مليون قطعة سلاح في الأردن.. والإقبال يتزايد على خلفية الأزمة السورية

كانوا يحملونها «للتباهي» والآن لحماية أنفسهم.. وأسعارها ارتفعت إلى عشرة أضعاف

أردني يتفحص بندقية في محل لبيع الأسلحة النارية في العاصمة عمان (أ.ف.ب)
TT

أدى النزاع الدائر في الجارة الشمالية سوريا إلى إقبال الأردنيين الذين يخشون انتقال العنف إلى بلدهم، على شراء الأسلحة التي ارتفعت أسعارها إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه، في بلد فيه نحو مليون قطعة سلاح غير مرخصة.

وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية، فإن عدد قطع السلاح المرخصة في المملكة زاد على 120 ألفا، بينما قدرت إدارة المعلومات الجنائية العام الماضي عدد الأسلحة الموجودة في المملكة، التي يقارب عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، بنحو مليون قطعة.

ويقول أبو سمعان، (68 سنة)، الذي يملك معرضا لبيع الأسلحة والذخائر بوسط عمان، لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ تصاعد العنف في سوريا، أصبح الإقبال شديدا على شراء السلاح». وأضاف الرجل الذي كسا الشيب رأسه وهو يرتدي ملابس صيد مرقطة: «إن الجميع يتخوف من انتقال ما يحدث في سوريا إلى الأردن، ويحتاج لحماية نفسه وممتلكاته».

وأشار إلى «ارتفاع الطلب بشكل كبير، خصوصا على الأسلحة السريعة التي باتت غير متوافرة بكثرة، مما رفع أسعارها إلى عشرة أضعاف أحيانا».

وأوضح أبو سمعان الذي يعمل بتجارة السلاح منذ ستينات القرن الماضي، أن «سعر مسدس بروانينغ (بلجيكي) المعروف بباراشوت، مثلا، ارتفع من 200 دينار (282 دولارا) إلى نحو 1800 دينار (2540 دولارا). أما مسدس ستار تسعة ملم (إسباني)، فارتفع من 200 دينار إلى نحو 2000 دينار (2820 دولارا)، وبيريتا سبعة ملم (إيطالي) من 120 (169 دولارا) إلى 1000 دينار (1400 دولار)».

وقال مصدر أمني: «إن هناك 95 محلا ومؤسسة مرخصة لبيع الأسلحة والذخائر في المملكة، لكن تجار السلاح يصعب حصرهم، خصوصا مع نشاط عمليات تهريبه عبر الحدود بهدف التجارة».

أما الصياد رسمي العبد الله، (47 سنة)، الذي كان يشتري عتادا من أحد المحال في عمان ويتجهز لرحلة صيد، فيؤكد أن «أسعار العتاد أيضا ارتفعت بنسبة 100 في المائة عما كانت عليه قبل الأزمة السورية».

وأضاف: «الناس تأثروا بشكل كبير بما حصل في سوريا من مذابح ويتخوفون من انتقال العنف لبلدنا، لذلك يشعرون بالحاجة لاقتناء السلاح».

ويؤيده أبو عمر (52 سنة)، فيقول: «مئات الجهاديين في سوريا - إن لم يكن الآلاف، هم من الأردن، وإن انتصروا هناك وأعلنوا إمارة إسلامية أو فشلوا فسيعودون إلى هنا، ومشروعهم منذ الأزل إقامة دولة إسلامية في المنطقة».

ويشير الاثنان إلى أن تجارة السلاح المهرب باتت تجارة مربحة، في ظل ارتفاع أسعار السلاح وزيادة الطلب عليه. ويقول العبد الله: «إن بنادق بامب أكشن (خرطوش) ومسدسات تاكتيكال سبعة ملم المهربة غزت السوق شمال المملكة، نظرا لسعرها المنخفض مقارنة بأسلحة أخرى».

وتتراوح أسعار بندقية «بامب اكشن» التركية الأوتوماتيكية بين 300 دينار (نحو 423 دولارا) إلى 600 دينار (846 دولارا)، في حين ارتفع سعر بندقية «كلاشنيكوف» الروسية الشهيرة مثلا من 250 دينارا (353 دولارا) قبل عامين إلى أكثر من 3 آلاف دينار (4236 دولارا).

وأعلن حرس الحدود الأردني، الشهر الماضي، تصاعد عمليات التهريب وتسلل الأفراد بين الأردن وسوريا في الآونة الأخيرة بنسبة تصل إلى 300 في المائة، مشيرا إلى إحباط محاولات تهريب 900 قطعة سلاح مختلفة.

وتنظر محكمة أمن الدولة في عدة قضايا، يتهم فيها سوريون وأردنيون بمحاولات تهريب السلاح عبر الحدود بين سوريا والمملكة بالاتجاهين.

من جانبه، قال محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، إن «أزمة سوريا رتبت أعباء إضافية على الأردن، منها ما يتعلق بتهريب الأسلحة الخفيفة والمخدرات من سوريا». وأكد: «القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على جاهزية قصوى لمنع محاولات التهريب، وقد ضبط الكثير من المحاولات»، مشيرا إلى أن «الحكومة تتابع بدقة أي مظاهر غير قانونية لحيازة واستخدام الأسلحة، والأجهزة المعنية تعمل على تطبيق القوانين على المخالفين».

ويرى تاجر الأسلحة إبراهيم خليل أن «الأردني بات يبحث عن السلاح للحماية الشخصية وحماية ممتلكاته بعد أن كان يحمله للتباهي». ويضيف: «رغم ارتفاع الأسعار، هناك إقبال شديد. هناك خوف من المشهد في سوريا، يضاف إلى ارتفاع معدلات الجرائم والعنف محليا». وانضم الآلاف إلى مجموعات لها صفحات خاصة على موقع «فيس بوك»، بينها «أسلحة الأردن» و«أسلحة للبيع في الأردن»، تعرض صور أسلحة متنوعة للبيع، قد تقود حيازة إحداها، خصوصا الأوتوماتيكية منها، صاحبها إلى محكمة أمن الدولة بتهمة «حيازة سلاح أوتوماتيكي دون ترخيص قانوني».

وأشارت دراسة ميدانية حديثة للجمعية الأردنية للعلوم السياسية، نشرها موقع «خبرني» الإلكتروني الأسبوع الماضي، إلى أن نحو 24 في المائة من الأردنيين يملكون أسلحة.

ويقول أستاذ علم الاجتماع سري ناصران: «ما يحصل حولنا بالمجمل، وخصوصا في سوريا، أدى إلى شعور بعدم الأمان لدى الإنسان من ما يحصل، وهو لا يعرف ماذا يمكن أن يحصل». وأضاف: «الأردني يحمل السلاح ليدافع عن نفسه، والظاهر أنه لا توجد ثقة كاملة بأجهزة الأمن بأنها تستطيع تأمين حرية ممتلكات الفرد، وهذا سبب لاقتناء السلاح، خصوصا مع الأوضاع الاقتصادية التي فاقمت مشكلة السرقات التي باتت منتشرة إلى حد كبير». وقررت وزارة الداخلية في الخامس من الشهر الحالي وقف منح وتجديد رخص حمل الأسلحة، التي يستخدمها عادة كبار الشخصيات عامة.

وكانت الحكومة، التي أعربت عن قلقها من انتشار السلاح، أصدرت قرارا في أبريل (نيسان) الماضي بوقف منح تراخيص محلات الذخائر واستيراد الأسلحة ورخص حمل السلاح ووقف تراخيص شركات الأمن والحماية.