مصادمات في أوكرانيا عقب عرض الرئيس على المعارضة رئاسة الحكومة

متظاهرون يهاجمون مقرا للشرطة بالقرب من ساحة الاستقلال في كييف

معارضون أوكرانيون بعد يوم من المصادمات بين الشرطة والمحتجين الذين حاصروا مبنى في وسط كييف أمس (رويترز)
TT

اندلعت مصادمات بين الشرطة والمحتجين الذين حاصروا مبنى في وسط كييف أمس، وأصبح مصير الحكومة الأوكرانية معلقا بعد أن عرض الرئيس الذي تحاصره الأزمة فيكتور يانوكوفيتش على زعماء المعارضة مناصب كبرى، منها رئاسة الحكومة. ووصف أحد خصوم يانوكوفيتش الرئيسيين عرضه بأنه محاولة «مسمومة» للتخلص من حركة احتجاجية في بلاد انزلقت في دوامة الاضطرابات السياسية بسبب إعراض الرئيس عن الاتحاد الأوروبي وتوجهه صوب روسيا.

وفي أحدث أعمال العنف حاول بضعة آلاف من المحتجين اقتحام مركز ثقافي تجمع فيه مئات من قوات الأمن بوسط كييف على بعد مئات الأمتار من مركز احتجاجات المعارضة المستمرة منذ أسابيع في ميدان الاستقلال. وألقى المحتجون الحجارة وقنابل الدخان، في حين أطلقت الشرطة القنابل الصوتية ورشت المياه على الحشد. وغادرت الشرطة وقوات الأمن المبنى في وقت لاحق وخرجت عبر ممر صنعه الحشد بعد أن وصل أحد زعماء المعارضة، وهو فيتالي كليتشكو، إلى المكان وساعد في التوصل إلى حل عبر التفاوض.

ووقعت المواجهة التي استغرقت ساعتين قبل الفجر بعد أن قدم يانوكوفيتش أكبر التنازلات حتى الآن في المواجهة المستمرة منذ شهرين، والتي دفعت أوكرانيا إلى أتون أزمة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وعمقت التوتر بين روسيا والغرب.

وامتنع يانوكوفيتش فجأة في نوفمبر (تشرين الثاني) عن توقيع اتفاقات للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، متعهدا بدلا من ذلك بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا، مما أغضب الملايين الذين كانوا يحلمون بالاندماج في أوروبا. وكان الرئيس الأوكراني عرض أول من أمس على وزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك منصب رئيس الحكومة على أمل وضع نهاية للاحتجاجات. وذكر بيان على موقع الرئاسة على الإنترنت أن الرئيس اقترح تولي كليتشكو منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الإنسانية.

ويواصل زعماء المعارضة الضغط من أجل الحصول على تنازلات، من بينها إجراء انتخابات مبكرة وإلغاء قانون يقيد التظاهر. ونقل عن ياتسينيوك قوله في كلمة أمام حشود بميدان الاستقلال بعد مشاركته في محادثات مع يانوكوفيتش: «نحن مستعدون لتولي هذه المسؤولية والوصول بالبلاد إلى الاتحاد الأوروبي». لكنه أضاف أن هذا سيقتضي الإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو التي سجنت في عام 2011. وقال كليتشكو لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية: «كان هذا عرضا مسموما من جانب يانوكوفيتش لتقسيم حركتنا الاحتجاجية. سنواصل التفاوض ونستمر في المطالبة بانتخابات مبكرة. يجب ألا تذهب احتجاجات الأوكرانيين ضد الرئيس الفاسد سدى».

من جهة أخرى شن متظاهرون أوكرانيون مساء أول من أمس هجوما على مقر للشرطة في وسط كييف بالقرب من ساحة الاستقلال، حسبما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وقال المصدر إن نحو ألفي متظاهر تجمعوا على طول «البيت الأوكراني» ونجح بعضهم في الدخول إليه وهم يصرخون «يا للعار».

وبعد أن حطموا الزجاج ألقوا قنابل يدوية داخل المبنى. ونجح بعضهم في الدخول إلى القاعة الرئيسية للمقر، وهو عبارة عن متحف قديم يقع في ساحة أوروبا ويبعد مئات الأمتار عن ساحة الاستقلال حيث تعتصم المعارضة.

قد رد رجال الشرطة بإلقاء قنابل صوتية واستعمال خراطيم المياه رغم الطقس البارد، حيث وصلت الحرارة إلى ناقص 15 تحت الصفر.

وبعد نحو ساعة من التوتر، أنهى المتظاهرون هجومهم وفسحوا المجال أمام رجال الشرطة للخروج، ولكن رجال الشرطة ظلوا في مقرهم حسب الصور التي بثها التلفزيون.

فيما دعت المعارضة الأوكرانية أمس إلى إجراء المزيد من المفاوضات مع الحكومة، بعد ساعات فقط من رفضها دعوة للانضمام إلى الإدارة الحالية.

ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن أرسيني جازينيوك، أحد زعماء المعارضة ووزير الخارجية السابق، قوله: «نحن لا نرفض المقترح ولكننا لا نقبله أيضا».

وتأتي تصريحات جازينيوك وسط جولة جديدة من العنف في أوكرانيا، حيث حاول المتظاهرون اقتحام مركز المؤتمرات بالقرب من ميدان الاستقلال. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، وفقا لصحيفة «كييف بوست». واندلعت النيران في متحف لينين السابق.

وعرض الرئيس يانوكوفيتش على جازينيوك وفيتالي كليتشكو، بطل العالم السابق في الملاكمة، مناصب رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء. ورفض كليتشكو العرض، وقال أمام حشد مهلل إن المعارضة ستصر على إجراء انتخابات مبكرة هذا العام بهدف الإطاحة بيانوكوفيتش. وقال جازينيوك في وقت سابق إن المعارضة مستعدة لتولي الحكومة، ولكن فقط بهدف قيادة البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.

وتابع: «إلا أننا لا نصدق كلمة واحدة لمن هم في السلطة». وطالب جازينيوك بالإفراج عن يوليا تيموشينكو، رئيسة الوزراء السابقة التي قادت الثورة البرتقالية الموالية للغرب عام 2004.

وفي وارسو، دعا رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي أول من أمس الحكومة إلى مواصلة «حوار حقيقي مع المجتمع المدني والمعارضة السياسية».

وتابع: «هذا الحوار لا يمكن أن ينجح إلا إذا كانت هناك إرادة سياسية للتغلب على الأزمة، لا سيما داخل الحكومة».