رفع الجهوزية الأمنية في جميع مناطق لبنان.. والسفارة الأميركية حذرت رعاياها

أنباء عن توقيف زعيم «كتائب عبد الله عزام»

رجال أمن لبنانيون أمس في موقع الانفجار الذي اودى بحياة وزير المالية السابق محمد شطح ومرافقه وستة ضحايا (أ.ف.ب)
TT

اطلع الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس من وزير الدفاع فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي على تفاصيل ما حصل في بلدة عرسال البقاعية على الحدود مع سوريا، على خلفية تصدي الجيش اللبناني بمضادات أرضية لطائرات سورية أغارت لأربع مرات على عرسال.

وطلب سليمان من قيادة الجيش اللبناني «مواصلة الجهد لضبط الأوضاع على الحدود وفقا لما تقتضيه القوانين والتعليمات المرعية والسياسة العامة للدولة»، في وقت شهدت فيه الحدود الجنوبية مع إسرائيل أمس حالة استنفار بعد اجتياز قوة إسرائيلية مؤللة قوامها 3 دبابات ميركافا، الشريط الشائك وعبرت إلى تخوم الخط التقني في وادي قطمون مقابل بلدة رميش الجنوبية، حيث سيرت دورية في المكان.

ويأتي هذا الخرق الجديد للسيادة اللبنانية بعد ثلاثة أيام على إطلاق مجهولين من جنوب لبنان صاروخين باتجاه إسرائيل، التي ردت بقصف جرود عدد من البلدات الجنوبية في منطقة العرقوب المحاذية لحدودها بعشرات القذائف، محملة الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصاروخين.

وكانت القوات الإسرائيلية عملت نهاية الأسبوع الماضي على جرف طريقة ترابية في المكان المذكور بين الشريط الشائك الإسرائيلي والخط التقني، وقامت بصيانة جهاز وكاميرا مراقبة كانت قد نصبتها عند الشريط الشائك.

في موازاة ذلك، ورغم تعزيزها وجود وحداتها في المناطق اللبنانية، وتحديدا في بيروت، إثر اغتيال وزير المالية السابق محمد شطح ومرافقه وستة ضحايا أبرياء، يوم الجمعة الماضي بوسط بيروت، أعلنت قيادة الجيش اللبناني أمس رفع جهوزية وحداتها العملانية في مختلف المناطق واتخذت سلسلة تدابير أمنية مشددة للحفاظ على أرواح المواطنين، ومكافحة جرائم السرقة والسطو على الممتلكات العامة والخاصة والمخالفات على أنواعها، وفق ما ورد في بيان صادر عنها. وتزامن رفع جهوزية الجيش عشية الاحتفال بعيد رأس السنة مع توجيه السفارة الأميركية في بيروت رسالة تحذير من الحكومة الأميركية إلى رعاياها في لبنان، دعتهم فيه إلى «اتخاذ أقصى درجات الحذر خلال الأسبوعين المقبلين، وإلى تجنب ارتياد الفنادق أو مواقع النشاطات العامة أو الاجتماعية، التي اعتادوا التجمع فيها، باعتبار أن هذه المواقع تبقى أهدافا للهجمات الإرهابية، أقله في المدى القصير».

وغالبا ما تصدر السفارات الأجنبية، لا سيما الأميركية، تحذيرات روتينية مماثلة لرعاياها بعد كل حدث أمني في لبنان. وحثت السفارة الأميركية المواطنين الأميركيين على «تجنب السفر إلى لبنان نظرا لاعتبارات الأمن والسلامة». وقالت إنه «على مواطنيها المقيمين والعاملين في لبنان أن يدركوا أنهم يتحملون مسؤولية المخاطر المترتبة على بقائهم وعليهم أن يأخذوا تلك المخاطر بعين الاعتبار».

وأشارت السفارة، في البيان الذي أرسلته إلى رعاياها وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن «قدرة الحكومة الأميركية على الوصول إليهم وتوفير خدمات الطوارئ قد تكون محدودة»، مناشدة «مواطنيها القادمين إلى لبنان أو المقيمين فيه تحديث بياناتهم الشخصية على موقع السفارة من أجل تسهيل التواصل معهم في حالات الطوارئ».

وكانت الزحمة المعهودة غابت أمس عن شوارع بيروت، فيما حفلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وتغريدات، أجمعت معظمها على قضاء سهرة العيد في المنزل، بسبب أجواء الحذر الأمنية وبعد أن أفسد التوتر السياسي الكثير من خطط الاحتفال بقدوم العام الجديد في لبنان، حيث فقد كثيرون الرغبة في الخروج والسهر.

وفي سياق متصل، دعت قيادة الجيش اللبنانيين إلى «عدم إطلاق النار ابتهاجا بحلول رأس السنة الجديدة، حفاظا على السلامة العامة، وإنفاذا للقوانين المرعية الإجراء»، مشددة على أن «أي مخالفة في هذا الشأن سوف تعرض مرتكبيها للدهم والتوقيف والملاحقة القانونية».

