فرنسا أمام ثلاثة استحقاقات رئيسة واليسار واليمين يتراجعان

اليمين المتطرف يستعد لاكتساح الانتخابات الأوروبية للمرة الأولى في تاريخه

TT

حولت مغامرات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند العاطفية في الأسابيع الأخيرة الأنظار عن الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد، وشوشت إلى حد كبير على الانعطافة الجديدة في سياسته الاقتصادية، التي تركز على دعم القطاع الخاص، وتخفيف عبء الضرائب والرسوم، وحصته في تمويل صناديق الرعاية الاجتماعية. لكنها، على وجه الخصوص، دفعت الاستحقاقات السياسية وعلى رأسها الانتخابات المقبلة في فرنسا إلى الصف الثاني.

وستشهد فرنسا خلال الربيع المقبل استحقاقين رئيسيين. الأول، يتمثل في الانتخابات البلدية التي ستجرى يومي 23 و30 مارس (آذار) المقبل، والثاني، الانتخابات الأوروبية التي ستجري يوم 25 مايو (أيار) المقبل. كذلك، ستعرف فرنسا انتخاب نصف أعضاء مجلس الشيوخ في أوائل الخريف المقبل. لكن طريقة الانتخاب غير المباشرة تجعل الاستحقاق الأخير، رغم أهميته السياسية، بعيدا عن اهتمامات الفرنسيين.

وجاء استطلاع للرأي أجري لصالح صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الأسبوعية ليثير هلع الأحزاب السياسية التقليدية يمينا ويسارا إذ بين أن اليمين المتطرف سيحتل، لأول مرة، المرتبة الأولى في الانتخابات الأوروبية. وبحسب هذه النتائج، فإن لوائح الجبهة الوطنية التي تقودها المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبن ستحصد 23 في المائة من الأصوات متقدمة بذلك على اليمين التقليدي (الاتحاد من أجل حركة شعبية) الذي سيحصل على 21 في المائة بينما الحزب الاشتراكي (الحاكم حاليا) سيأتي في المرتبة الثالثة (18 في المائة). وسيحتل المرتبة الرابعة حزب الوسط 11 في المائة تليه جبهة اليسار التي يقودها المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلونشون تسعة في المائة. ومرة أخرى، تتراجع شعبية الخضر رغم كونهم الأكثر حماسا للاندماج الأوروبي بحيث لن يتخطوا سقف السبعة في المائة.

وشكلت نتائج الاستطلاع المذكور صدمة للأحزاب السياسية التقليدية في فرنسا ذلك أن اليمين المتطرف حصل في الانتخابات الماضية قبل خمس سنوات على 6.3 في المائة من الأصوات ما يعني أنه، إذا صدقت استطلاعات الرأي، سيحقق قفزة غير مسبوقة ذلك أنه سيحتل للمرة الأولى في تاريخه موقع الصدارة في انتخابات تحصل على كامل التراب الفرنسي.

ويجمع المحللون على أن التقدم الصاعق لليمين المتطرف يعكس بالدرجة الأولى ريبة المواطنين إزاء الاتحاد الأوروبي وسياساته الاقتصادية والاجتماعية بما فيها توسعه المستمر ومحوه الحدود وتدفق الهجرات من البلدان الأعضاء الجديدة وعلى رأسها رومانيا وبلغاريا. ويدعو اليمين المتطرف إلى إعادة الرقابة على الحدود، والتخلي عن اليورو، والعودة إلى الفرنك، ورفض إملاءات بروكسل في السياسات الاقتصادية.

ويربط المحللون بين تراجع الحزب الاشتراكي والسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة الاشتراكية منذ ربيع عام 2012 وعجزها عن وقف ارتفاع معدلات البطالة أكثر من عشرة في المائة وزيادات الضرائب المطردة التي تصيب كافة الطبقات وضعف النمو الاقتصادي.

وقبل الاستحقاق الأوروبي سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع بمناسبة الانتخابات البلدية التي تثير هي أيضا مخاوف الأكثرية اليسارية والمعارضة اليمينية على السواء.