الرئيس الفلسطيني من الإليزيه: الأميركيون ما زالوا بعيدين عن بلورة الاتفاق ـ الإطار

قال إن اجتماعات «الساعات الثماني» مع كيري أسهمت في «تعميق» فهم المطالب الفلسطينية والإسرائيلية

الرئيس محمود عباس
TT

اعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن الساعات الطويلة من المباحثات بينه وبين وزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس يومي الأربعاء والخميس الماضيين لم تفض إلى نتيجة حاسمة أو حتى مجرد نتيجة إيجابية بصدد المواضيع الخلافية التي تعوق حتى الآن إحراز تقدم في مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية بوساطة أميركية.

وقال أبو مازن بعد لقاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه دام أقل من ساعة، إنه أطلع هولاند على الجهود التي يقوم بها الرئيس أوباما والوزير كيري «لتقريب وجهات النظر الفلسطينية - الإسرائيلية»، مضيفا أن الموضوع «ما زال قيد البحث». ولمح محمود عباس إلى أن الاتفاق - الإطار الذي يريد كيري عرضه سريعا على الطرفين المتفاوضين ليس جاهزا بعد، قائلا إن الأميركيين «ما زالوا يبذلون الجهود من أجل تحديد الأفكار اللازمة للعملية السلمية، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من ذلك». لكن أبو مازن حرص على التنويه بالجهود الأميركية التي وصفها بـ«الجدية».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كانت الساعات الطويلة من المباحثات مع كيري (8 ساعات بحسب عباس) قد أسفرت عن إحراز تقدم ما في المواضيع الخلافية الرئيسة، تحاشى الرئيس الفلسطيني الإجابة مباشرة، واكتفى بالقول إنها سمحت للمفاوض الأميركي بـ«تعمق أكثر في الاطلاع على حاجات الطرف الفلسطيني وكذلك على حاجات الطرف الإسرائيلي»، معتبرا أن ذلك قد يؤمل بظهور شيء «يلبي الحاجات الفلسطينية المعروفة».

وتفيد مصادر متعددة في باريس بأن المسائل الخلافية الأساسية «ما زالت على حالها»، وأن الطرف الفلسطيني «غير مرتاح» للأفكار التي طرحها كيري والتي يريد أن يتكون منها الاتفاق - الإطار الموعود. ويؤكد الطرف الفلسطيني أن الجانب الأميركي ما زال بعيدا عن بلورة بنود الاتفاق – الإطار، وأنه مستمر في طرح الأفكار وانتظار ردود الفعل عليها ليرى ما إذا كانت هناك إمكانية للتقريب في ما بين المواقف الفلسطينية والإسرائيلية.

ويبرز على رأس لائحة التحفظات الفلسطينية موضوع الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، الأمر الذي ترفضه القيادة الفلسطينية بشدة نظرا لتداعياته الخطيرة على حقوق اللاجئين وعلى صورة الصراع خصوصا التاريخ الفلسطيني ومشروعية قضيته. ويهمس بعض الفلسطينيين بأن كيري «يتبنى» وجهة النظر الإسرائيلية ويحاول «تسويقها» لدى السلطة الفلسطينية.

وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «جاء بهذا الشرط متأخرا»، وإن الغرض منه «وضع عراقيل إضافية وإفشال المفاوضات ورمي المسؤولية على الطرف الفلسطيني». ودرج نتنياهو في الأسابيع الأخيرة على اعتبار أن يهودية الدولة هي «جوهر الصراع» وأن موضوع المستوطنات «ثانوي».

جدير بالذكر أن محمود عباس قد أرسل، قبل أسابيع قليلة، رسالة شاملة للرئيس الأميركي باراك أوباما وجون كيري حدد فيها تفاصيل المواقف الفلسطينية من المسائل المتفاوض عليها والتي تخص التسوية النهائية وتشمل الحدود والمياه والقدس واللاجئين، وتضاف إليها مسألة يهودية الدولة الإسرائيلية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية قولهم إن مباحثات كيري في باريس مع أبو مازن كانت «بناءة».

وفي كلامه المختصر للصحافة، شكر أبو مازن فرنسا للجهود التي تبذلها من أجل مساندة المفاوضات، وعلى دعمها إن ثنائيا أو أوروبيا للسلطة خصوصا بسبب موقفها «وموقف أوروبا» من منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقال أبو مازن إنه «لا يدعو لمقاطعة إسرائيل بل إلى مقاطعة المنتجات غير الشرعية التي تأتي من المستوطنات».

وأصدر قصر الإليزيه بيانا جاء فيه أن الرئيس هولاند «جدد دعم بلاده لمسار السلام وللجهود الأميركية»، وأنه شدد على «الحاجة الملحة» للتوصل إلى إطار للتفاوض متفق عليه ضمن المهل المحددة أي 29 أبريل (نيسان) وعلى قاعدة المحددات الأوروبية والدولية المعروفة منذ زمن طويل. وأشار البيان إلى أن هولاند عبر عن استعداد باريس للدعوة لمؤتمر ثان للمانحين للدولة الفلسطينية من أجل دعم مسارها السياسي والاقتصادي. وكانت فرنسا قد نظمت في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2007 إبان رئاسة نيكولا ساركوزي مؤتمر «باريس 1» للمانحين، والذي شارك فيه 87 بلدا ومنظمة، وأتاح توفير مساعدات وقروضا قيمتها 7.7 مليار دولار.

وفي السياق عينه، أفاد البيان بأن هولاند كرر التزام فرنسا لصالح قيام دولة فلسطينية «ذات سيادة وقابلة للحياة» وعزمه على الاستمرار في مساعدتها لبناء مؤسساتها