المصريون يودعون «الرقم 13» ويتفاءلون بالعام الجديد

يفضلون انتخاب «الرئيس» قبل البرلمان.. ويتشبثون بالعمل في مواجهة الإرهاب

TT

«هو عام عنف وإرهاب. البلد دخلت في حارة سد، لكن الحمد لله ربنا فرجها».. يبتسم أبو عطية الرجل الستيني وهو يوزع أطباق الطعام الساخن على زبائنه وسط القاهرة، ويتابع قائلا: «ثلاث سنوات ونحن نحاول أن نخرج من هذا الحال الكئيب.. منذ 25 يناير 2011 ونحن نعيش مشهدا واحدا معتما يتكرر كل يوم».

يتمايل أبو عطية بجسده وأطباق الفول والطعمية الساخنة تتراقص في يديه، وهو ينادي على الزبائن المتحلقين حول عربة الفول؛ رأسماله الوحيد ومصدر رزقه قائلا: «صباح الفل، كلوا وافرحوا وغنوا، إحنا كنسنا (الإخوان)، وبعون الله سنكنس إرهابهم». يرد عليه أحدهم قائلا: «يا عم خلاص (الإخوان) تعيش أنت.. بح (انتهى)». وبحماس شديد يتجاوب أحد الزبائن مع أصداء حديث أبو عطية قائلا: «أنا سآخذ العيال وأمهم، نتمشى على النيل في المساء، نلبس طرابيش، ونأكل حمص الشام، ونركب مركب في النيل، ونفرح بالعام الجديد». يتابع الرجل بنبرة متفائلة: «إحنا خلاص ودعنا عام النحس، وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح، سنقول (نعم) للدستور الجديد، بعدها سننتخب رئيسنا، ثم البرلمان.. العجلة ستمشي.. البلد مليانة خير بس لازم نعمل ونجتهد».

يشاركه أحد الشباب قائلا: «معك حق 2013 كانت سنة لقيطة.. (الإخوان) ضحكوا علينا وتزوجوا مصر، أوهمونا أن هذا الزواج شرعي، لكنه في الحقيقة كان زواجا بالغصب والإكراه.. (الرئيس السابق محمد) مرسي هو ثمرة لعلاقات آثمة وشريرة، للأسف شاركت فيها مع (الإخوان) أغلب القوى السياسية».

كلام الشاب يبدو مستفزا، وقبل أن تسأله عن السبب يقول: «أنا اسمي أحمد، أحب بلدي وأعشق ترابها، أنا مثقف خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، شاركت في كل المظاهرات المناهضة لحكم مبارك والحكم العسكري و(الإخوان).. أفهم تفاصيل اللعبة، صدقني التخلص من (الإخوان) كان بمثابة معجزة.. الشعب المصري فعلها، ولا يزال لديه كثير من المعجزات». هذا الجو المتناثر على عربة الفول الصباحية، يتكرر بدرجات متفاوتة على طاولات المقاهي، وفي تجمعات المواطنين في المترو والحافلات العامة في العاصمة المزدحمة، لكن الملاحظ أنه أصبح يخلو من المشاجرات والاحتقان بين المواطنين، ومن ينتمون أو يتعاطفون مع «الإخوان»، خاصة بعد إقرار قانون التظاهر، ووقوع أكثر من حادث تفجير إرهابي، كان أعنفها حادث تفجير مديرية أمن محافظة الدقهلية شمال القاهرة منذ أكثر من أسبوع، وسقوط قتلى ومصابين، وهو الحادث الذي دفع الحكومة لإصدار قرار بإعلان جماعة الإخوان (منظمة إرهابية)».

ومثلما يقول الأسطى ربيع، وهو نجار «أويما» (الحفر على الأثاث): «عشنا عاما ثقيلا ومرا العام الماضي، لكن مع رجوع الأمن بقوة ويقظة الجيش، البلد بدأ يهدأ. أنا مع انتخابات الرئاسة أولا بعد الاستفتاء على الدستور. نريد رئيسا منتخبا بإرادة الشعب، مع احترامي الكامل للرئيس المؤقت عدلي منصور.. نحن - المصريين - لا بد أن يكون لنا كبير، يحكم بيننا، ونرجع إليه في كل صغيرة وكبيرة، تخص حياتنا ومصلحة البلد».

وحين تسأله وهو يستريح ويدخن الأرجيلة: «من هو الرئيس الذي تريده، ومن يصلح لهذا المنصب في هذا التوقيت الصعب؟»، يلملم شظايا النار في الأرجيلة، وعلى «كركرة» الدخان، قال: «ليس هناك من هو أصلح لتولي هذا المنصب من الفريق أول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، رجل وطني مخلص، كلنا نحبه.. ليته يوافق».

على الطاولة المقابلة بالمقهى الشعبي بحي الكيت كات قرب النيل يفاجئك أحد الجلوس: «باين عليك صحافي يا أستاذ.. أنا عاوز أقول كلمتين». ثم ينبري قائلا: «(الإخوان) استولوا على ثورة 25 يناير، وحولوا البلد إلى عزبة لهم، لكن الشعب البطل نظف ثورته، واستعادها في 30 يونيو (حزيران) الماضي. لكن مع ذلك أرى أن الفساد ما زال يعشش في أركان كثيرة، أنا لست مرتاحا لقرار الحكومة باعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، لأنهم في النهاية مصريون ضلوا الطريق، كان لازم نصلحهم، ونحطهم في الطريق الصح، ولو بالقوة، هذا القرار خلق ثأرا في النفوس. (الإخوان) أذرعهم كالأخطبوط (برة وجوة) والإرهاب لن يتوقف.. ربنا يستر علينا». ثم أردف: «لا تنسَ اسمي.. صالح عبد الرحيم، عامل نسيج، وأحب شغلي ومصر».

وعلى طريقتها الخاصة تحتفل سارة، وهي صحافية شابة بالعام الجديد قائلة: «2013 عام كابوسي، لكن ها نحن نودعه بأفراحه وأحزانه.. سعيدة لأني وسط كل هذا تزوجت وانتقلت لعش الزوجية، وسوف أكون أكثر سعادة، بعودة كل مؤسسات المجتمع للعمل بروح جديدة».