ضابط في حماية الرئيس طالباني يطلق النار على صحافي عراقي إثر مشادة

غضب في صفوف الإعلاميين وصحف تحتجب احتجاجا

محمد بديوي الشمري الذي تعرض للقتل أمس على يد ضابط في حماية الرئيس طالباني (أ.ف.ب)
TT

فجعت الأوساط الإعلامية والثقافية والحكومية في العراق، أمس بحادث مقتل أستاذ جامعي وصحافي في نقطة تفتيش المجمع الرئاسي بمنطقة الجادرية وسط بغداد، من قبل ضابط في الفوج التابع للرئيس جلال طالباني بعد مشادة كلامية بينهما، الأمر الذي عده صحافيون استهتارا بـ«الدم العراقي»، وطالبوا الجهات المختصة بالقصاص من القاتل، فيما أعلنت عدة صحف عراقية احتجابها عن الصدور اليوم استنكارا لما حصل.

وتناقلت وسائل الإعلام خبر مقتل مدير مكتب إذاعة العراق الحر الدكتور محمد بديوي الشمري في منطقة الجادرية وسط بغداد، وأمام أنظار الناس في الشارع بسبب مشادة كلامية جرت بين ضابط كردي برتبة نقيب وبين الصحافي الشمري بسبب اعتراض سيارة الأخير دخول المجمع الرئاسي، حيث يقع مكتب إذاعة «العراق الحر» التي تمولها الحكومة الأميركية داخل المجمع، مما أدى للشجار ومن ثم اللجوء لضربه بالأيدي، إلا أن الضابط النقيب في قوات البيشمركة الكردية أطلق عليه النار في الحال وأرداه قتيلا، الأمر الذي استدعى قوة بقيادة عمليات بغداد للتوجه إلى مقر الفوج لاعتقال قاتل الأستاذ الجامعي.

وأشرف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شخصيا على اعتقال الضابط الذي قتل الإعلامي محمد بديوي عند حاجز تفتيش المجمع الرئاسي في منطقة الجادرية وسط بغداد أمس.

وقال المالكي في تصريح لدى وصوله إلى مقر المجمع الرئاسي حيث كانت قوة خاصة تحاصره بعد رفض الفوج الرئاسي تسليم الجاني وتبدو عليه علامات الغضب، إن «دم الشهيد في عنقي، وأنا ولي الدم، وكل من له صلة بهذه الجريمة يجب أن يمثل أمام القضاء، والدم بالدم».

وبعد محاصرة للمقر ومفاوضات جرت بين قيادة عمليات بغداد والضباط المسؤولين عن الفوج الرئاسي، قاموا بتسليمه إلى القوات العراقية.

يشار إلى أن الفوج الرئاسي، يتكون من قوات البيشمركة الكردية.

وكان مصدر في وزارة الداخلية قال لوكالة الصحافة الفرنسية رافضا كشف هويته إن «الإعلامي محمد البديوي قتل على يد ضابط برتبة نقيب في قوة حماية المجمع الرئاسي في الجادرية بعد مشادة كلامية بينهما». وعلى الفور، طوقت قوة عراقية خاصة مقر الفوج الرئاسي في الجادرية وطالبت بتسليم الجاني.

بدوره، عبر الشيخ غضنفر البطيخ الشمري عن استهجان قبيلته التي ينتمي إليها الإعلامي القتيل لما حصل، وقال إن «هذا اعتداء سافر وغير مقبول ونحن كعشائر شمر نستهجن هذا العمل الإجرامي».

وشدد الشمري على أن «القانون فوق الجميع ولا بد أن ينفذ على الجميع مهما كانت درجته ووظيفته». وتابع: «حسب معلوماتنا فإن الضحية تعرض إلى إهانة متعمدة وقتل بدم بارد.

ويعمل بديوي وهو حاصل على دكتوراه في الإعلام أستاذا في كلية الإعلام في الجامعة المستنصرية في بغداد. ويشغل منذ 2006 منصب مدير تحرير الإذاعة التي تبث من بغداد منذ عام 2003.، وهو متزوج وأب لطفلين.

وعبرت أوساط صحافية وجمعيات ومنظمات داعمة لحقوق الصحافة وحقوق الإنسان عن شجبها واستنكارها وغضبها إزاء ما حصل ووصفته بـ«الجريمة التي ارتكبت بدم بارد»، مطالبة الجهات الحكومية بحماية أكبر للصحافيين ومنع الاعتداءات التي تلاحقهم يوميا والقصاص من المجرم بأسرع وقت، فيما أعلنت صحف بغدادية عن احتجابها عن الصدور اليوم احتجاجا على مقتل الشمري.

وقال الصحافي صباح اللامي مدير تحرير صحيفة «المشرق» اليومية البغدادية لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم نصوص الدستور العراقي الذي يقضي بتوفير حماية لكل العراقيين من الاعتداءات والصحافيين على نحو خاص وقانون حقوق الصحافيين الآن أن الإعلام العراقي مستهدف منذ سنوات بسبب وجود عقليات متخلفة وكذلك بسبب الفوضى العارمة التي تعم البلاد، حتى أصبحت لغة السلاح هي السائدة».

بدورها دانت النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين بشدة في بيان صدر عنها الحادث المروع الذي أودى بحياة الشمري على يد أحد ضباط الفوج الرئاسي بمنطقة الجادرية وسط بغداد. وأكدت أنه «انتهاك سافر جديد يضاف إلى مسلسل الترويع الذي تتعرض له الأسرة الصحافية في البلاد».

وقال الكاتب والصحافي عدنان حسين نقيب النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين لـ«الشرق الأوسط»: «لقد طالبنا كنقابة بإجراء تحقيق مهني وشفاف وعدم تسويفه كما حدث في حالات سابقة، ومن أجل الوقوف على ملابسات الجريمة وتسليم الجناة إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل».

وأضاف: «من المهم عدم إخراج الحادث عن طبيعته الجنائية وعدم إطلاق التهم بشكل مجاني وغير مسؤول مما قد يؤدي إلى مزيد من التوتر».

بدوره أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حامد المطلك أن «قيام قوة من حماية رئيس الجمهورية جلال طالباني بقتل أستاذ جامعي وصحافي هو «نوع من الإرهاب»، محذرا من (ردة الفعل) التي سيخلقها الحادث، فما شدد على ضرورة تطبيق القانون بأدق تفاصيله في هذا الحادث».

ووصفت الإعلامية صابرين كاظم أحوال البلاد بعد حادثة مقتل الشمري بأن «العراق صار جحيما وقوده شعبه، وأن العالم غير معني بمأساتنا في حين نحن نتخاذل لا نجد ما نفعله لوقف مسلسل الدماء». وأضافت: «هناك استهتار كبير بعمل وحياة الإعلامي في العراق».

وقال عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق: «للأسف لم تزل دماء الصحافيين وعموم المواطنين مستباحة من قبل السلطة وزبانيتها، وأن الاستهتار بدماء الناس وحياتهم ليس له حدود».

وكانت حشود كبيرة من الإعلاميين، قد تجمعت عند مدخل مجمع الرئيس طالباني في الجادرية، للمطالبة بتسليم قاتلي بديوي، وسط أجواء مشحونة.