عمرو موسى لـ «الشرق الأوسط»: ترشح السيسي محسوم وتوافقنا على طرح أبرز ملامح برنامجه

الرئاسة المصرية رفضت مقترحات أحزاب بشأن التراجع عن تحصين لجنة الانتخابات

مصريون يسيرون أسفل ملصق إعلاني ضخم يدعم حملة ترشح المشير عبد الفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة المصرية (أ.ب)
TT

أغلق في مصر أمس باب التكهنات؛ بإعلان الدبلوماسي المخضرم عمرو موسى جانبا من الخطوط الرئيسة للبرنامج الذي سيطرحه قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي، كمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتزامن هذا الإعلان مع رفض الرئاسة رسميا مقترحات أحزاب بشأن إعادة النظر في تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.

ورغم الإشارات القوية التي أرسلها المشير السيسي بشأن عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها خلال الشهرين المقبلين، أثار إرجاء مغادرته منصبه كوزير للدفاع شكوكا حول ما عده البعض تعقيدات دولية وإقليمية تحول دون إقدامه على اتخاذ هذه الخطوة.

لكن موسى الذي ترأس لجنة تعديل الدستور قال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، في لهجة حاسمة، إن «قرار خوض المشير السيسي المنافسة في الانتخابات الرئاسية بات منتهيا، وتوافقنا على ضرورة أن نطرح ملامح البرنامج وأفكاره الرئيسة على الناس».

وأشار موسى إلى أن المشير السيسي سيعلن في غضون أيام قرار خوضه السباق الرئاسي، كما سيعلن برنامجه الانتخابي. ولم يحدد موسى موعدا لذلك على وجه الدقة، لكنه لفت إلى أن العمل يجري على قدم وساق للانتهاء من صياغة رؤية المشير والأسس التي يعتمد عليها برنامجه.

وحظي قائد الجيش بشعبية واسعة لدى قطاعات واسعة من المصريين في أعقاب انحياز الجيش لمطالب ملايين المتظاهرين ضد استمرار حكم الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان.

ووضع السيسي بالتوافق مع قوى سياسية وقيادات دينية خريطة للمستقبل في يوليو (تموز) الماضي تضمنت تعديل الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. وأنجزت السلطة الانتقالية الاستحقاق الأول مطلع العام الحالي.

وقال موسى إن «برنامج المشير السيسي يطرح التحرك على محورين: الأول يعمل على إعادة بناء الدولة على أسس حديثة، بإنفاذ مقررات دستور 2014 الذي وافق عليه المصريون في استفتاء شعبي، بينما يعتمد المحور الثاني على إشراك الشعب في تفاؤله بشأن مستقبل بوصلته تحقيق التنمية الشاملة، والعدالة الاجتماعية، مع وضع المواطنين بكل شفافية أمام حقائق الوضع الاقتصادي والظروف التي تمر بها البلاد».

وأكد موسى أن البرنامج المقترح يتضمن إجراءات لتفعيل المبادئ التي حددها الدستور بشأن احترام الحقوق والحريات وعدم التمييز بين المواطنين وضمان تكافؤ الفرص بينهم، وحرية الرأي والاختلاف السلمي في ضوء محددات رئيسة تقوم أساسا على أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو المتوازن جغرافيا وقطاعيا، حفاظا على حقوق ومصالح الجيل الحالي والأجيال القادمة، خاصة في ضوء الزيادة المتوقعة في عدد سكان مصر.

وأوضح موسى أن برنامج المشير يتضمن خطة طموحة مقترحة لإعادة صياغة الخريطة التنموية والاستثمارية لمصر، عبر إجراء تعديلات جذرية على حدود عدد من المحافظات، بما يتضمنه ذلك من تغيير في الخريطة الإدارية، حيث ينتظر أن تمتد حدود بعض محافظات الصعيد شرقا وغربا لتوسيع آفاق العمل والإنتاج، بالإضافة إلى التوصل لحلول جذرية ونهائية للمعوقات المزمنة وخاصة ضعف كفاءة أداء الجهاز الإداري للدولة، وحماية المصالح الحيوية لمصر وتعظيمها وخاصة في مجالي المياه والطاقة.

وتابع: «الركائز الأساسية للبرنامج تستهدف الحد من الفقر وتحقيق تحسن سريع وملموس في جودة الحياة لجميع المواطنين، والعودة بالطبقة المتوسطة إلى حجمها الطبيعي، واستعادة الأمن وإصلاح مؤسسات الدولة وضمان كفاءتها وانضباطها في أداء دورها ومحاربة الفساد»، مشيرا إلى أن مجموعة من الشخصيات العامة والخبراء يشاركون حاليا في نقاشات مكثفة لبلورة خطط برنامج التنمية والإصلاح الذي سيطرحه المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية.

