المعلم: رفضنا طلبا أميركيا لتفاوض مباشر ما لم يعتذر كيري

قال إنهم بانتظار التوجيهات بشأن الذهاب لموعد العاشر من فبراير

أعضاء من منظمة الأمم المتحدة للإغاثة في حي اليرموك بدمشق يوزعون المساعدات الغذائية على قاطني المخيم (إ.ب.أ)
TT

وجه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في مدينة حلب أمس، ضربة عسكرية إلى كتائب المعارضة عبر تفجير سيارتين مفخختين استهدفتا مدرسة المشاة بحلب، ما أسفر عن مقتل القائد العسكري للواء التوحيد عدنان بكور مع 15 من رفاقه، بحسب الائتلاف السوري، في حين دخلت القافلة الرابعة من المساعدات الغذائية إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الواقع في جنوب دمشق والمحاصر منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي. وأفاد المشرف على حملة إغاثة الشعب الفلسطيني في المخيم أبو كفاح غازي «بتوزيع أكثر من 2500 سلة غذائية وإخراج نحو 450 حالة مرضية»، مؤكدا أن «عمليات إدخال مساعدات غذائية جديدة إلى المخيم مستمرة من دون معوقات تذكر». وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «المرضى الذين أجلوا من المخيم نقلوا إلى مستشفيات حكومية عدة»، مرجحا أن «تترافق عمليات إدخال المساعدات إلى مخيم اليرموك وإجلاء المرضى مع إخراج دفعة من طلاب الجامعات والمعاهد إلى خارج المخيم، من أجل الالتحاق بكلياتهم ومعاهدهم». وتقدر وكالة الأونروا لغوث اللاجئين عدد المحتاجين إلى هذه المساعدات بنحو 18 ألفا، بينهم نساء وأطفال، في وقت أحصى فيه المرصد السوري وفاة 87 شخصا في المخيم البالغة مساحته كيلومترين مربعين، بسبب الحصار الذي فرضته القوات النظامية منذ يونيو الفائت. ودفعت الظروف السيئة الكثير من السكان ليقتاتوا من لحوم الحيوانات الشاردة بسبب الجوع ومنع دخول المواد الغذائية.

ميدانيا، فجر تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية في حلب سيارتين مفخختين في مدرسة المشاة التي تتمركز فيها بعض كتائب المعارضة السورية. وأشار ناشطون في حلب إلى أن «إحدى السيارتين المفخختين قد استهدفت قائد لواء التوحيد عدنان بكور الذي كان في موقع قريب من مدرسة المشاة». وتضاربت أعداد القتلى الآخرين، إذ أكد المرصد «مقتل بكور وأكثر من خمسة مقاتلين معارضين، إضافة إلى عدد من المدنيين»، في حين لفت اتحاد «تنسيقيات الثورة السورية» إلى أن «التفجيرات أدت إلى مقتل 50 عنصرا من‏ الجيش الحر بمدرسة المشاة في حلب».

من جهته، سارع «الائتلاف الوطني المعارض» إلى إدانة التفجيرات التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، مقدما تعازيه لـ«الشعب السوري ولذوي الضحايا».

وأوضح المرصد أن «التفجيرات تزامنت مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين تنظيم (الدولة الإسلامية) وكتائب المعارضة في منطقة الراعي، ما استدعى استقدام تعزيزات لدعم الكتائب المعارضة». ولفت المرصد إلى «مقتل عدد من المقاتلين من الطرفين وأسر عدد من مقاتلي (الدولة الإسلامية)، بينهم قيادي». ومع مقتل بكور، القيادي العسكري في صفوف لواء التوحيد الذي يسيطر على المساحة الكبرى من مدينة حلب، يكون هذا اللواء المعروف بصلاته الوثيقة بتنظيم الإخوان المسلمين قد فقد اثنين من أبرز قادته، إذ أغارت طائرات نظامية في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على بناء سكني كان يتمركز فيها قائد لواء التوحيد السابق عبد القادر صالح ما أدى إلى مقتله. ولم تحُل التفجيرات التي نفذتها «داعش» في حلب دون توقف القصف النظامي على أحياء المدينة، حيث أشار «المرصد السوري» إلى سقوط برميل متفجر على منطقة في حي المرجة بالقرب من مسجد رابعة العدوية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين وسقوط عدد من الجرحى. كذلك استهدف مقاتلو «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بعدد من قذائف الهاون تجمعات القوات النظامية في مطار كويرس العسكري، بحسب المرصد. في موازاة ذلك، أعلنت مجموعة «فتح الشام على خطى خالد»، وهي تجمع عسكري تابع للمعارضة السورية يقاتل في محافظة القنيطرة، تمكنها خلال الأيام الماضية من السيطرة على مجموعة من القطع العسكرية التابعة لسيطرة القوات النظامية في المحافظة، إضافة إلى السيطرة التامة على قريتي السويسة وعين التينة.

