مراقبون يستبعدون أن تطيح فضيحة الفساد برئيس الوزراء التركي

إردوغان يتمتع بتأييد كاف وسط الناخبين المتدينين والنخبة الثرية

TT

لا يزال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب إردوغان، ينعم بولاء شديد من جانب ناخبين متدينين وصفوة ثرية، وهو أمر كاف لبقائه في السلطة في مواجهة فضيحة الفساد التي زلزلت أركان حكومته وامتدت إلى أسرته.

لكن اقتراحا من أعضاء في حزبه العدالة والتنمية بتقديم موعد الانتخابات العامة لتجري العام المقبل يظهر أنه يخشى أكثر من أي وقت مضى أن تفلت البلاد من قبضته بعد أن نجح على مدار فترة حكمه الذي امتد عقدا في تغيير صورتها، حسبما أفادت به وكالة رويترز.

وفضيحة الفساد التي شملت اتهامات بارتكاب مخالفات في بنك تديره الدولة كان من شأنها أن تسقط زعيما أقل دهاء. واستقال وزيران في الحكومة بعد إلقاء القبض على نجل كل منهما واستقال وزير ثالث قائلا إن رئيس الوزراء كان على دراية بما يحدث وينبغي أن يستقيل أيضا.

واتخذت القضية صبغة شخصية الأسبوع الماضي حين نشرت وسائل الإعلام التركية ما بدا أنه استدعاء مبدئي لبلال إردوغان، ابن رئيس الوزراء، للإدلاء بالشهادة. ولم يتسن التحقق من صحة الوثيقة.

وكشفت القضية عن صفات المحارب التي يتحلى بها إردوغان الذي دأب على القول بأن الأمر برمته ليس سوى مؤامرة ضده مدعومة من الخارج. وفصل إردوغان ضباط شرطة من بينهم قائد شرطة إسطنبول وتلاسن مع رجل دين قوي وأصر على أنه لم يرتكب أي خطأ. وذكر أن الوثيقة التي ورد فيها اسم أحد ابنيه مثال آخر على وجود مؤامرة وقال: «إذا كانوا يحاولون توجيه ضربة لطيب إردوغان من خلال هذا فلن يفلحوا؛ لأنهم يعلمون أنهم يهاجمون المحيطين بي».

وحتى الآن تتوقع مؤسسات استطلاع الرأي أن تتراجع شعبية حزب إردوغان - الذي يلقى دعما واسعا في إسطنبول والريف المحافظ - مجرد بضع نقاط مئوية، لكنها لا تزال أعلى من 40 في المائة، وهذا غير كاف للإطاحة به من السلطة، ففي آخر انتخابات فاز بأكثر من ثلثي مقاعد البرلمان بعد أن حاز نسبة 50 في المائة من أصوات الناخبين وهو نجاح غير مسبوق.

ومع ذلك اقترح مسؤول كبير بحزب العدالة والتنمية تقديم موعد الانتخابات المقبلة التي كان من المقرر أن تجري في عام 2015 لتقام العام المقبل إذا ما حدث «تحول كبير»، في مؤشر على أن الحزب يعيد حساباته لاحتواء التبعات.

ويتوقف الأمر إلى حد بعيد على قوة إرادة إردوغان (59 سنة) الذي شغل منصبه ثلاث فترات غير فيها وجه تركيا بتقليص سلطات المؤسسة العسكرية العلمانية وقيادتها، وأحدث طفرة اقتصادية ضخمة.

وأنقذت روح التحدي إردوغان قبل ستة أشهر حين حاصرته احتجاجات مناوئة للحكومة غير مسبوقة ووجهت إليه اتهامات بالاستبداد؛ إذ أصدر أوامره للشرطة بفض المظاهرات ما أسفر عن سقوط ثمانية قتلى. وكشفت استطلاعات الرأي عن أن شعبيته ظلت كما هي تقريبا.

لكن دعاوى الفساد قد تضر به أكثر من اتهامات الاستبداد، وذلك في أعين أنصاره المحافظين. وقالت نازلي إيليجاك الكاتبة التركية المعروفة التي عملت في صحيفة «صباح» اليومية الموالية للحكومة حتى الأسبوع قبل الماضي: «ثمة اعتقاد بأن احتجاجات (الصيف) تبنتها جماعات مصالح مختلفة وهذا يفسر غياب أي تأثير واضح على أنصاره». وتابعت: «لكن دوائر الناخبين المحافظين تعد القضايا التي تتصل بجوهر العدالة - أي اغتصاب ما هو ملك للشعب - أمورا لا يمكن التفريط فيها». وقالت إن على إردوغان - الذي أجرى تعديلا وزاريا ليضم موالين له للحكومة - أن يبرئ ساحته ويتعامل بشكل مباشر مع اتهامات الفساد إذا أراد الاحتفاظ بأصوات مؤيديه.

وأضحى إردوغان رئيسا للوزراء في عام 2002 وحظي بتأييد الأتراك المتدينين الذين سئموا الساسة الفاسدين، لكن تسيء لصورته لقطات تلفزيونية لرجال الشرطة يصادرون صناديق أحذية بها مبالغ نقدية من منازل المشتبه بهم.