نصر الله يتوعد إسرائيل بالرد على اغتيال اللقيس «في أي مكان بالعالم»

قال إن حزبه يشارك في «معركة وجود» بسوريا وحذر من تشكيل حكومة «أمر واقع» في لبنان

مناصرون لنصر الله خلال متابعتهم لخطابه أمس في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)
TT

أقر حزب الله اللبناني، أمس، لأول مرة منذ تأسيسه، بوجود امتداد خارجي له، إذ توعد أمينه العام السيد حسن نصر الله إسرائيل بالرد على اغتيال القيادي حسان اللقيس «في أي مكان في العالم».

وأكد نصر الله خلال احتفال تأبيني للقيس أقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، أن عملية الاغتيال «ليست حادثة عابرة، فهناك حساب قديم»، قائلا: «إذا كان الإسرائيلي يظن أن حزب الله مضغوط (بالمشاركة في المعارك داخل سوريا)، فأقول للإسرائيليين إنهم مخطئون، والقتلة سيحاسبون عاجلا أم آجلا، ودماء شهدائنا لن تذهب هدرا»، مشددا على أن «الذين قتلوا إخواننا لن يأمنوا في أي مكان في العالم، والقصاص آت، وعندما يكون هناك إرادة وشجاعة مطلوبة يأتي الزمان الذي نحدده نحن، ونحن أولياء دم نقتص من القتلة الحقيقيين».

ويعد هذا الاعتراف الأول لحزب الله منذ إعلان تأسيسه في عام 1984، علما بأن الحزب ينفي ضلوعه بعمليات خارجية اتهم بها، كان آخرها تفجير حافلة تقل ركابا إسرائيليين في العاصمة البلغارية بورغاس العام الماضي، فيما اعترف الحزب بأنه يقاتل في سوريا إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مايو (أيار) الماضي.

ورأى الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد إلياس حنا، أن «حزب الله قادر على الرد في عمليات خارجية وحده، أو بمشاركة حلفاء له مثل الإيرانيين، كونه يعد ضمن المنظومة الكبيرة التي ينتمي إليها، بينها إيران وسوريا». وقال حنا لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «لا يستطيع أن يتخذ قرارا مستقلا عن الاستراتيجية الكبرى في إيران»، من غير أن ينفي قدرات حزب الله الخارجية.

وإذ قلل حنا من أهمية هذا الإعلان، «نظرا لإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب الأميركي، وإدراج جناحه العسكري على لائحة الإرهاب الأوروبي»، أكد أن قدرات حزب الله «سمعنا عنها في اتهامات بضلوعه في عمليات خارجية نفذت في بلغاريا أو أذربيجان، أو إحباط جهود استخبارية له في مناطق أخرى».

وعما إذا كان هذا الإعلان سيردع إسرائيل عن تنفيذ عمليات أخرى بحق قيادييه، قال حنا إن الإسرائيليين «لا يستطيعون إلا أن يأخذوا التهديدات على محمل الجد، ويتخذوا تدابير أمنية في الخارج»، لافتا، في الوقت نفسه، إلى أن جهود حزب الله وقدراته «معروفة بالنسبة للأجهزة الاستحبارية العالمية».

وكانت الحكومة البلغارية اتهمت حزب الله بالوقوف وراء اعتداء دام وقع في 18 يوليو (تموز) في بورغاس، أدى إلى مقتل خمسة سياح إسرائيليين ومواطن بلغاري والانتحاري منفذ الاعتداء، ما أدى إلى إدراج الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب الأوروبية.

واغتيل اللقيس بإطلاق رصاص من مسلحين مجهولين في مرأب المبنى الذي يقطنه في الضاحية الجنوبية فجر الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وسارع الحزب في حينه إلى اتهام إسرائيل عدوه اللدود بالمسؤولية عن العملية، إلا أن الدولة العبرية نفت وجود «أي علاقة» لها بذلك.

وأكد نصر الله أن اللقيس كان «أحد العقول المميزة واللامعة» في الحزب، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية عن مهامه، مؤكدا في الوقت نفسه أنه كان على صلة بـ«شؤون الجهوزية والاستعداد والتطوير». وعلى مستوى العلاقة الشخصية قال إن اللقيس كان «أخا وحبيبا».

واغتيال اللقيس هو الأول الذي يستهدف قادة حزب الله منذ فبراير (شباط) 2008، حينما قتل أبرز قادته العسكريين عماد مغنية بتفجير سيارة في دمشق. واتهم الحزب ذو الترسانة العسكرية الضخمة - إسرائيل في حينه بالوقوف خلف الاغتيال، وهو ما تنفيه الدولة العبرية.

وعلى صعيد انخراط حزب الله في القتال بسوريا، دافع نصر الله عن تلك المشاركة، واضعا الأمر في سياق «معركة وجود». وقال: «موضوع سوريا في نظرنا معركة وجود وليس معركة امتيازات»، مشيرا إلى أنه «ليس معركة وجود لحزب الله، هي معركة وجود للبنان، لسوريا، لفلسطين، للقضية الفلسطينية، ولكل مشروع المقاومة في المنطقة»، مشددا على أن «قرارنا نهائي وحاسم وقاطع، ولا يقدم فيه شيء ولا يؤخر فيه شيء»، معتبرا أن «الاتجاه التكفيري (في سوريا) هو تهديد لكل ما سواه».

وفي الشأن الداخلي اللبناني، واصل نصر الله هجومه على قوى 14 آذار، على خلفية ما قاله إن هذه القوى اتهمت الحزب بأنه تكفيري ومفجر وقاتل وإقصائي، قائلا: «هذا الكلام مقصود منه فرضيتان، الأولى، لا يمكن بيوم من الأيام أن نجلس على طاولة واحدة أو أن نشكل حكومة واحدة، لأن هذا الخطاب خلفيته إقصائية إلغائية، وبالتالي المقصود منه إعلان حرب»، متوجها إليهم بالقول: «قولوا لنا ذلك حتى لا نتعب بعضنا البعض لأن في هذا الخطاب إقصاء فريق كبير من لبنان، وبالتالي إذا كان هناك إعلان حرب فقولوا لنا ونحن لا نريد أن نعلن حربا معكم، فمعركتنا مع إسرائيل»، محذرا: «لكن لا يلعب معنا أحد».

وأضاف: «أما الفرضية الثانية، فهي الهجوم على حزب الله لإضعافه، والأخذ منه ما يريد». وأضاف: «إذا كان هناك مكان للعودة وتشكيل الحكومة وغيرها، فلنترك خط العودة احتراما لكراماتنا».

وفي موضوع تشكيل الحكومة، أوضح نصر الله أنه «ما زلنا نعتقد بلزوم حكومة سياسية جامعة، حكومة وحدة وطنية، وحكومة الحياد برأينا هي حكومة خداع، لأن في لبنان ليس هناك حياد»، مشيرا إلى أنه لا ينصح أحدا بـ«تشكيل حكومة أمر واقع». وقال: «بديل الفراغ هو تشكيل حكومة مصلحة وطنية لا تقصي أحدا».