جيش جنوب السودان يعلن فقدانه الاتصال بقواته في ملكال بعد سيطرة المتمردين

الأمم المتحدة تتهم طرفي النزاع بارتكاب جرائم ضد المدنيين

TT

أكد المتمردون في جنوب السودان، بزعامة نائب الرئيس السابق رياك مشار، أمس سيطرتهم على ولاية أعالي النيل النفطية وعاصمتها ملكال بالكامل، وأعلنوا عن تقدمهم إلى جوبا من عدة محاور.. فيما اعترف جيش البلاد أنه فقد الاتصال بقيادة القوات في ثاني أكبر مدن الجنوب. ويأتي ذلك في وقت اتهمت فيه الأمم المتحدة طرفي النزاع في الدولة حديثة الاستقلال بارتكاب جرائم حرب، بينما يتخوف المراقبون من اتساع نطاق الحرب لتصبح إقليمية بعد دخول القوات الأوغندية في القتال لصالح حكومة الرئيس سلفا كير.

وقال المتحدث باسم المتمردين يوهانس موسيس فوك لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الموالية لمشار أصبحت تسيطر على أغلب مناطق أعالي النيل، بما فيها عاصمتها ملكال، منذ أول من أمس، وأن قواته طردت الجيش الحكومي من أجزاء كبيرة من الولاية الغنية بالنفط. مؤكدا أن قواته دخلت منطقة «عدرائيل»، التي بها بعض حقول النفط، وتتجه نحو مواقع الحقول الأخرى في «ملوط»، إلى جانب مدينة «الرنك» الاستراتيجية التي تقع على الحدود مع دولة السودان، وأضاف: «سيطرنا أيضا على مدينة كاكا التجارية وكدوك وفشودة»، وعد النفي المتكرر للحكومة في جوبا على تقدم قوات التمرد بأنها محاولة لرفع معنويات قواتها.

وقال فوك إن القوات أصبحت تحاصر جوبا عاصمة البلاد من عدة محاور، وإنها اشتبكت مع القوات الحكومية مدعومة من القوات الأوغندية في بلدة «منقلا» على الشمال من جوبا، مجددا دعوة مجموعته بسحب القوات الأوغندية من بلاده. وقال: «ظللنا نكرر أن القوات الأوغندية تحارب في جنوب السودان ولم يهتم أحد. والآن اعترف (الرئيس الأوغندي يوري) موسيفيني بنفسه، وهذا تدخل في شؤون دولة لها سيادتها.. وموسيفيني سيعد واحدا من مرتكبي الجرائم في جنوب السودان».

من جانبه، أوضح الناطق باسم الجيش الحكومي فيليب أقوير أن قواته في ملكال فقدت الاتصال مع جوبا منذ أمس، لكنه أكد إمكانية إعادة تنظيم القوات واستعادة المدينة والأماكن التي دخلتها قوات التمرد.

من جهة أخرى، اتهم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ايفان سيمونوفيتش، أطراف النزاع في جنوب السودان بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وما يشبه جرائم الحرب منذ اندلاع النزاع الدموي بين القوات الحكومية والمتمردين، مشيرا إلى أنه زار مدينتي بور عاصمة ولاية جونقلي وبانتيو عاصمة ولاية الوحدة النفطية.

وأفاد سيمونوفيتش من جوبا أمس، بأنه تحصل على تقارير من منظمات وطنية تفيد بأن هناك جرائم قتل جماعي مورست من قبل الطرفين، إلى جانب الاعتقال التعسفي وعلى أساس عرقي، وأن هناك استخداما للأطفال في الأعمال العسكرية من قبل الطرفين، وعمليات اغتصاب واختطاف وعنف جنسي، معلنا عن أن 92 محققا ينتشرون على الأرض، وقال: إن تقريرهم الأول سوف ينشر خلال أسبوعين.

وقال سيمونوفيتش إن مدينة بانتيو أصبحت مدينة أشباح، وإن أعمال الحريق والتدمير الكامل جعلت المواطنين يغادرون المدينة، وأضاف: «رأينا بين 15 و20 جثة متحللة في الشارع، وبدا أن المدنيين كانوا موثوقي الأيدي قبل قتلهم»، وعد أن تلك الجرائم ترتب عليها مآس إنسانية بالغة بفرار الآلاف من منازلهم واللجوء إلى مقار الأمم المتحدة في البلاد. وأوضح أن هناك أكثر من 70 ألف مواطن يطالبون الحماية في مقرات الأمم المتحدة، منهم 30 ألفا موجودون في معسكر البعثة الدولية في جوبا وحدها، وأن الأعداد متزايدة.

وأشار إلى أن الأزمة بدأت سياسية، في بادئ الأمر، لكنها سرعان ما أخذت البعد الإثني، داعيا إلى حل عاجل ومخاطبة المشكلة بأسرع ما يمكن، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة من طرفي النزاع، مناشدا القوى المدنية والدينية إلى تشكيل مفوضية تقوم بعملية المصالحة تضم مسؤولين حكوميين.

وقال المتحدث باسم المتمردين فوك إن الأمم المتحدة تريد أن تساوي بين الضحية والجلاد، وأضاف أن «ضحايا بور وبانتيو قتلوا برصاص الجيش الشعبي التابع لسلفا كير.. ولم يتحدث المسؤول الأممي عن ضحايا جوبا من المواطنين وصمت عن ذلك، في حين تحدثت عنها هيومان رايتس ووتش»، موضحا أن حركته لن ترد على الأمم المتحدة كتابة لأنها لم تخاطبهم رسميا. فيما لم يمكن الحصول أمس على رد من الحكومة على اتهامات البعثة الدولية.