وفي غضون ذلك، حسمت الرئاسة أيضا الجدل بشأن إعادة النظر في مادة مثيرة للجدل حصنت قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها أمام القضاء. ورفضت مؤسسة الرئاسة في رد مكتوب مقترحات أحزاب بتعديل نص المادة بما يسمح بطعن المرشحين على قرارات اللجنة.

وقال المستشار علي عوض صالح، المستشار الدستوري للرئيس، إن الرئاسة أكدت في ردها أنه لا يمكن الاستجابة لهذه المقترحات نظرا لظروف المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أن الرئاسة أقرت تحصين قرارات اللجنة بعد أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة الدستورية، وأن التحصين له سنده الدستوري.

وأعلنت أحزاب مؤيدة للمسار السياسي اعتراضها على قانون الانتخابات. وقالت إن تحصين قرارات لجنة الانتخابات يخالف دستور 2014. كما أعلن المرشح الرئاسي المحتمل حمدين صباحي رفضه تلك المادة، لكنه استبعد أن يتسبب تمسك الرئاسة بنص المادة في مراجعة موقفه من خوض السباق.

ويترقب المصريون إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية. وانتهت اللجنة الأسبوع الماضي من إقرار لائحة عملها، ووضع نموذج تأييد المواطنين للمرشح الرئاسي.

ويتطلب قبول أوراق المرشح للانتخابات الرئاسية الحصول على تأييد 25 ألف تزكية ممن لهم حق الانتخاب من 15 محافظة على الأقل. واستحدث قانون الانتخابات الرئاسية شرط اجتياز المرشح فحصا طبيا.

وبينما يستعد قطار الانتخابات الرئاسية للانطلاق خلال الأسبوع الحالي على الأرجح، أطلقت جماعة الإخوان بالونات اختبار، بحسب مراقبين أبدت فيها استعدادها للتراجع خطوة لتحقيق توافق سياسي.

وقال جمال حشمت، القيادي البارز في جماعة الإخوان، في تصريحات له أمس، إن «الجماعة تسعى إلى الوصول لتوافق سياسي على غرار ما نجح فيه راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس)، عندما تنازل عن السلطة».

وأضاف حشمت في تصريحات لوكالة «الأناضول»، من مكان ما خارج مصر، أن «الجماعة تستعد لإعلان حدث سياسي مهم في شهر أبريل (نيسان) المقبل»، مكتفيا بالقول: «سنضع أيدينا مع كل ثوري محترم منحاز للديمقراطية والحريات».

وتابع حشمت، الذي شغل منصب وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان قبل إلغائه في دستور 2014)، أن «الحدث يأتي في إطار السلمية المبدعة من جانب (الإخوان) و(التحالف الوطني لدعم الشرعية «الداعم للرئيس السابق مرسي») وآخرون (لم يحددهم)، ويأتي استثمارا للحراك الشعبي في مصر».

وشدد عضو شورى الجماعة على أن جماعة الإخوان «لديها نية للتنازل لتجميع المصريين واسترجاع الديمقراطية والحريات»، مضيفا أنه إذا كان ثمن تجمع المصريين المؤيدين للشرعية أو المسار الديمقراطي هو رجوع (الإخوان)، وحزب الحرية والعدالة (الجناح السياسي لها) خطوة أو خطوتين للوراء والتراجع عن صدارة المشهد، الذي حازه في إطار ديمقراطية تشاركية، فهو أمر مقبول يمكن بدء الحوار عليه».

لكن مجدي قرقر، القيادي في «تحالف دعم الشرعية»، قلل من أهمية تصريحات حشمت قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه من المبكر جدا الحديث عن تحالف مع قوى سياسية تبدي حاليا رفضها للمسار السياسي الراهن، مضيفا أنه من السابق لأوانه توقع أن تقيم جماعة الإخوان تحالفا مع حركة شباب 6 أبريل أو الاشتراكيين الثوريين.

من جانبه، استنكر إمام يوسف، عضو الهيئة العليا لحزب الأصالة، القيادي بـ«التحالف الوطني لدعم الشرعية» تصريحات حشمت، مطالبا في بيان له أمس رموز «الإخوان» في الخارج بضبط تصريحاتهم، مؤكدا أن التحالف ليست لديه مبادرات يقدمها، وأن تراجع «الإخوان» خطوة إلى الخلف شأن يخصهم، إلا أنهم (الإخوان) فصيل من فصائل التحالف وليس هم التحالف.