي «ينتقل من موقف الحليف الداعم إلى دور الوسيط، بدليل دعوته للمعارضة السورية لزيارة موسكو»، لافتا إلى أن تصريح بوغدانوف «يفتح الباب للمناورة، بهدف تطمين المعارضة على طبيعة دوره الوسطي، مما يحث المعارضة على الاعتراف بدور روسيا كوسيط، كون مواقفها غير متطابقة مع الموقف السوري الرسمي».

ويرى عضو الائتلاف السوري سمير نشار أن المعارضة على قناعة بأن «الأسد لا تتحكم فيه روسيا، بل تتحكم طهران في قراراته»، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني «هو الحاكم الفعلي في دمشق»، نظرا «لدوره في إرسال مقاتلي حزب الله والكتائب الشيعية للقتال إلى جانب النظام في سوريا». ولفت نشار إلى أن شخصيات معارضة طرحت سؤالا على أطراف دوليين حول موقف إيران من المفاوضات وبقاء الأسد، أجابتها بأنها لا تعرف الموقف الحقيقي، مشيرا إلى أن «تصريح بوغدانوف يأتي على النقيض، ويفهم منه بأنه دعوة للمعارضة للمشاركة في مؤتمر (جنيف 2)، وأنهم، لهذه الغاية، يحاولون القول بأنهم غير متمسكين بالأسد في المرحلة الانتقالية».

ويضع نشار تصريح بوغدانوف، اللافت في توقيته قبل مؤتمر «جنيف 2»، في إطار «المناورة»، كون «تصريح الأسد حرم الطرف الروسي من نقطة أن يكون وسيطا، إذا تطابق موقف روسيا مع موقفه». ويتطابق تقدير المعارضة السورية لتصريح بوغدانوف مع تقدير الدكتور حطيط الذي ينفي أن يكون «تغييرا في الموقع الروسي»، مؤكدا أن المسؤولين الروس «يعتمدون تكتيكا خاصا ومناورة سياسية». ويضيف «هناك حق لأي طرف في إجراء مناورة على التفاوض، واستخدام التكتيك السياسي، سواء المعارضة أو النظام أو الداعمون لكل منهما».

ويرى حطيط أن الأسد أعلن نيته الترشح، وذلك لا يعتبر جديدا في مواقفه، أما موسكو على لسان نائب وزير خارجيتها «فتقول إن الأمر يعقد المفاوضات، لكنها لم تقل إنها تعارض ترشح الأسد، بل تفضل إعلان هذا الموقف بعد انعقاد مؤتمر جنيف»، معربا عن قناعته بأن «الاعتراض الروسي على التوقيت فقط، كيلا يتطابق موقف روسيا، في دور الوسيط، مع ما تسرب من مواقف أميركية بأن الأسد قد يشارك في العملية الانتقالية، ويبقى ما بعد (جنيف 2)».

ويأتي التصريح الروسي في لحظة حاسمة، وسط مناقشات تخوضها المعارضة السورية لاتخاذ موقفها من المشاركة في المؤتمر الدولي. وأكد نشار لـ«الشرق الأوسط» أن موقف المشاركة في «جنيف 2»: «لم يُحسم بعد»، فيما «تصمم موسكو وواشنطن على انعقاد المؤتمر». وأشار نشار إلى أن المجلس الوطني السوري، أكبر مكونات الائتلاف الوطني «اتخذ في السابق موقفا رافضا للمشاركة»، موضحا أنه «سيعيد مناقشة الأمر في بدايات العام الجديد خلال اجتماع ينعقد قبل مؤتمر جنيف». وأعرب عن اعتقاده أن المجلس «سيتخذ موقفا رافضا للمشاركة في شكلها الحالي، ما دام مصير الأسد في الفترة الانتقالية لم يتضح بعد»، في حين «يكثر الحديث عن اتفاق أميركي روسي على أولوية قتال تنظيم القاعدة في سوريا، قبل إسقاط الأسد».