سلسلة تفجيرات ضد شرطة القاهرة تسقط ستة قتلى وعشرات الجرحى

سيارة مفخخة استهدفت مديرية أمن العاصمة.. ودمرت «متحف الفن الإسلامي»

رجال شرطة يعاينون آثار الدمار الذي خلفه تفجير مديرية امن القاهرة امس (أ ب)
TT

سقط ستة قتلى وأصيب العشرات في مصر أمس، جراء ثلاثة تفجيرات استهدفت مديرية أمن القاهرة (بوسط العاصمة)، وسيارات للشرطة في حي الدقي (غرب القاهرة)، ودار سينما بحي الهرم السياحي، فيما لم يسفر انفجار رابع أمام قسم شرطة في شارع الهرم أيضا عن سقوط ضحايا، وذلك في سلسلة تفجيرات عرفتها العاصمة المصرية هي الأعنف منذ تفجير مديرية أمن الدقهلية بدلتا مصر نهاية الشهر الماضي.

واستهدف انفجار عنيف مديرية أمن القاهرة في حي عابدين بوسط القاهرة، صباح أمس، عشية احتفالات بعيد الشرطة وثورة 25 يناير، مما أسفر عن سقوط أربعة قتلى وإصابة 76 آخرين. وتسبب الانفجار الذي استخدمت فيه مواد متفجرة قدرت بنصف طن، بحسب مصادر أمنية، في تضرر متحف الفن الإسلامي المواجه للمبنى الأمني، ودار الوثائق القومية القريب منه.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «كاميرات المراقبة في محيط المكان أظهرت شاحنة بيضاء صغيرة أقلت ثلاثة أشخاص توقفت أمام المبنى المطل على شارع بورسعيد الحيوي بوسط القاهرة، وغادر منفذو العملية الثلاثة الشاحنة واستقلوا سيارة ملاكي سوداء كانت في انتظارهم، وما إن غادروا حتى وقع الانفجار الذي خلف حفرة بعمق نحو ثلاثة أمتار».

وأشار المصدر الأمني المسؤول إلى أن الطوابق الأربعة الأولى من مبنى مديرية الأمن تضررت بشدة، لكن الإجراءات الأمنية من حواجز ومتاريس في محيط المبنى، خففت من تأثير التفجير الذي وصلت موجته الانفجارية إلى مسافة تصل لنحو كيلومتر.

وأعلن تنظيم جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليته عن الحادث. وتأتي سلسلة التفجيرات بعد يوم واحد من استهداف كمين للشرطة في محافظة بني سويف شمال صعيد مصر، خلف خمسة قتلى برصاص مسلحين مجهولين. وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس عن مسؤوليتها عن تلك العملية أيضا.

وكان تنظيم أنصار بيت المقدس الإسلامي المتشدد الذي يتخذ من سيناء مركزا له قد أعلن في السابق مسؤوليته عن عدة عمليات أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم في سبتمبر (أيلول) الماضي، وتفجير مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة الشهر الماضي، الذي خلف 16 قتيلا.

وأعلنت الحكومة جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا عقب حادث المنصورة. وترفض جماعة الإخوان المسار السياسي الذي أعقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي منتصف العام الماضي. وتتعهد الجماعة بإسقاط ما تصفه بـ«الانقلاب العسكري»، عبر موجة ثورية جديدة تبدأ مع الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير التي تحل اليوم.

وقال محمد مصطفى وهو أحد شهود العيان لـ«الشرق الأوسط» أمس إن الانفجار الذي استهدف مديرية أمن القاهرة حطم زجاج نوافذ منزله الذي يقع على بعد نحو 500 متر من مركز التفجير، لافتا إلى أنه استيقظ في نحو السادسة والنصف صباحا على دوي الانفجار العنيف.

وأضاف مصطفى: «في طريقي إلى مبنى مديرية الأمن شاهدت العديد من واجهات المحال التجارية وقد تضررت، كانت فوضى حقيقية ودماء أمام المبنى، وشاهدت جنودا يبكون زملاءهم، فيما كانت أشلاء جثة مشوهة غارقة في الدماء أمام المبنى».

وقالت مؤسسة الرئاسة في بيان لها عقب الحادث، إن «مثل هذه الحوادث الإرهابية، التي تستهدف كسر إرادة المصريين لن تؤدي إلا إلى توحد إرادتهم، وحرصهم أكثر من أي وقت مضى على بلورة أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو المجيدتين، لتزيد من تصميم مصر دولة وشعبا على اجتثاث الإرهاب، ومن إصرارها على تنفيذ خارطة مستقبل الشعب المصري وإرادته».

