دمشق تتنصل من نتائج «جنيف 2» قبل انعقاده بإعلانها طرح مقرراته على استفتاء

«الائتلاف» لن يشارك في مشروع حل يتجاهل التنسيق مع القوى العسكرية

مقاتلون من الجيش السوري الحر يطلقون النار أمس باتجاه قوات نظامية سورية في محافظة حماه، أمس (رويترز)
TT

أعلنت دمشق، أمس، أن «كل ما يطرح على طاولة الحوار في (جنيف 2) سيعرض على استفتاء»، بموازاة اتهامها المعارضة بتأخير إرسال الدعوات إلى مؤتمر «جنيف 2» الدولي حول سوريا، المقرر عقده في سويسرا في الثلث الأخير من هذا الشهر، عادة «تعثر تأليف وفد المعارضة» تسبب في هذا التأخير. وفي المقابل، يرجئ «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» إعلان موقفه النهائي من المشاركة في المؤتمر الدولي، إلى اجتماع الائتلاف في الخامس والسادس من يناير (كانون الثاني) الحالي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون أعلن، في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنه سيرسل قبل نهاية 2013 الدعوات الرسمية لمؤتمر السلام في سوريا، قائلا في تصريحات صحافية: «إن لائحة المدعوين مكتملة تقريبا، وآمل أن تسوى قريبا مسألة مشاركة إيران».

وأعلن رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، أن «التنسيق على المستوى السياسي» مع الحلفاء، وعلى رأسهم روسيا وإيران، سمح لبلاده بتحقيق «إنجازات دبلوماسية»، آملا أن تستمر من خلال مؤتمر «جنيف 2». وقال في كلمة ألقاها خلال الجلسة الأخيرة لهذه السنة لمجلس الشعب السوري، إنه «لولا التنسيق، خصوصا في مجلس الأمن من خلال الفيتو الذي أبرزته كل من روسيا والصين، كان يمكن أن يختلف الوضع فيما يخص مزيدا من الضغوطات على سوريا وعدوان مرتقب».

وقال الحلقي إن «الحكومة السورية ستذهب إلى جنيف في حال عقد المؤتمر في 22 يناير، وهي محملة بآمال الشعب السوري وتوصيات الرئيس بشار الأسد بما يرسم مستقبل سوريا الواعد»، مجددا تأكيد وزير الخارجية، وليد المعلم، أن «كل من يعتقد أن الوفد السوري ذاهب إلى المؤتمر الدولي حول سوريا ليسلم السلطة إلى الآخرين، فهو واهم». وتابع: «نحن منفتحون على كل ما يمكن أن يطرح على طاولة الحوار (...)، لكن لن نتخذ أي قرار يتنافى مع طموحات الشعب السوري، وكل ما يطرح على طاولة الحوار في (جنيف 2) سيعرض على استفتاء، لأن الشعب السوري هو صاحب الحق في رسم مستقبله السياسي».

وجاءت تصريحات الحلقي بموازاة تأكيد مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين أن «الدعوات لحضور مؤتمر (جنيف 2) لم ترسل كما كان محددا نتيجة تعثر تأليف وفد يمثل المعارضة، علما بأن المهلة الأخيرة لإعلان الوفدين السوريين المشاركين في المؤتمر الدولي كانت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي». وقال المصدر لصحيفة «الوطن» السورية، إن دمشق «أرسلت منذ مدة أسماء وفدها المشارك، وسيترأسه وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، وهي ماضية في تحضيراتها واستعداداتها لحضور المؤتمر» الذي سيعقد في مدينة مونترو السويسرية.

وبينما كان الأمين العام للأمم المتحدة يحدد الموعد، كانت المعارضة السورية تعلن أن قرارها النهائي من المشاركة، سيتحدد في جلسة الائتلاف المقررة في الأسبوع الأول من عام 2014. وأكد الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري وعضو الائتلاف، عبد الباسط سيدا، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار النهائي للمشاركة لم يتخذ بعد، رغم أن الائتلاف أعلن مواقفه المبدئية على مشاركة مشروطة في أي لقاء دولي يرمي إلى معالجة الأزمة السورية سياسيا». وأوضح سيدا أن القرار المبدئي الذي اتخذه الائتلاف «استند إلى الوثائق الدولية الصادرة على الأمم المتحدة، واجتماع لندن واجتماع وزراء الخارجية العرب، التي تنص على أن (الرئيس السوري) بشار الأسد ومجموعته لا دور لهم في العملية الانتقالية»، فضلا عن «ضرورة إيصال المساعدات إلى المحاصرين ووقف القتل في البلاد». وأشار سيدا إلى أن وفد المعارضة، إذا كان هناك قرار بالمشاركة، «سيتألف من شخصيات في الائتلاف بشكل أساس، فضلا عن مشاركة شخصيات معارضة أخرى».

ولم تعلن المعارضة السورية بعد من سيمثلها في المؤتمر الذي سيشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة وممثلون عن الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وسط توقعات بأن يمنع التصعيد العسكري الذي يلجأ إليه النظام في الآونة الأخيرة، المعارضة من المشاركة في المؤتمر.

ويوضح سيدا أنه «بعد القصف المستمر في حلب وتضييق الحصار على مناطق سوريا أخرى، إلى جانب الموقف الدولي السلبي، إن لم نقل العاجز عن التأثير في النظام، قد تدفع المعارضة للاعتكاف عن المشاركة»، مشيرا إلى أن «تلك الإشارات، هي بوادر غير مشجعة على المشاركة»، لافتا إلى أن «هناك اتصالات مع القوى الميدانية والأصدقاء والأشقاء تسبق حوارا مع المكونات الأخرى للمشاركة».

ويأتي ذلك وسط تباينات بين قوى المعارضة على المشاركة، إذ ترى بعض مكونات المعارضة المسلحة في الداخل أن المجتمع الدولي «غير جدي في معالجة الأزمة، كونه يديرها ولا يقدم خطوات للحل».

وأكد سيدا أن لا مشاركة من غير موافقة القوى الثورية في الداخل، قائلا: «لا يمكن أن نتوجه إلى أي لقاء يستهدف الحل، من غير وجود تنسيق كامل مع القوى العسكرية في الداخل».

دوليا، لم تتفق القوى المؤيدة للمؤتمر على دعوة إيران للمشاركة فيه، بسبب اعتراض الولايات المتحدة على مشاركتها، علما بأن دمشق أعلنت قبل يومين تمسكها بمشاركة إيران، حليفها الإقليمي الأقوى. سيحضر «جنيف 2» ممثلون عن الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي والجزائر والبرازيل وكندا والدنمارك ومصر وألمانيا والهند وإندونيسيا والعراق وإيطاليا واليابان والأردن والكويت ولبنان والمغرب والنرويج وسلطنة عمان وقطر والسعودية وجنوب أفريقيا وإسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا والإمارات العربية المتحدة.