المالكي يهاجم منتقدي العمليات العسكرية ضد «داعش» في محافظة الأنبار

اتهم ساسة بـ«دعم القاعدة».. ومصادر عشائرية تعلن قرب انتهاء المعركة

أفراد عائلة نازحة من الفلوجة في أربيل أمس (رويترز)
TT

بينما توقع أحد شيوخ العشائر التي تتولى مقاتلة مسلحي «داعش» في الأنبار نهاية وشيكة للحرب هناك، فإن مجلس المحافظة خطا إلى ما هو أبعد من ذلك عندما صوت أمس على تعيين قائمقام جديد لقضاء الفلوجة وقائد للشرطة، بعد نحو أسبوعين من الحصار الذي تشهده المدينة على أثر دخول أعداد كبيرة من المسلحين إليها قاموا بطرد الشرطة واستولوا على معظم الدوائر الحكومية هناك.

وقال مصدر في مجلس محافظة الأنبار إن المجلس صوت خلال جلسته التي عقدت أمس بالأغلبية على «تعيين زبار عبد الهادي العرسان قائمقام لقضاء الفلوجة». كما صوت المجلس على «تعيين العقيد محمد عليوي العيساوي قائدا لشرطة الفلوجة».

في غضون ذلك، بدأ النازحون من الفلوجة في العودة تدريجيا إلى مدينتهم، وفتحت معظم المحال التجارية أبوابها في الفلوجة، فيما علقت الحكومة العمليات الأمنية في محيط المدينة إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت طوال الليلة قبل الماضية، مما أدى إلى تقييد حركة الطيران والشاحنات. وما زال مسلحون من العشائر وآخرون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) يسيطرون على الفلوجة، فيما ينتشر آخرون من التنظيم ذاته في وسط وجنوب مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار، وفقا لمصادر أمنية ومحلية. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن مدخل الفلوجة من جهة بغداد ازدحم بسيارات العائلات العائدة، بعدما فرت قبل أيام.

من جهتها، أعلنت دائرة صحة الأنبار أن عدد ضحايا العمليات العسكرية والقتال الذي دار في محافظة الأنبار بلغ 60 قتيلا و297 جريحا حتى نهاية الأسبوع الماضي. وقال مصدر في تصريح صحافي إن «عدد قتلى العمليات العسكرية في مدينة الرمادي وحدها بلغ 43 شخصا، فيما بلغ عدد الجرحى 166 شخصا آخرين»، مشيرا إلى أن «إحصائية مستشفى الفلوجة أكدت مقتل 17 شخصا وإصابة 132 آخرين نتيجة الأعمال العسكرية التي دارت في المدينة منذ بداية القتال وحتى نهاية الأسبوع الماضي».

وحول آخر تطورات الوضع الميداني، قال الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد في الرمادي وأحد الشيوخ الذين تشهد مناطقهم قتالا مع «القاعدة» وتنظيمات الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمليات العسكرية من قبل مقاتلي العشائر ورجال الشرطة بمساعدة الجيش مستمرة في منطقة البوبالي خارج مدينة الرمادي، فضلا عن أحياء داخل المدينة مثل منطقة الملعب وشارع 60». وتوقع الفهداوي أن «القتال لن يستمر طويلا، لأن رجال العشائر والجيش نجحوا إلى حد كبير في فرض طوق أمني على هؤلاء المسلحين، فضلا عن تكبيدهم خسائر فادحة، وهو ما جعلهم في حالة تقهقر مستمر».

وردا على سؤال بشأن الصفحة الثانية بعد قتال «داعش»، وكيف يمكن أن يكون موقف رجال العشائر، قال الفهداوي إن «الحاجة باتت ماسة الآن إلى حل سياسي لما نعانيه وليس حلا عسكريا أو أمنيا، وهو ما يجعل الحكومة أمام مسؤولية تنفيذ مطالب المعتصمين التي هي ربما مطالب تخص كل العراقيين»، مشددا على أهمية إعادة النظر في «ملف الاجتثاث والتوازن والعفو العام والمخبر السري والمادة 4 إرهاب، وغيرها من القضايا التي أدت إلى تأزم الأوضاع».

من جانبه، هاجم نوري المالكي، رئيس الوزراء، منتقدي العمليات العسكرية ضد «الإرهاب»، ودعاهم إلى «دعم العمليات كونها الفتح الذي من دونه لن يستقر العراق». وقال المالكي في كلمة خلال احتفالية لائتلاف الوفاء العراقي وتحالف قوى الانتفاضة في العراق أقيمت في بغداد، أمس، إنه «على السياسيين دعم الجيش في حربه ضد الإرهاب، وليعلموا أن هذا الدعم هو الفتح الذي ينتظرونه، ومن دونه لا يمكن للعراق أن يحقق الاستقرار». ووصف المالكي من يعدون «ضرب الإرهابيين عملا طائفيا بالوباء الكبير»، عادا الطعن في «الجيش ظاهرة خطيرة»، متهما في الوقت ذاته «بعض السياسيين بالوقوف خلف (القاعدة) من حيث لا يشعرون»، محذرا من أن «كل من غرس غرسا خبيثا أو قدم الدعم لهذه المنظمات الإرهابية ومن أشاع الفتنة الطائفية ومن لا يقف موقفا شريفا سيكون حطبا في هذه النار وغير مأسوف عليه إذا يحترق». ويأتي خطاب المالكي بالتزامن مع الدعم الذي حظيت به العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش العراقي من قبل مجلس الأمن الدولي الذي دعا القادة العراقيين إلى الجلوس على مائدة الحوار لحل المشاكل العالقة. وفي هذا السياق، أكدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أن «الأهم في هذا الأمر هو أن نتفق كعراقيين على جملة أمور أساسية تتعلق بالسلم الأهلي وتخطي الأزمات الراهنة». وقالت صفية السهيل، عضو لجنة العلاقات الخارجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الدعم الذي عبر عنه مجلس الأمن الدولي يجب أن يكون حافزا لنا كقيادات عراقيين في العمل على خلق أجواء حقيقية للمصالحة الوطنية، شريطة أن تتوافر الإرادة السياسية القادرة على مناقشة القضايا المختلف عليها بروح وطنية». وأشارت إلى أن «الحلول الأمنية والعسكرية لن تكون كافية، وبالتالي فإن معيار النجاح هو بناء الثقة بين الأطراف السياسية ونقلها إلى المجتمع حتى يتكون لدينا السلم الأهلي والمجتمعي بشكل سليم وناضج».