وأشارت المجموعة، في بيان مشترك صدر أمس عن غرفة عملياتها، إلى أنها سيطرت على طريق درعا - القنيطرة بشكل كامل، إضافة إلى سيطرتها على عدة مراكز عسكرية نظامية وهي سرايا الإشارة والدبابات والآليات، إضافة إلى مقر قيادة الكتيبة وحاجز المقسم وحاجز إنعاش الريف وحاجز أبو حلاوة. وتكون المعارضة السورية بعد الإعلان عن هذا التقدم قد وسعت سيطرتها قرب المناطق الحدودية المحاذية لإسرائيل. وكانت المعارك استمرت في القنيطرة أمس على أطراف قريتي بيرعجم وبيت جن بين القوات النظامية وكتائب المعارضة. وتضم مجموعة «فتح الشام على خطى خالد» سبعة فصائل معارضة، منها حركة «أحرار الشام» الإسلامية المقاتلة تحت لواء الجبهة الإسلامية المعارضة، إضافة إلى كتائب «أكناف بيت المقدس» و«أنصار الهدى»، وفصائل معارضة أخرى. دمشق: «الشرق الأوسط» قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس إن الوفد الرسمي في مؤتمر جنيف-2 رفض طلبا أميركيا للتفاوض «مباشرة» ما لم يعتذر وزير الخارجية جون كيري عن خطابه في افتتاح المؤتمر في مدينة مونترو السويسرية.

وتأتي تصريحات المعلم الذي ترأس وفد النظام، غداة انتهاء المفاوضات مع وفد المعارضة التي بدأت بمؤتمر موسع في مونترو في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، واستكملت بمفاوضات في جنيف بإشراف الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي. وقال المعلم إن «الأميركيين طلبوا منا أن نفاوضهم مباشرة في مونترو، لكننا رفضنا قبل أن يعتذر وزير الخارجية عما قاله في المؤتمر»، وذلك في تصريحات على متن الطائرة التي تقل الوفد السوري العائد من جنيف، نقلتها وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا). وكان كيري قال في مونترو إن الرئيس بشار الأسد «لن يكون جزءا من أي حكومة انتقالية. من غير الوارد ومن المستحيل تصور أن يستعيد الرجل الذي قاد الرد الوحشي على شعبه الشرعية ليحكم».

ورد المعلم حينها على كيري بالقول «لا أحد في العالم، سيد كيري، له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سوريا إلا السوريون أنفسهم».

وعد المعلم أمس أن «أوهام وفد الائتلاف المسمى معارضة التي حملهم إياها داعموهم ومؤيدوهم، إذا لم يتخلوا عنها، فسيصابون بصدمة الواقع لأننا بلد مؤسسات ودستور ولدينا رئيس للجمهورية». وأضاف: «أي شيء يناقض دستورنا لن نقبل به، لأن هذا الدستور أيده الشعب بأغلبية خلال الاستفتاء».

وبقيت الهوة الواسعة بين وفدي النظام والمعارضة على حالها خلال المفاوضات. ففي حين شدد الوفد الرسمي على أولوية «مكافحة الإرهاب»، ركزت المعارضة على هيئة الحكم الانتقالي، بحسب بيان جنيف-1 الذي أقر في يونيو (حزيران) 2012 من دون مشاركة طرفي النزاع المستمر منذ منتصف مارس (آذار) 2011.

وتعد المعارضة أن نقل الصلاحيات يعني تنحي الأسد، وهو ما يرفضه النظام بشكل قاطع، عادا أن مصير الرئيس تقرره صناديق الاقتراع. ورأى المعلم أمس أن رفض الوفد المعارض للورقة التي تقدم بها الوفد الرسمي حول إدانة «الإرهاب»، يمثل «وصمة عار بحقه».

وأعلن الإبراهيمي الجمعة أن مفاوضات جنيف-2 كانت «بداية متواضعة، لكنها بداية يمكن أن نبني عليها»، محددا العاشر من فبراير (شباط) الحالي كموعد مبدئي لجولة مقبلة من التفاوض. وقال المعلم أمس إن الإبراهيمي «حدد العاشر من شباط للعودة إلى جنيف وهذا شأنه وقراره، ونحن ننتظر التوجيه. فإذا كان التوجيه بالعودة فسنعود، ونحن جاهزون للمحادثات من ألفها إلى يائها». وكان رئيس الوفد المعارض، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أحمد الجربا، قال في كلمة أول من أمس، إن وفد النظام لم يقدم أي «التزام جدي» في المؤتمر، مؤكدا مشاركة المعارضة في الجولة المقبلة.

