لاجئون سوريون في الأردن يستنفدون مدخراتهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة

يشكون من قلة المساعدات وغياب فرص العمل

يشكل اللاجئون السوريون في الأردن ضغطا على الاقتصاد والخدمات (رويترز)
TT

يعاني أغلب اللاجئين السوريين، ممن اختاروا العيش في المدن الأردنية بعيدا عن المخيمات، من ضنك العيش وقلة الحيلة بعد أن بدأت مدخراتهم تستنفد نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وخصوصا السكن وقلة المساعدات النقدية التي تصرفها المفوضية السامية للاجئين في عمان. فيما ينتظر البعض مساعدات وحوالات خارجية من ذويهم تساعدهم على التغلب على مصاعب الحياة.

وتقدم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي ومنظمات إنسانية أممية أخرى، خدمات لنحو 450 ألف لاجئ يعيشون داخل المدن والقرى الأردنية، إضافة إلى 134 ألفا يعيشون في المخيمات التي أقامتها السلطات الأردنية في الزعتري، بالقرب من مدينة المفرق، ومريجب الفهود، القريب من مدينة الزرقاء (23 كلم شمال شرقي عمان)، والرمثا شمال الأردن.

وتقول اللاجئة أم أحمد: «نتلقى مساعدات من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وهي عبارة عن 144 دينارا كل شهر (نحو 200 دولار أميركي) لستة أشخاص وهذا المبلغ بالكاد يوفر المواد الأساسية التي نشتريها من محال التجزئة والمولات والمراكز التجارية المنشرة في عمان والمدن الأردنية».

وتضيف قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ادفع أجرة سكن مع المياه والكهرباء نحو 200 دينار، وزوجي يعاني من أمراض نفسية وعصبية بعد أن أفرج عنه من السجن في سوريا». وتتابع: «عندما يحصل زوجي على عمل فإنه لن يستمر فيه أكثر من بضعة أيام، فسرعان ما يستغنى عنه نتيجة إصابته بنوبة عصبية. وحاول أكثر من مرة العمل في عدة أماكن لكنه فشل في إيجاد مكان يتفهم مشكلته».

وتقول أم أحمد: «بعت كل مصاغي من الحلي وأنفقت كل مدخراتي والآن ألجأ إلى الجمعيات الخيرية أو أقصد أهل الخير أمام المساجد». وتشير إلى أنه أمام كثرة رواد هذه الأماكن «باتت الجمعيات عاجزة عن تقديم المعونات النقدية. وإذا صرفت لنا مساعدات فتكون قليلة جدا».

بدورها تقول شادية، أم لسبعة أطفال من حماة: «الأردن بلد أمان والحمد لله على هذه النعمة، ولكن الحياة فيه صعبة بسبب الغلاء ونحن نعيش حياة الكفاف. وهناك مصاريف كثيرة ولا يوجد دخل كي يغطي هذه النفقات، فزوجي يعمل في قطاع الإنشاءات وأجره قليل خاصة في فصل الشتاء إذ لا يوجد عمل». وتضيف: «نسكن في منطقة وادي الحدادة بعمان وندفع إيجارا نحو 180 دينارا، ومساعدات مفوضية اللاجئين تؤمن فقط المواد الأساسية للعيش فأسعار الأشياء هنا مرتفعة إضافة إلى أننا نريد أن نشتري الخضار والفواكه وأسعارها هي أيضا مرتفعة».

وتشير إلى أن «من يتقاضى ألف دولار شهريا يستطيع العيش بالحدود الدنيا خصوصا أن أسعار المواصلات والطاقة والكهرباء وغيرها مرتفعة». وتؤكد أن الحكومة الأردنية عندما صرفت تعويضات المشتقات النفطية للأردنيين حددت 800 دينار (1138 دولارا) كدخل لأسرة مكونة من ستة أفراد. وتوضح: «نحن لا نحصل سوى على 400 دينار أو 450 دينارا شهريا، وهذا المبلغ بالكاد يؤمن لنا المواد الضرورية فقط».

