أطفال سوريا أكثر المتضررين من الحرب

يولد واحد منهم كل ساعة في مخيمات اللجوء.. و764 أعدموا

TT

«شهيدنا راح/ على الجنة راح/ وبشار قتل شعبي/ هالابن السفاح/ يا سورية لا تحزني/ ما عاد بدي هالدني/ يا بنعيش بكرامة/ يا بشهادة هللي»، بهذه الكلمات تدندن الطفلة الحلبية بسمة بأغنيتها المهداة إلى قائد لواء التوحيد المعارض عبد القادر الصالح (حجي مارع)، الذي قُتل الشهر الماضي، خلال المعارك في شمال حلب.

بسمة الطفلة ابنة مارع التي خرجت في المظاهرات وغنت للحرية في أحياء حلب متحدية قذائف الهاون ما زالت تغني «حر.. حر.. حرية غصب عنك يا بشار نحنا بدنا حرية»، وذلك بدل أن تغني كسائر الأطفال في العالم للسلام والفراشات وبابا نويل وشجرة الميلاد وكل ما يبهج الطفولة الطبيعية.

وقد بثت عشرات من مقاطع الفيديو تظهر الدمار الكبير التي ألحقته البراميل المتفجرة بعدة أحياء سكنية في حلب خارجة عن سيطرة النظام، كان أكثرها تأثيرا فيديو لطفل فقد كل أفراد عائلته، وقد عثر على أخته الصغيرة حية تحت الأنقاض، فأقبل عليها يناديها وهو ينشج بأسى: «تعي (تعالي) يا أختي، تعي يا قلبي تعي». فيديو اختزل آلام الأطفال السوريين ليتجاوز عدد قتلى سوريا من الأطفال أكثر من 11 ألفا، منهم 128 طفلا قضوا اختناقا بأسلحة كيميائية، و389 قتلوا برصاص قناصة، وفق تقرير نشره مؤخرا مركز «أكسفورد ريسرتش غروب» البريطاني للأبحاث.

وأفاد التقرير بأن 11420 طفلا سوريا لا تزيد أعمارهم عن 17 سنة قُتلوا منذ مارس (آذار) 2011 ونهاية أغسطس (آب) 2013، من بين نحو 114 ألف قتيل من مدنيين ومقاتلين جرى إحصاؤهم. ويقول التقرير: «من بين الأطفال الـ10586 الذين حُددت أسباب وفاتهم، 7557 (أي 71 في المائة) قُتلوا بأسلحة متفجرة، مثل القصف الجوي والمدفعي واعتداءات بالقنابل وسيارات ملغومة، وهي الأسلحة الأكثر فتكا بالأطفال في سوريا، وفق التقرير الذي يستند إلى معطيات عدة من منظمات سورية».

وأوضح التقرير أن طلقات الأسلحة الخفيفة كانت السبب في مقتل أكثر من ربع الأطفال الضحايا، أي 2805 أطفال يشكلون 26.5 في المائة من المجموع، فيما أُعدم 764 طفلا من دون محاكمة، وقُتل 389 برصاص قناصة. ومن بين الـ764 الذين جرى إعدامهم، أُفيد بأن 112 منهم تعرضوا للتعذيب، ومنهم خمسة في السابعة من العمر، أو أقل، و11 تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة، وفق المصدر ذاته.

إلا أن التقرير البريطاني لم يشمل القتلى من الأطفال خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، التي شهدت معارك ضارية ومجازر في الرقة والقلمون وحلب قتل فيها مئات الأطفال. ويوم أمس أعلن معارضون عن سقوط العشرات من القتلى وجرح عشرات آخرين في حلب، جراء إلقاء قوات النظام للبراميل المتفجرة على مناطق سكنية من بينها مدرسة ابتدائية، قتل خلالها عشرة أطفال وعشرات الجرحى، كما سقط العشرات بين قتيل وجريح في مناطق متفرقة من أحياء وبلدات محافظة حلب. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد كشفت، أول من أمس، عن وجود نصف مليون جريح في سوريا. ونقلت اللجنة، في بيان لها، عن رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في سوريا، ماغني بارث قوله: «حصيلة القتلى ترتفع، وهناك نصف مليون جريح تقريبا في كل أنحاء سوريا، والملايين لا يزالون نازحين، وعشرات الآلاف معتقلين»، وتابع: «إن الإمدادات بالغذاء والحاجات الأخرى الأساسية تنفد بشكل خطير، لا سيما في المناطق المحاصرة».

كما يعاني الأطفال في سوريا من كل أنواع الموت، بما فيها الموت بردا وجوعا. وبث ناشطون يوم أمس فيديو يظهر طفلا من السبينة من المناطق المحاصرة جنوب العاصمة وهو يأكل الكارتون (الورق)، وقال إنه فقد والده ولديه سبعة إخوة، ولا يوجد طعام ولا عمل». ويتابع الطفل الذي بدا بائسا ومتسخا: «لو كان هناك عمل لما أكلت الورق». وتتنوع وجوه المأساة السورية مع تداول الناشطون على «فيس بوك» صورا لضحايا أطفال، وأخرى لمعتقلين لم يتجاوز عمرهم العام الواحد، كصورة الطفلة آلاء ياسين، مواليد 2005، التي تم اعتقالها مع والدتها بطلة سوريا والعرب بالشطرنج الدكتورة رانيا عباسي، ووالدها وإخوتها الخمسة، أصغرهم الرضيعة ليان، مواليد 2011، من منزلهم في مشروع دمر بتاريخ 11 مارس (آذار) 2013 دون أن يُكشف عن مصيرهم لغاية الآن، وأطلق ناشطون منذ يومين حملة للكشف عن مصير الأطفال، دون أن يلقوا أي استجابة من أي جهة محلية أو دولية، وذلك بينما تطلق الأمم المتحدة النداء تلو النداء، والتحذير تلو الآخر، لمساعدة أطفال سوريا.. آخر التحذيرات من ارتفاع معدل ولادات الأطفال في مخيمات اللجوء خلال ثلاثة أعوام من عمر الثورة السورية، الذي بلغ أكثر من 21 ألف طفل سوري، أي ما يعادل ولادة طفل لاجئ سوري كل ساعة، بحسب إحصاءات للأمم المتحدة، التي دقت ناقوس الخطر محذرة مما قد يؤول إليه مصير جيل جديد من السوريين، في ظل أوضاع إنسانية مريرة يعانون منها داخل بلادهم وخارجها.

وقالت إن أكثر من مليون طفل هم من بين مليونين ومائتي ألف سوري أجبروا على ترك بلادهم والنزوح إلى دول الجوار، هربا من القصف، إضافة إلى خمسة ملايين آخرين حولتهم الحرب للاجئين داخل حدود بلادهم. وكشفت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة عن تخصيص نحو 800 مليون دولار لتمويل عملها مع الأطفال السوريين في مخيمات اللاجئين، أي ما يعادل زيادة بنسبة 75 في المائة عن العام الماضي.