الرئيس المصري يقرر البدء بـ«الرئاسية» ويدعو «العليا للانتخابات» لفتح باب الترشح

مصدر لـ «الشرق الأوسط» : اللجنة عدلت القانون.. والاقتراع البرلماني بالنظام الفردي

الرئيس المصري المستشار عدلي منصور خلال خطابه أمس الذي أعلن فيه البدء بالانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية (أ.ب) و الجرافات تواصل عملها لرفع الأنقاض من أمام مقر مديرية أمن القاهرة التي شهدت تفجيرا باستخدام سيارة مفخخة يوم الجمعة الماضي (رويترز)
TT

في تعديل جوهري لـ«خارطة المستقبل»، قرر الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور أمس (الأحد) البدء بإجراء الانتخابات الرئاسية، على أن تعقبها الانتخابات النيابية. ودعا اللجنة العليا للانتخابات إلى ممارسة اختصاصها وفتح باب الترشح للمنصب الأرفع في البلاد، في خطوة قوبلت بترحيب واسع في الأوساط السياسية.

وفي كلمة وجهها منصور للشعب أمس، وبثها التلفزيون الرسمي، لوح منصور باتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة عمليات إرهابية طالت قلب العاصمة القاهرة، على مدى اليومين الماضيين، وفي الوقت نفسه قدم وعدا بمراجعة قرارات احتجاز نشطاء شباب، أظهروا تململهم وغضبهم مما عدوه «تضييقا غير مقبول على الحريات».

وحسم الرئيس منصور الجدل بشأن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية، وأدخل تعديلا على خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع القوى السياسية ورموز دينية في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي منتصف العام الماضي. ويرى مراقبون أن خطوة تقديم موعد الانتخابات الرئاسية تمهد الطريق لترشح قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئيس، وهي خطوة توقعها كثيرون بعد إقرار تعديلات دستورية في استفتاء شعبي أجري خلال يناير (كانون الثاني) الحالي.

وقال منصور في كلمته: «كنت أجريت العديد من الحوارات مع بعض القوى الوطنية، وممثلين من مختلف تيارات وطوائف المجتمع، حول ترتيب استحقاقات خارطة المستقبل، وهي الحوارات التي انتهت إلى مطالبة أغلبية كبيرة بعقد الانتخابات الرئاسية كثاني استحقاقات خارطة المستقبل، بعد إقراركم دستور مصر الجديد، وأن تأتي الانتخابات النيابية كثالث تلك الاستحقاقات».

وتابع: «اتخذت قراري بتعديل خارطة المستقبل، بأن نبدأ بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، على أن تليها الانتخابات النيابية، وسأطلب اليوم (أمس الأحد) من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، ممارسة اختصاصها المنوط بها طبقا لقانون الانتخابات الرئاسية، وفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، على النحو الذي حددته المادة (230) من الدستور المعدل».

وتنص المادة 230 على أنه «يجرى انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وفقا لما ينظمه القانون، على أن تبدأ إجراءات الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوما ولا تجاوز تسعين يوما من تاريخ العمل بالدستور، وفي جميع الأحوال تبدأ الانتخابات التالية خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور». وأقر العمل بالدستور يوم 18 من الشهر الحالي.

وأشار الرئيس المصري إلى أنه سيجري «التعديلات التشريعية اللازمة على قانوني مباشرة الحقوق السياسية، والانتخابات الرئاسية، خلال الأيام القليلة المقبلة، بما يتفق وأحكام الدستور».

وقال المستشار محمود فوزي، المتحدث الرسمي باسم وزارة العدالة الانتقالية، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن وزارته ضمن جهات أخرى تتولى تعديل قانوني مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية.

وأضاف فوزي أن اللجنة العليا للانتخابات أدخلت بالفعل التعديلات اللازمة على قانون الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن «التعديلات جرت في حدود ما يؤدي الغرض»، مشيرا إلى أن وزارة العدالة الانتقالية بدورها أدخلت تعديلات شاملة على قانون الانتخابات البرلمانية.

وقال إن أبرز هذه التعديلات التي تمثل توجه الحكومة هي «إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام الفردي فقط، ومواجهة المال السياسي واستخدام الدين في الدعاية الانتخابية»، لافتا إلى أن قانون الانتخابات البرلمانية جرى تعديله 27 مرة منذ صدوره، من بينها 16 مرة خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما دفع وزارته إلى معالجته بشكل شامل من جديد.

