مفاوضات جنيف تستمر من دون رفع حصار حمص والافراج عن المعتقلين

دمشق تسمح بمغادرة النساء والأطفال من المدينة القديمة.. وتريد لوائح بأسماء الرجال

وفد النظام السوري يتقدمه بشار الجعفري يغادر مبنى الأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ب).. والمبعوث الدولي يعود إلى اجتماع بعد استراحة (إ.ب.أ).. وعضو الوفد السوري المعارض منذر أبقيق يدلي بتصريحات للصحافة (إ.ب.أ)
TT

بعد بادرة أمل خلال اليومين الماضيين بأن تصل المساعدات الإنسانية والغذائية إلى المدينة القديمة في حمص كإجراء لبناء الثقة خلال مفاوضات جنيف2 بين الحكومة والمعارضة السورية، لم يوافق النظام السوري على السماح بدخول القافلات الإنسانية إلى حمص. وتشنجت أجواء محادثات جنيف أمس إذ لم يحدث أي خرق في الملفين المتعلقين بالقضايا الإنسانية، من حيث رفع الحصار عن حمص القديمة وإطلاق المعتقلين. وعلى الرغم من ذلك، تتواصل المفاوضات اليوم، ليكون موضوع انتقال السلطة في سوريا أساس المفاوضات بناء على بيان جنيف1 المصادق عليه من مجلس الأمن.

وبعد أن كانت روسيا والولايات المتحدة عملت مع الأمم المتحدة على التوصل إلى خطة لإدخال المساعدات الإنسانية لحمص القديمة حيث تمكث 500 عائلة سورية، أعلن وفد الحكومة السورية أنه «يجب أن نتحدث عن كل سوريا، ليس فقط حمص» بحسب نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد. وأعلن مقداد استعداد حكومته بالسماح لخروج النساء والأطفال من مدينة حمص القديمة المحاصرة منذ 8 أشهر ولكن لم يعلن عن السماح بدخول الغذاء أو المعدات الإنسانية لها. واشترط وفد الحكومة بأن يقدم أهالي حمص لائحة بأسماء الرجال داخل المدينة قبل السماح بخروجهم لـ«التأكد من أنهم مدنيون». ورفضت المعارضة مقترح الحكومة السورية، ولم تعد مقترح الحكومة بخروج النساء والأطفال من حمص بأنه انفراجة، واعتبر عضو الوفد المفاوض لؤي الصافي هذا المقترح بأنه «مماطلة من الحكومة السورية».

وقال الناطق باسم الصليب الأحمر الدولي روبرت مارديني إن خروج المدنيين من المدينة القديمة في حمص أمر جيد «ولكن يجب السماح بدخول وكالات مستقلة مثل منظمة الصليب والهلال الأحمر الدولية». وأضاف: «إننا مستعدون لتزويد المساعدات إلى حمص وباقي المناطق المحاصرة السورية إذا حصلنا على موافقة وضمانات أمنية من كل الأطراف». وبينما حصلت المعارضة على وثيقة موقعة من جميع الفصائل المسلحة في حمص بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، رفضت الحكومة إعطاء مثل هذه الضمانات.

وشرح الممثل الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي في مؤتمر صحافي أمس: «الحكومة تقول إن النساء والأطفال في المنطقة المحاصرة يمكنهم المغادرة فورا وباقي المدنيين يمكنهم المغادرة ولكن نحتاج إلى أسمائهم مسبقا». وأضاف: «يمكن للنساء والأطفال الخروج وآمل أن يغادر الباقون بعدها». وردا على سؤال حول المخاوف من إعطاء أسماء الرجال الموجودين في حمص وأن تصبح قائمة لتصفية الرجال مثلما حدث في سبرنيتسا، قال الإبراهيمي: «أعتقد أنني واضح، الحكومة قالت يمكن للنساء والأطفال الخروج من الآن من المدينة القديمة لحمص، (الحكومة) تطلب لائحة بأسماء المدنيين للتأكد من أنهم مدنيون وليسوا مسلحين». وحول رفع الحصار أوضح: «فريق الأمم المتحدة يناقش مع الحكومة حول إرسال مساعدات إلى المدينة القديمة من حمص وكان من المرتقب أن يناقش المحافظ ذلك مع مستشاريه ودمشق ونأمل أن يحدث شيء» اليوم.