وكانت الجولة الأولى من مفاوضات جنيف-2 اختتمت الجمعة من دون تسجيل أي تقدم في اتجاه حل النزاع السوري الدامي، باستثناء جمع وفدي الحكومة والمعارضة في «غرفة واحدة»، وحدد موعد «مبدئي» للجولة الثانية. ويتوقف تثبيت الموعد على موافقة دمشق، بينما أطلق الفريقان بعد انتهاء الجلسات العنان لتهجماتهما. فأعلنت المعارضة أن «تسليح» الكتائب المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الأسد سيستمر ويتزايد في سوريا ما دام لم يوافق النظام على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

على الأرض، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط 1900 قتيل في العمليات العسكرية في سوريا منذ بدء مؤتمر جنيف-2 بالاجتماع الدولي في مدينة مونترو السويسرية في 22 يناير. ويتوقع أن تتكثف خلال الأيام المقبلة الحركة الدبلوماسية ولا سيما مع عرابي المفاوضات، روسيا، حليفة النظام، والولايات المتحدة الداعمة للمعارضة. وحملت الدول الرئيسة الإحدى عشرة في مجموعة أصدقاء سوريا التي تدعم المعارضة السورية، الجمعة، دمشق مسؤولية عدم إحراز تقدم في الجولة التفاوضية الأولى التي انتهت في جنيف. في المقابل، أشادت المجموعة بـ«القرار الشجاع لائتلاف المعارضة الوطنية السورية» بالمشاركة في مفاوضات جنيف، وبـ«نهجه البناء» خلال الجولة التفاوضية الأولى.

من جهته، أشاد مسؤول أميركي رفيع بمفاوضات جنيف-2 من دون أن يتوقع منها نتائج سريعة، مشيدا بالتعاون بين الأميركيين والروس. وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، إن «الأهم هو بدء العملية، وطوال الأسبوع بقي الطرفان في الغرفة ذاتها، هذا ليس بالأمر الهين».

وكان الوسيط المكلف من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بالإشراف على المفاوضات الأخضر الإبراهيمي عد أن «الهوة بين الطرفين لا تزال كبيرة»، إلا أنه سجل «عشر نقاط» تشكل «أرضية مشتركة» بين الطرفين أبرزها أنهما «ملتزمان بمناقشة التطبيق الكامل لبيان جنيف -1 للوصول إلى حل سياسي»، وأنهما يعرفان أنه لـ«الوصول إلى تطبيق بيان جنيف عليهما التوصل إلى اتفاق دائم وواضح على وضع حد للنزاع وعلى إقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية، بالإضافة إلى خطوات أخرى أبرزها الحوار الوطني وإعادة النظر في الدستور والانتخابات». وأضاف الإبراهيمي أن كلا من الطرفين «أعلن بعباراته أنه يرفض العنف والتطرف والإرهاب».

ومن جنيف، توجه الإبراهيمي إلى ميونيخ حيث انضم مساء إلى اجتماع عقده وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وجرت خلاله مناقشة جولة التفاوض المقبلة بين النظام والمعارضة السوريين. وأورد مسؤول في الخارجية الأميركية أنهم «ناقشوا حاجة المعارضة إلى توسيع وفدها وتوافقوا على وجوب عودة الجانبين وهما مستعدان لبحث تنفيذ بيان جنيف». وعلى صعيد تفكيك الترسانة الكيماوية السورية، حض كيري من برلين الرئيس السوري بشار الأسد على الوفاء بالتزاماته الدولية، محذرا إياه من تداعيات عدم القيام بذلك.

وقال كيري قبل لقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «أذكر بشار الأسد بأن الاتفاق الذي توصلنا إليه في نيويورك مع مجلس الأمن ينص بوضوح على أنه إذا حصلت مشكلات (تتصل) بعدم الوفاء بالتعهدات، فسيجري إبلاغها إلى مجلس الأمن بموجب الفصل السابع». وأضاف: «نعلم الآن أن نظام الأسد لا يتحرك بالسرعة التي وعد بها لنقل الأسلحة الكيماوية خارج سوريا».

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أكدت الجمعة ضرورة تسريع وتيرة إخراج الأسلحة الكيماوية من سوريا، بعد التقارير عن نقل أقل من خمسة في المائة فقط من الأسلحة الأكثر خطورة حتى الآن تمهيدا لتدميرها.