وبينما تعهدت الرئاسة بالقصاص لشهداء ومصابي هذه الحوادث الإرهابية، قالت أيضا إنها لن تتردد في اتخاذ ما يلزم من إجراءات استثنائية للذود عن الوطن والحفاظ على أرواح أبنائه.

وقالت وزارة الآثار إن متحف الفن الإسلامي في منطقة باب الخلق، حيث وقع الانفجار، في قلب القاهرة التاريخية، تعرض للتدمير بالكامل، إثر التفجير الذي استهدف مديرية أمن القاهرة، وفي بيان صادر عن الوزارة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال وزير الآثار، محمد إبراهيم، إن «المتحف دمر بالكامل، ويحتاج إلى إعادة بناء من جديد، مشيرا إلى أن تحطم واجهات العرض الزجاجية نتج عنه تهشم العديد من المقتنيات».

وعززت قوات الأمن من وجودها في شوارع القاهرة. وأغلقت الشوارع المحيطة بقصر الاتحادية الرئاسي ووزارة الدفاع (شرق القاهرة)، ووزارة الداخلية (بوسط القاهرة).

وعقب نحو ساعتين من انفجار مديرية أمن القاهرة، استهدف تفجير آخر سيارات للشرطة في شارع التحرير بحي الدقي الذي يفضي إلى ميدان التحرير بقلب العاصمة. وقالت مصادر طبية إن قتيلا وتسعة جرحى سقطوا جراء التفجير الذي استخدمت فيه عبوة بدائية على الأرجح. وانفجرت عبوة ناسفة بدائية أمام دار سينما رادوبيس بشارع الهرم السياحي، وقال شاهد عيان إن العبوة زرعت بجوار مدخل دار السينما في طريق عودة قوات الأمن من مواجهات مع عناصر من جماعة الإخوان. وقال مصدر أمني إن قتيلا مدنيا سقط جراء الانفجار.كما انفجرت عبوة بدائية ثالثة في الجزيرة الوسطى من نهر الطريق أمام قسم شرطة الطالبية بشارع الهرم، وهي المنطقة التي تشهد منذ أسابيع اشتباكات دامية بين قوات الأمن ومتظاهرين ينتمون لجماعة الإخوان.

وقال مصدر أمني بقسم الطالبية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التفجير لم يسفر عن أي خسائر سواء في الأفراد أو المنشآت. لافتا إلى أن العبوة البدائية زرعت في لوحة إعلانية.

ونعى الجيش في بيان له أمس «رجال وزارة الداخلية والمواطنين الأبرياء، الذين نالوا الشهادة، نتيجة عملية جبانة لجماعات الظلام والإرهاب الأسود والتي استهدفت منشآت حيوية وأمنية»، مؤكدا أن العمليات التي وصفها بـ«الخسيسة والغادرة» التي تقوم بها مجموعات إرهابية متطرفة، استحلت دماء المصريين، واتخذت من العنف المسلح منهجا ووسيلة لتحقيق أغراضها الخبيثة، تستهدف بث الخوف والرعب في قلوب شعبنا العظيم، حتى تمنعه من استكمال استحقاقات خارطة المستقبل.

وقال بيان الجيش «ليعلم دعاة الإرهاب والتخريب أن محاولاتهم الخسيسة لن تزيد المصريين إلا إصرارا وتماسكا واصطفافا وطنيا وتلاحما بين الشعب ومختلف أجهزة الدولة، في مواجهتهم، والقوات المسلحة تعاهد شعب مصر العظيم، بمواجهة الإرهاب الأسود بكل ما تملكه من قوة حتى تنجح في استئصال جذوره من مصر، وتنعم البلاد بالأمن والاستقرار».

وتسارعت ردود الفعل الغاضبة والمنددة. وأدان تفجيرات الأمس رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والكنيسة، كما أدانته قيادات القوى والأحزاب السياسية، ولمحت إلى دور لجماعة الإخوان المسلمين.

ورفضت قيادات الإخوان تلك الاتهامات. وأدان بيان لتحالف دعم الشرعية الذي تقوده الجماعة الحادث، ونفى القيادي الإخواني محمد علي بشر أي صلة للجماعة بالعمليات الإرهابية، مؤكدا على سلمية تحركات أنصار الإخوان.