أما رحاب، من حي الخالدية في مدينة حمص، وتعيش في بيت شقيقها في مخيم الحسين بعمان، فتشكو أيضا من أن «برنامج الأغذية يصرف كوبونات بمعدل 24 دينارا للفرد الواحد وهذا المبلغ لا يكفي».

وتضيف رحاب أن لديها أشقاء يعيشون في ليبيا وهم يحولون لها شهريا مبالغ كي تستطيع العيش. وتشير إلى أن معظم العائلات السورية التي لها أبناء في الدول العربية أو الأجنبية يحولون لهم مبالغ مالية لسد حاجتهم.

وتشدد السلطات الأردنية على أصحاب العمل إصدار تصاريح خاصة للمستخدمين، وبخلافه، يتعرضون لعقوبات وغرامات مالية، ولذلك فإن قلة من أصحاب العمل يشغلون سوريين خوفا من تلك الغرامات.

وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إنه «على مدار العام الماضي ارتفع عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن إلى أكثر من 590 ألف لاجئ منهم نحو 134 ألفا في ثلاثة مخيمات تتولى المنظمات الدولية الإنفاق عليهم في ظروف بدأت تتحسن بعد إدخال أكثر من 20 ألف بيت جاهز لوقاية اللاجئين من البرد القارس والاستغناء عن الخيم التي هي في العادة عرضة للحريق أو التلف نتيجة الظروف الجوية».

وكشف علي بيبي، مدير التعاون والعلاقات الدولية في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، عن «أن مجموع التمويل المالي الذي طلبته المفوضية في الأردن للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين بلغ نحو مليار دولار، في حين تلقت المفوضية نحو 600 مليون دولار، خلال العام الماضي 2013».

ويقول بيبي لـ«الشرق الأوسط»: إن «المفوضية تقدم مساعدات نقدية للأسر بمبلغ يتراوح بين 50 و130 دينارا حسب عدد أفراد العائلة وظروفها، وإن 30 ألف عائلة استفادت من الدعم النقدي الشهري الذي يصرف بطريقة بطاقة الائتمان (الماستر كارد)، كما أجرت المفوضية 92 ألف زيارة للأسر السورية واستفاد 145 ألف شخص من خدمات المفوضية المتنوعة».

بدوره، يعمل برنامج الغذاء العالمي على ضمان توفير المعونات الغذائية للاجئين المحتاجين على شكل قسائم غذائية وبطاقات إلكترونية إلى جانب التوزيع المباشر لمواد الإغاثة الغذائية.

وقالت دينا القصبي، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إن «البرنامج صرف كوبونات شراء مواد غذائية لنحو 450 ألف لاجئ سوري في الأردن خلال العام الماضي بواقع 24 دينارا شهريا لكل لاجئ».

وبالنسبة لمخيم الزعتري قالت القصبي، إن «البرنامج يوزع 22 طنا من مادة الخبز على اللاجئين يوميا من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الثامنة صباحا بواقع أربعة أرغفة لكل فرد في المخيم البالغ عددهم 95 ألف لاجئ».

وأشارت إلى أن البرنامج يقدم لكل عائلة سلة غذائية شهرية من المواد الغذائية الأساسية من الأرز والسكر والعدس والبرغل والزيت والبقوليات، إضافة إلى كوبون شراء بقيمة 16 دينارا لكل فرد شهريا حيث يوجد في المخيم 18 مركزا ومحلا تجاريا يتعامل مع الكوبونات.

وقالت إن «البرنامج يوزع أيضا وجبات غذائية للطلاب البالغ عددهم 12 ألفا في المخيم حيث يقدم البسكويت مع التمر وغيرها من الأغذية والعصائر».

وأعلنت القصبي أن البرنامج سيبدأ في مارس (آذار) المقبل بتوزيع بطاقات ذكية (ماستر كارد) بدلا من الكوبونات، حيث لا يضطر اللاجئون، باستثناء الجدد، إلى الذهاب إلى مراكز التوزيع، إلا أن هذه البطاقات لن تشمل سوى السلع الغذائية.