أولى جلسات المحكمة الدولية تبدأ الخميس.. والمتهمون متوارون عن الأنظار

جلسة تمهيدية اليوم تبحث ضم قضية مرعي إلى قضية عياش وآخرين

TT

تعقد غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والمكلفة النظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورفاقه، جلسة تمهيدية اليوم للاستماع إلى الطلبات الأولية المُقدمة من الادعاء ومحامي الدفاع عن المتهم الخامس حسن حبيب مرعي، «بشأن احتمال ضم القضية المقدّمة ضدّ مرعي إلى قضية عياش وآخرين»، في إشارة إلى المتهمين الخمسة من حزب الله. ويأتي عقد هذه الجلسة عشية مباشرة المحكمة الدولية بعد غد الخميس، أولى جلسات محاكمة أربعة من خمسة عناصر ينتمون إلى حزب الله، متهمين بالضلوع في التفجير الذي أودى بالحريري و20 شخصا آخرين في 14 فبراير (شباط) 2005 بوسط بيروت، في حين لا يزال ملف المتهم الخامس (مرعي) في عهدة قاضي الإجراءات التمهيدية.

وأعلنت المحكمة الدولية، في بيان صادر عنها أمس، أن الجلسة «ستعالج مسائل إجرائية»، وستكون «علنية،» غير أنّ «القضاة قد يقرّرون تحويلها إلى جلسة سرية إذا دعت الحاجة إلى مناقشة مسائل تتّسم بطابع السريّة». وكان قاضي الإجراءات التمهيدية صدق نهاية يوليو (تموز) الماضي قرار الاتهام الذي قدّمه الادعاء بحق مرعي، لتصدر غرفة الدرجة الأولى في 20 ديسمبر (كانون الأول) قرارا بمحاكمة مرعي غيابيا، قبل أن يقدم الادعاء نهاية الشهر ذاته، إلى غرفة الدرجة الأولى الناظرة في قضية عياش وآخرين، طلبا بضم القضيّتين. وبحسب نص الاتهام، فإن مصطفى بدر الدين (52 عاما) وسليم عياش (50 عاما) مسؤولان عسكريان في حزب الله، دبرا ونفذا الخطة التي أدت إلى مقتل الحريري مع 22 شخصا آخرين، بينهم منفذ الاعتداء الذي أصيب بموجبه 226 شخصا.

أما العنصران الأمنيان حسين عنيسي (39 عاما) وأسد صبرا (37 عاما) فهما متهمان بتسجيل شريط فيديو مزيف تضمن تبني الجريمة باسم مجموعة وهمية أطلقت على نفسها «جماعة النصر والجهاد في بلاد الشام». وقاما بإيصال الشريط إلى قناة الجزيرة الفضائية القطرية. وتبدأ المحكمة الدولية عملها يومي الخميس والجمعة المقبلين، بعد مرور تسع سنوات على اغتيال الحريري ورفاقه، وسيبدأ الادعاء في تقديم عناصر الاتهام، فيما المتهمون متوارون عن الأنظار. ويعتزم الادعاء استدعاء ثمانية شهود بعد بيانه الافتتاحي ويريد التمكن من إثبات جرم المتهمين عبر الاتصالات بين عدة هواتف نقالة تخصهم.

وشكلت المحكمة، التي استهلت عملها مطلع مارس (آذار) 2009 في ضواحي لاهاي، موضع خلاف في لبنان، بين حزب الله وخصومه في قوى 14 آذار. ويعتبرها حزب الله «منحازة» لإسرائيل والولايات المتحدة وتسعى إلى استهدافه، في حين سبق لأمينه العام السيد حسن نصر الله أن أعلن أنه لن يسلم عناصر الحزب المتوارين عن الأنظار.

ويساهم لبنان في تمويل المحكمة الدولية، وهو موضوع خلافي أيضا، ساهم في سقوط حكومة الرئيس الأسبق سعد الحريري في يناير (كانون الثاني) 2011. وأعلنت وزارة المالية اللبنانية في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد ساعات على اغتيال وزير المال السابق محمد شطح تحويل حصة لبنان في تمويل المحكمة لعام 2013 وقدرها 29 مليون يورو.

ويعتبر محامي المتهم في حزب الله مصطفى بدر الدين أنطوان قرقماز أن الاعتداء «كان سياسيا وليس جريمة إرهابية دولية»، وفق ما نقلته عنه أمس وكالة الصحافة الفرنسية، مشددا على وجوب أن «يحاكم أمام محكمة وقضاة لبنانيين». ويوضح الخبير في القانون الدولي الأستاذ الجامعي أنطوان صفير لـ«الشرق الأوسط» أن «بدء المحكمة جلساتها يعني عمليا انتهاء مراحل التحقيق، من دون أن يعني ذلك أنه لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى الطلب إلى النيابة العامة إعادة تصويب أو تفسير أو التوسع في بعض النقاط». ويشير إلى أن «المحكمة ستبدأ بجلسات علنية في المرحلة الأولى، لكن هناك آلاف الأوراق ومئات الشهود ورأي الادعاء العام والمتضررين، ومن ثم رأي الدفاع»، لافتا إلى أنه «ولو كانت المحاكمة غيابية لكن هناك محامون للدفاع عن المتهمين سيستمع إليهم». ويتوقع صفير انطلاقا من هذا الواقع أن «الفترة المنتظرة للمحاكمات ليست بقصيرة إذ ستأخذ المحكمة وقتا كافيا لتطلع وتدرس التحقيقات والشهادات»، لافتا إلى أن «الجلسة الأولى ستكون افتتاحية تقنيا من دون الدخول في تفاصيل المحاكمات أو الأوراق المقدمة إليها أو القرار الاتهامي، إذ إن المحاكمة لن تنطلق إلا بعد تحضير الملفات وضم ملف المتهم الخامس»، في إشارة إلى مرعي.

وكانت المحكمة الخاصة بلبنان أنشئت عام 2007 بموجب أصدره مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع الملزم، للنظر في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه. وبدأت المحكمة عملها مارس (آذار) 2009 واتخذت مقرها في لايدسندام قرب لاهاي. ونص قرار إنشاء المحكمة على أن يعود لها «السلطة، في حال وجدت أن الاعتداءات التي وقعت في لبنان بين أكتوبر (تشرين الأول) 2004 وديسمبر (كانون الأول) 2005 أو أي تاريخ آخر يقرره الأطراف بموافقة مجلس الأمن، مرتبطة ببعضها، بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن هذه الاعتداءات أيضا»، في إشارة إلى سلسلة الاغتيالات التي أودت بتسع شخصيات لبنانية، آخرها الوزير السابق محمد شطح. واستندت المحكمة في «قواعد الإجراءات والإثبات» التي وضعتها، إلى أنظمة المحاكم الدولية الأخرى وإلى قانون العقوبات اللبناني. ويترتب على كل من الاتهام والدفاع جمع عناصر الإثبات غير أن قاضي الإجراءات التمهيدية يتولى النظر في القرارات الاتهامية وتأكيدها. كما يمكن للقاضي بطلب من الادعاء إصدار مذكرات توقيف أو دعوات للمثول، علما أن العقوبة القصوى المسموح بها، بموجب نظام المحكمة، هي السجن مدى الحياة. كما يمكن للمحكمة إجراء محاكمات غيابية، في ظل بعض الشروط أبرزها أن تكون «اتخذت كل التدابير المعقولة لضمان مثول (المتهم) أمام المحكمة».