لبنان: سيارة مفخخة تخرق أمن «الضاحية».. وترجيحات بعمل انتحاري

انفجرت في شارع يتوسط موقعي تفجيرين سابقين ويضم مقر مجلس حزب الله السياسي > أربعة قتلى وأكثر من 70 جريحا

مسلح من حزب الله في موقع التفجير بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ب)
TT

تلقت الساحة اللبنانية صفعة أمنية جديدة أمس بانفجار سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت، على مسافة مائتي متر من مقر المجلس السياسي التابع لحزب الله، بعد أسبوع على تفجير استهدف موكب الوزير اللبناني الأسبق والقيادي في تيار المستقبل، محمد شطح بوسط العاصمة بيروت.

وهز انفجار أمس الشارع العريض بمنطقة حارة حريك، عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، خلال وقت الذروة، أدى إلى مقتل اربعة أشخاص، بينهم جثة متفحمة تعود لسيدة، وجرح أكثر من خمسة وسبعين آخرين، على الأقل. وذكر شهود عيان أن السيارة ركنت كصف ثان في شارع تجاري ويشهد اكتظاظا دائما نظرا لتواجد سوق تجارية وعدد من المطاعم ومصرف فيه. واخترقت السيارة التدابير الأمنية المشددة التي يتخذها حزب الله في المنطقة، كونها تعد منطقة حساسة أمنيا وتضم مقر المجلس السياسي لحزب الله الذي يرأسه السيد هاشم صفي الدين، ابن خالة أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أمس أنه «بنتيجة الكشف الأولي للخبراء العسكريين المختصين على موقع الانفجار، تبين أنه ناجم عن كمية من المتفجرات زنة نحو 20 كلغم موزعة داخل سيارة رباعية الدفع من نوع جيب غراند شيروكي، زيتية اللون، من طراز 1993 ويجري التحقق من وسيلة التفجير المستخدمة»، في حين نقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر في حزب الله قوله «إنه عثر على أشلاء بشرية بين الحطام، ما يشير إلى احتمالية أن يكون منفذ الهجوم انتحاريا».

ولم تستبعد مصادر قضائية فرضية وجود انتحاري، بعد العثور على أشلاء بشرية داخل السيارة، ما دفع بمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إلى تكليف طبيب شرعي بأخذ عينات من الأشلاء لإجراء فحوصات للحمض النووي. فيما رجح وزير الداخلية مروان شربل «وجود انتحاري داخل السيارة»، قائلا: «لا إثباتات لدينا عن هذه الفرضية، إنما أرجح ذلك».

وكانت تقارير إعلامية نقلت عن مصادر أمنية قولها إنه «سبق للجيش اللبناني أن عمم مواصفات السيارة على أنها قد تكون مفخخة قبل 10 أيام».

ويأتي هذا الانفجار بعد سلسلة تحذيرات أمنية من وقوع تفجيرات مماثلة على إيقاع الأزمة السورية، التي يشارك حزب الله بالقتال فيها إلى جانب القوات النظامية. واهتزت الضاحية الجنوبية لبيروت ست مرات بخروقات أمنية أعقبت إعلان حزب الله رسميا عن مشاركته في القتال بسوريا، علما بأن 3 تفجيرات رئيسية وقعت في منطقة دائرية في عمق الضاحية، بحيث إن تفجير الأمس حصل في منطقة وسطية بين تفجيري بئر العبد في يوليو (تموز) الماضي والرويس في أغسطس (آب) الماضي.

وتأتي هذه العملية بعد يومين من الكشف عن توقيف ماجد الماجد، أمير تنظيم «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وهو التنظيم الذي تبنى تفجيرين انتحاريين استهدفا السفارة الإيرانية في محلة بئر حسن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويبعد موقع التفجير أمتارا قليلة عن مبنى تلفزيون المنار التابع لحزب الله الذي دمرته إسرائيل في حرب يوليو 2006. وكان حزب الله، وبعدما ضربت موجة التفجيرات الضاحية، أقفل الشارع المؤدي إلى مبنى المنار، وأقام عناصره حاجزا حديديا كبيرا على مدخل مبنى التلفزيون، ووضع عوائق إسمنتية كبيرة تمنع التوقف أمامه. كما عزز إجراءاته الأمنية على مدخله بشكل مكثف قبل أسبوعين، وفق ما أكده شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، وذلك في إطار إجراءات اتخذها لحماية مواقعه السياسية ومراكزه الخدماتية بعد التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت في 19 نوفمبر الماضي.

وتعد منطقة حارة حريك، معقل حزب الله، وتضم مقرات أمنية وسياسية ودينية له. ويلاصق الشارع العريض الذي وقع فيه التفجير، من الجهة الجنوبية، منطقة كانت تعرف في السابق بالمربع الأمني الذي دمرته إسرائيل في عام 2006. وشهدت المنطقة تدابير استثنائية بعد تفجير الرويس الذي يبعد مائتي متر عن موقع التفجير الجديد، أبرزها إقفال طرقات وشوارع فرعية، ونصب عوائق حديدية في الشوارع، ما يمنع وقوف السيارات على ناصية الشارع، رغم أنها منطقة تجارية تشهد اكتظاظا دائما. ولا يبعد الشارع أكثر من 300 متر عن مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين الذي نفذت القوى الأمنية اللبنانية تدابير أمنية بمحيطه.

وإثر وقوع الانفجار، سطر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر استنابات قضائية إلى كل من الشرطة العسكرية، ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني، والأدلة الجنائية، وقسم المباحث الجنائية المركزية، لمعاينة مكان الانفجار وإجراء التحقيقات الأولية وجمع الأدلة وكل المعلومات عن السيارة المفخخة وواضعيها والمشتركين والمتدخلين والمحرضين، إضافة إلى جمع كاميرات المراقبة في مكان الانفجار ومحيطه وتحليلها، توصلا إلى معرفة الفاعلين وكشف الملابسات.

ودعا الأمين العام للجنة الوطنية للكوارث الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، إثر اجتماع طارئ عقد في السراي الحكومي، لمتابعة مستجدات انفجار حارة حريك: «المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والابتعاد عن مكان الانفجار». وكانت القوى الأمنية وعناصر أمن حزب الله ضربت طوقا أمنيا حول مكان الانفجار وأبعدت المواطنين خشية من وجود سيارة مفخخة ثانية».