وبعد أن كانت الجلسة الصباحية للمفاوضات أمس هدفها الخروج باتفاق على حمص، لم يحدث ذلك. وعقد الإبراهيمي جلستين منفصلتين مع كل وفد لبحث قضية المعتقلين. وقدمت المعارضة اسم 20 ألف معتقل في سجون الحكومة السورية، مطالبة بإطلاق النساء والأطفال منهم أولا. إلا أن وفد الحكومة رفض التعاطي مع اللائحة أساسا. وفي مؤتمر صحافي مساء أمس، قال المقداد إن «حكومة صديقة» كانت قد نقلت اللائحة سابقا، في إشارة إلى روسيا، وإنه بعد الاطلاع عليها «وجدنا أن أكثر من 60 - 70 في المائة أسماء أشخاص لم يعتقلوا، و20 في المائة كانوا معتقلين أما الباقون فلا نعلم أي شيء عنهم». ورفض المقداد طلب المعارضة بإطلاق الأطفال من المعتقلين، قائلا: «لا يوجد لدينا أطفال معتقلون».

وقال الإبراهيمي إن «نقاشا طويلا» حول المعتقلين دار حول هذه القضية، مضيفا: «بغض النظر عن المناقشات، نطالب الحكومة بإطلاق النساء والأطفال وكبار السن في المعتقلات». ومن جهة أخرى، طلبت الحكومة من المعارضة أن «تعطيهم أسماء المعتقلين لدى المجموعات المسلحة، والمعارضة وافقت على محاولة جلب هذه اللوائح من المجموعات التي لديهم سلطة عليهم أو لديهم علاقات معهم».

وعلى الرغم من عدم التوصل إلى أي اتفاق بين الطرفين في المجال الإنساني، يخوض الإبراهيمي اليوم في المسار السياسي في مفاوضات مباشرة للمرة الأولى حول المستقبل السياسي لسوريا. وقال الإبراهيمي: «المفاوضات ليست المكان الرئيس لبحث القضايا الإنسانية، ولكن أعتقد أنه لا يمكن أن نبدأ حديثا عن الوضع السياسي» ومن جهته، أكد مقداد: «سنناقش الإصلاحات في سوريا خلال الأيام المقبلة»، وردا على سؤال حول إذا كان الوفد السوري يقبل بحث مستقبل الأسد، رد بأن «الشعب السوري يقرر»، قبل أن يضيف: «نحن منفتحون على أي أمور يمكن أن تسمح بإجراء الانتخابات في سوريا».

وحول كيفية سير المفاوضات حول العملية السياسية، قال الإبراهيمي: «هذه عملية تفاوض سياسية، كل ما نناقشه سياسي. في اليوم الأول لم يعط أحد تعليقا حول هذه القضية، أعتقد أن الطرفين سيطرحان تصريحات حول الطريق إلى الأمام» صباح الاثنين. وسيكون على الطرفين تقديم رؤيتيهما للعملية السياسية المقبلة و«آلية الحكم الانتقالي» في سوريا. وبينما تنوي المعارضة تقديم خارطة طريق لإخراج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، من المتوقع أن يعرض فريق الحكومة آلية لإجراء انتخابات في البلاد، يخوضها الأسد أيضا. وقال المقداد: «الرئيس الأسد هو رئيس الجمهورية العربية السورية إلى حين يقول الشعب السوري أمرا آخر.. لكل سوري الحق في أن يكون منتخبا أم لا». وأكد المقداد أن لدى الوفد الحكومي السوري كامل الصلاحيات للتفاوض.

ومن جهته، أكد لؤي الصافي العضو في الفريق المفاوض من قبل المعارضة: «الحكومة تستخدم أساليب مماطلة»، مضيفا أن ذلك سيتغير اليوم عندما يجبر النظام على بحث عملية الانتقال السياسي التي باتت حتمية.

ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات حتى مساء الجمعة، لتنتهي الجولة الأولى ويعود كل طرف إلى دياره، ليعودوا مجددا بعد أسبوع. وعلى الرغم من أن الإبراهيمي يرفض وضع جدول زمني للمفاوضات، تستعد الأطراف المعنية بالتفاوض في أن تستمر العملية لأشهر عدة. وقالت مصادر غربية دبلوماسية في جنيف لـ«الشرق الأوسط» إن العملية «معقدة وطويلة، ولا أحد يعلم كيف ستسير المرحلة المقبلة ولكن المهم مواصلة الحوار حتى وإن كان بطيئا». وقال الإبراهيمي: «البعض يتهمني بأنني بطيء جدا ولكن البطء أفضل للتقدم – إذا ركضت قد تحصل على ساعة ولكن تفقد أسبوعا.. إننا نسير ببطء ولكننا نتقدم». وعندما سئل إذا كان قد استطاع إحراز تقدم، قال إنها «ربع خطوة» بعد أن قال الليلة قبل الماضية بأن التقدم «نصف خطوة».