وذكرت قيادة الجيش اللبنانيين «بالقرار رقم 8601 الصادر عن وزير الدفاع الوطني الأسبوع الماضي، والقاضي بوقف العمل بتراخيص حمل الأسلحة (الصفة الخاصة والحيازة والاقتناء) على الأراضي اللبنانية كافة حتى إشعار آخر، باستثناء التراخيص الممنوحة لذوي الصفة الدبلوماسية ومرافقي الوزراء والنواب الحاليين والسابقين ورؤساء الأحزاب والطوائف الدينية عندما يكونون برفقة الشخصية المعنية فقط».

وأعرب عدد من القيمين على القطاع الفندقي والسياحي في لبنان عن خيبة أملهم من انعكاس الضربات الأمنية المتكررة، وآخرها اغتيال شطح، على عمل مؤسساتهم خلال موسم الأعياد، علما بأنهم سبق واشتكوا من تدهور الحركة، إذ اقتصرت حركة القدوم إلى لبنان في الأسبوعين الأخيرين على المغتربين الذين يعملون في دول الجوار، من دون أي حركة سياحية.

وأجمع عدد من مديري المقاهي والمطاعم عن تراجع حركة الحجوزات لسهرة رأس السنة منذ اغتيال شطح. ونقلت وكالة «رويترز» عن آلان خالد، مدير مطعم ببيروت، قوله إن «80 في المائة من الحجوزات ليلة رأس السنة ألغيت منذ يوم الجمعة الماضي».

إلى ذلك، ذكرت تقارير تلفزيونية لبنانية، أمس، أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أوقفت قبل أسبوع في بيروت زعيم «كتائب عبد الله عزام» ماجد الماجد، وهو أبرز المطلوبين في السعودية بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة.

وأكدت معلومات لقناة «إل بي سي» اللبنانية، أن الماجد كان خلال السنوات الماضية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا بجنوب لبنان، مشيرة إلى أنه «غادر قبل أشهر المخيم متوجها إلى سوريا حيث بايع أمير (جبهة النصرة) أبو محمد الجولاني»، لافتة إلى أن الماجد هو أمير «كتائب عبد الله عزام في بلاد الشام» ومطلوب في الولايات المتحدة بتهمة الإرهاب، ويعد حاليا قائدا بارزا في تنظيم القاعدة.

وخرج اسم الماجد إلى التداول على نطاق واسع، بعد تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اللذين تبنتهما «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بـ«القاعدة»، تحت اسم «غزوة السفارة الإيرانية»، وأسفرا عن مقتل 23 شخصا بينهم الملحق الثقافي في السفارة.

وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استهدف انتحاريان حاجزين للجيش اللبناني في صيدا، أولهما على حاجز الأولي (مدخل صيدا الشمالي) حين اندفع انتحاري باتجاه عسكري شاهرا قنبلة يدوية، فبادره الأخير على الفور بإطلاق النار، مما أدى إلى انفجار القنبلة ومقتل الشخص على الفور، وجرح عسكريين اثنين من عناصر الحاجز، فيما تمكن مرافقان للانتحاري من الفرار إلى جهة مجهولة.

وذكرت تقارير آنذاك أن هذا الانتحاري اندفع باتجاه الحاجز، بعدما أوقف عناصره سيارة تسبقه كان يوجد فيها ماجد الماجد، فآثر شغل عناصر الحاجز بالقنبلة كي تتمكن السيارة التي يوجد فيها الماجد من الفرار. لكن مصدرا أمنيا، نفى لـ«الشرق الأوسط» آنذاك تلك المعلومة، قائلا إن الماجد لم يكن في السيارة الأولى.

وكانت معلومات ذكرت أن ماجد بن محمد الماجد، أمير «كتائب عبد الله عزام في بلاد الشام»، هاجر من عين الحلوة إلى سوريا أواخر مارس (آذار) 2013، على رأس ناشطين من الجماعتين، بهدف «إزاحة أبو محمد الجولاني عن إمارة (جبهة النصرة)، وتنصيب نفسه أميرا عليها»، مشيرة إلى أن قسما كبيرا من مرافقيه «انقلبوا عليه في سوريا وانضموا إلى الجولاني، فعاد أدراجه إلى المخيم».

غير أن فعاليات مخيم عين الحلوة تؤكد أن الماجد لم يكن معروفا بالنسبة إليهم. وأكد القيادي الفلسطيني في المخيم، اللواء منير المقدح لـ«الشرق الأوسط» أن معلومات كانت تتحدث عن لجوء الماجد إلى المخيم، لكنها لم تكن مؤكدة، مشيرا إلى أن المعلومات قالت إنه خرج من المخيم قبل عامين إلى سوريا.