تمام سلام: رئيس حكومة لبنان بعد أطول فترة تكليف في تاريخه

تسلّح بالصبر خلال عشرة أشهر.. والاعتدال طبع مسيرته السياسية

TT

أظهر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال فترة تكليفه تشكيل الحكومة والتي تجاوزت العشرة أشهر، حكمة وهدوءا وصبرا قلّ نظيرها في مقاربة العقد والعراقيل التي واجهت مهمته الصعبة في ظل ظروف دقيقة محليا وإقليميا.

ويجمع عارفو سلام على أن مقاربته للنقاط الخلافية خلال الفترة الماضية ورؤيته الإيجابية لإمكانية التوصل إلى مخرج يرضي الأفرقاء كافة على الرغم من «ضبابية» المشهد في محطات كثيرة جاءت ترجمة لدماثة أخلاقه وأدائه الواقعي، الذي يأخذ بالاعتبار الرأي الآخر. ويثني المقربون منه على نزعته «البروتوكولية» وإخلاصه في الحفاظ على علاقاته الشخصية، كما السياسية حتى الرمق الأخير.

ويأتي وصول سلام إلى سدة رئاسة السلطة التنفيذية في لبنان، بعد أطول فترة تكليف عرفها لبنان، استكمالا لمسيرة عائلة سلام البيروتية التي تصدرت المشهد السياسي في لبنان منذ بداية القرن السابق. تميز جده سليم علي سلام، المعروف بأبو علي، أحد نواب مجلس «المبعوثان» العثماني، كما والده، صائب بيك سلام، الذي تولى رئاسة الحكومة اللبنانية لست مرات بين عامي 1956 و1972، بمواقفهما الوطنية والمعتدلة. وبات شعار «لا غالب ولا مغلوب»، الملتصق بعائلة سلام والذي يحفظه اللبنانيون عن ظهر قلب، يكاد يختصر المعادلة السياسية القائمة في لبنان.

وكان رئيس الحكومة نال عند تكليفه 124 صوتا من أصوات نواب البرلمان اللبناني البالغ عددهم 128 نائبا. واعتبر وزير الداخلية في حكومته نهاد المشنوق بعد تكليفه، في تعليق كتبه على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك» غداة تكليفه تشكيل الحكومة: «حماية تكليف الرئيس تمام سلام واجب على كل اللبنانيين، لأنه أول رئيس حكومة منذ عام 1990 يأتي من دون رأي أو مشاركة من النظام السوري، ما يعني دخولنا مرحلة جديدة من الاستقلال والاستقرار في لبنان يعبر عنها سلام».

وفي حين يكاد سلام يكون من السياسيين اللبنانيين القلائل الذين لم يعبروا يوما عن مواقفهم بطريقة انفعالية أو غاضبة، حتى في أكثر المراحل صعوبة في مسيرة عائلته السياسية، وخصوصا مع تصاعد الحالة الحريرية وتربّعها طوال سنوات على عرش الزعامة السنيّة في لبنان، فإنه حافظ خلال أشهر تكليفه على الهدوء ذاته. ولم يتردد يوما عن تكرار إبداء استعداده للمضي بمهمته حتى تحقيق خواتيمها، متخذا لحكومته منذ تكليفه شعار «حكومة المصلحة الوطنية».

يذكر أن سلام أبصر النور في 13 مايو (أيار) 1945 في المصيطبة، في بيروت، في دارة يعود بناؤها إلى مائة وعشرين عاما احتضنت أحداثا وطنية وسياسية كثيرة. والده الزعيم صائب بك سلام، ووالدته تميمة مردم بك، سليلة عائلة دمشقية معروفة. أنهى دراسته العليا في الاقتصاد وإدارة الأعمال في بريطانيا عام 1968، لينصرف بعدها إلى مواكبة نشاطات والده السياسية والاجتماعية، قبل أن يخلفه في رئاسة «جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية» عام 1978 بعد أن كان عضو مجلس أمنائها. متزوج لمى بدر الدين وله ثلاثة أولاد: صائب (على اسم والده)، وتميمة (على اسم والدته)، وثريا.