خيار «حكومة الأمر الواقع» يتقدم بعد رفض عون «آخر العروض»

مصادر الرئاسة تؤكد لـ («الشرق الأوسط») إعلانها خلال يومين

TT

أعلن النائب ميشال عون، أمس، عن موقفه النهائي الرافض للمشاركة في الحكومة، بعدما كان مصيرها متوقفا عليه، في الفترة الأخيرة، بسبب عدم قبوله بمبدأ المداورة في الحقائب الوزارية وتمسكه بوزارة الطاقة، ليتقدم بذلك خيار قيام رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بإعلان «حكومة أمر واقع سياسية» في اليومين المقبلين.

واتهم عون سلام بالخروج عن الميثاق، محذرا من العبث بالثوابت والمسلمات الوطنية، معتبرا أن عدم استشارته في المباحثات الحكومية في بادئ الأمر كان بناء على اتفاق بين سلام ومسؤولين في الدولة، من دون أن يسميهم، وإن كانت في ذلك إشارة واضحة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف حليفه حزب الله.

وأتى موقف عون بعدما كان سلام قدم له «عرضا أخيرا» قضى بحصوله على وزارتي «الخارجية» و«التربية» عوضا عن الطاقة، تطبيقا لمبدأ تداول الوزارات، الذي بقي الرئيس المكلف متمسكا به.

ومنذ مساء أمس، لحظة حسم عون خياره، يمكن القول إن كلا من الرئيس المكلف والرئيس اللبناني ميشال سليمان انطلق في السير بالخطة «ب» التي تقضي بتأليف حكومة «أمر واقع سياسية»، أي «بمن يريد أن يشارك فيها»، وفق ما لفتت إليه مصادر الرئاسة اللبنانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط». وأوضحت المصادر أنه وفق المخطط، إذا لم يحصل ما لم يكن في الحسبان، فإنه من المفترض أن ترى الحكومة النور، خلال يومين على أبعد تقدير. وأكدت المصادر أنه عند هذا الحد يكون كل من سليمان وسلام استنفدا كل ما لديهما من وسائل ممكنة، وعليهما كذلك القيام بواجباتهما الدستورية، وعلى الآخرين عندها تحمل مسؤولياتهم. وفي حين كان حزب الله ربط في وقت سابق مشاركته في الحكومة بمشاركة حليفه المسيحي، رجّحت مصادر الرئاسة أن تشهد الصورة تبدلا في الساعات الأخيرة، سائلة «هل من مصلحة حزب الله أن يبقى خارج الحكومة في ضوء التفجيرات المتنقلة التي تستهدف مناطقه؟».

وبات أكيدا أن تشكيلة الحكومة التي سيقدمها سلام إلى رئيس الجمهورية في الساعات المقبلة ستكون مؤلفة من 24 وزيرا، موزعة بالتساوي، أي ثماني وزارات، لكل من فريق 8 آذار (أربع منها لعون)، وفريق 14 آذار، والوسطيين، أي سليمان وسلام والنائب وليد جنبلاط، فيما ينص الدستور اللبناني على أن الحكومة تصرّف الأعمال قبل نيلها الثقة وبعد فقدانها الثقة، وتعتبر مستقيلة من خلال استقالة رئيسها أو ثلث أعضائها.

وفي هذا الإطار، قال سليمان أمس «نحن نسعى إلى حكومة توافقية، لكن إذا لم يتح ذلك لسبب أو لآخر فلا يمكن إبقاء البلد بلا حكومة، سائلا «هل يستطيع رئيس الجمهورية الذي يطالب بتعديل صلاحياته التخلي عن صلاحية موجودة في الدستور، ولا يوقّع مرسوم تأليف الحكومة؟»، كاشفا في حديث لمجلة «الأمن» أنه أعطى التعليمات لتحضير خطاب المغادرة من قصر بعبدا، قائلا «طموحي أن أسلّم رئيسا منتخبا بشكل طبيعي».

من جهته، رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن «الوضع اللبناني بات متداخلا بشكل كبير مع تعقيدات الوضع في سوريا، وأي تفاهم لبناني داخلي سيحصل في الملف الحكومي أو سواه لن يشكل حلا جذريا للمشكلة، وسيبقي الوضع اللبناني معلقا إلى أن تتضح الصورة الكاملة في المنطقة».

وشدد في لقاء مع السفراء العرب المعتمدين في ألمانيا على أن «التفاهم على تشكيل حكومة جامعة أتى في لحظة إقليمية مناسبة أعطت الضوء الأخضر للمشاركة، لكننا نشهد مغالاة داخلية في الخلافات وإغراقا في التفاصيل بما يجعلنا بعيدين عن التوافق والتفاهم الكاملين والدائمين».

وكان عون اعتبر بعد اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» الأسبوعي «الخطر في مشروع تأليف الحكومة يكمن في أنه يأتي نتيجة استشارات ناقصة حذفت منها أول قوى نيابية مسيحية»، في إشارة إلى استثنائه من المباحثات الحكومية في البداية، وهو الأمر الذي يتحمّل مسؤوليته حلفاؤه، أي كل من حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

ورأى عون أن «تأليف أي حكومة يفترض التقيد بالنصوص والدستور، في الشكل، ومراعاة مسار التأليف كما هو موصوف في الدستور ومعمول به عرفا، أي تسمية رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، واستنادا إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعها رسميا على نتائجها، وقيام رئيس الحكومة المكلف باستشارات نيابية لتأليف الحكومة ثم صدور مرسوم التأليف من رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف».

ورأى أن «الممارسات لا تمت بصلة إلى النصوص الدستورية ولا تمت إلى الأعراف الممارسة لتأليف الحكومات، ويجب أن تكون مرفوضة تماما كي لا يتم تأليف أعراف على أساسها». وأضاف «يجب أن تتمثل الطوائف بشكل عادل في الحكومة، والمادة 66 من الدستور أعطت حيثية دستورية مستقلة للوزير نتيجة اتفاق الطائف، وخاتمة مبادئ مقدمة الدستور تنص صراحة على أنه لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاقية العيش المشترك»، منتقدا تقييد تأليف الحكومة بشرط المداورة المختلق. وأضاف «الحكومة الجامعة تفترض أن يوافق جميع الأفرقاء السياسيين المدعوين للمشاركة بها على شروط تأليفها غير المنصوص عليها في الدستور أو المتأتية عن عرف».