ولوح الرئيس منصور خلال كلمته أمس باتخاذ إجراءات استثنائية ردا على سلسلة عمليات إرهابية راح ضحيتها نحو 20 جنديا وشرطيا خلال الأيام القليلة الماضية، قائلا: «إننا لن نتردد في اتخاذ ما يلزم من إجراءات استثنائية إن تطلب الأمر ذلك. وليعلم العالم أجمع، من يدرك حقيقة ما يجري في مصر، ومن لا يدرك أو يدعي غياب الإدراك، أننا سنحافظ على أمن وأمان هذا الوطن ومواطنيه، وأننا سنقوم بالاضطلاع بمسؤولياتنا في تحقيق أمن واستقرار هذا البلد الطيب».

وأعرب الرئيس عن اعتقاده بأن «الحوادث الإرهابية» تستهدف كسر إرادة المصريين، قائلا لمن وصفهم بـ«الإرهابيين»: «لن تحقق أفعالكم الخسيسة مآربكم، وأؤكد لكم أن إرادة المصريين لن تنكسر، بل ستزداد توحدا وصلابة، وأنهم مصممون، دولة وشعبا، على اجتثاث إرهابكم من جذوره، وعلى تنفيذ خارطة مستقبلهم».

وأشار منصور إلى أنه ناشد المستشار منير صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة زيادة عدد الدوائر القضائية التي تنظر في محاكمة مرتكبي تلك الجرائم، بما يحقق عدالة ناجزة وسريعة.

وقال المستشار عزت خميس، المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هناك بالفعل ست دوائر خصصت لنظر القضايا ذات الصلة بالعمليات الإرهابية، وإنها بدأت في عملها».

وفي سعي لتخفيف حدة الاحتقان بين قوى سياسية شابة والسلطات الحالية، قال الرئيس منصور إنه ناشد أيضا النائب العام «النظر في إجراء مراجعة لحالات المعتقلين والحالات قيد التحقيق، وبصفة خاصة طلاب الجامعات، على أن يجرى، عقب انتهاء التحقيقات، الإفراج عمن لم يثبت ارتكابهم لأية جرائم أو أفعال يجرمها القانون».

وعقب دقائق من كلمة منصور، قال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس قصد بلفظ المعتقلين، الشخص المحتجز منذ لحظة إلقاء القبض عليه من الشرطة حتى عرضه على سلطات التحقيق، وفقا للإجراءات القانونية، مشددا على أنه «ليس هناك معتقلون بالمعنى الوارد في قانون الطوارئ، حيث إنه لا يوجد بالسجون المصرية أي معتقل إداري».

وشاركت للمرة الأولى قوى سياسية مدنية وحركات احتجاجية في مظاهرات دعت لها جماعة «الإخوان» قبل يومين. ويعتقد مراقبون أن الإفراج عن محتجزين ينتمون لتلك القوى من شأنه أن يعالج شكوك بشأن مستقبل الحريات في البلاد.

ورحب القيادي البارز الدكتور عبد الجليل مصطفى عضو لجنة الخمسين بخطاب الرئيس، مشيرا إلى أن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية كان أمرا متوقعا واستجابة لمطالب القوى السياسية بضرورة البدء بها، وأنه إجراء جاء في وقته الصحيح.

وقال مصطفى لـ«الشرق الأوسط» إن «مراجعة المواقف القانونية لشباب المحتجزين، خاصة طلاب الجامعات، أمر طالبنا به منذ فترة، والاستجابة الآن في محلها؛ وإن كنا نريد أن يأتي هذا الإجراء مبكرا أكثر».

من جانبه، يرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن تعديل خارطة المستقبل والبدء بإجراء الانتخابات الرئاسية يعني أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، حسم أمره وقرر خوض السباق الرئاسي.

وقال نافعة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لو لم يكن الأمر مرتبط بترشح الفريق أول السيسي لما كانت هناك ضرورة لإجراء هذا التعديل». وحث نافعة الحكومة على محاولة احتواء شباب القوى الإسلامية تجنبا لانخراط هؤلاء الشباب في تنظيمات على نمط تنظيم القاعدة.