«إعلان الكويت».. خطة عمل وتعهد باستكمال تنقية الأجواء وتحسين أداء العمل العربي

القمة العربية تختتم أعمالها بتأكيد حسن الجوار وتجنب التدخل في الشؤون الداخلية

مشهد عام من فعاليات الجلسة الختامية للقمة العربية في الكويت أمس (أ. ب)
TT

اختتم قادة الدول العربية أعمال الدورة العادية الخامسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، أمس، بإصدار ««إعلان الكويت»» بعنوان «تعزيز التضامن العربي لتحقيق نهضة عربية شاملة».

وعكس ««إعلان الكويت»» خطة عمل يعتزم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح القيام بها خلال رئاسة بلاده للدورة الحالية أخصها وضع حد للخلافات عبر الحوار والمصالحة.

وحرص ««إعلان الكويت»» على الإشارة إلى المصالحة العربية، ودور الكويت في تقريب وجهات النظر، وتجاوز الصعوبات الأمنية والسياسية والالتزام بمساعدة الدول العربية التي تشهد حاليا مراحل التحول الديمقراطي والسياسى، وتعزيز الأمن القومى العربي، وتمكين الدول العربية بالعمل على مواجهة الصعوبات التي تعوق التنمية خاصة في المناطق الأكثر فقرا، ودعم قضايا فلسطين ولبنان وسوريا واليمن ومصر، والتركيز على توطيد العلاقات العربية - العربية على أسس حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتجنب التدخل في الشؤون الداخلية، والارتقاء بمستوى التعليم والخدمات التي تمس حاجة المواطن العربي من صحة وتعليم وحقوق إنسان ومحو الأمية للنهوض بالتنمية.

وأكد القادة العرب مجددا ما ورد في ميثاق جامعة الدول العربية والمعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها الدول العربية الرامية إلى توطيد العلاقات العربية – العربية، وتمتين اواصر الصلات القائمة بين الدول العربية من أجل الارتقاء بأوضاع الأمة العربية، وتعزيز مكانتها واعلاء دورها على الصعيد الإنساني، وجددوا تعهدهم بإيجاد الحلول اللازمة للأوضاع الدقيقة والحرجة التي يمر بها العالم العربي برؤية عميقة وبصيرة منفتحة لتصحيح المسار بما يحقق مصالح دول وشعوب العالم العربي ويصون حقوقها ويدعم مكاسبها، ويؤكد على قدرتها على تجاوز الصعوبات السياسية والأمنية التي تعترضها وبناء نموذج وطني تتعايش فيه كل مكونات شعوبها على أسس العيش المشترك والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية وذكر «إعلان الكويت» أن القادة العرب أعلنوا عزمهم إرساء أفضل العلاقات بين الدول الشقيقة عبر تقريب وجهات النظر وجسر الهوة بين الآراء المتباينة، وتأكيد أن العلاقات العربية - العربية قائمة في جوهرها وأساسها على قاعدة التضامن العربي بوصفه السبيل الأمثل والطريق الأقوم لتحقيق مصالح الشعوب والدول العربية، وتعهدوا بالعمل، بعزم، لوضع حد نهائي للانقسام العربي عبر الحوار المثمر والبناء، وإنهاء كافة مظاهر الخلاف عبر المصالحة والشفافية في الفعل والقول.

والتزم القادة العرب بتوفير الدعم والمساندة للدول الشقيقة التي شهدت عمليات الانتقال السياسي والتحول الاجتماعي، من أجل إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وهياكلها ونظمها التشريعية والتنفيذية، وتوفير العون المادي والفني لها بما يمكنها من إنجاز المرحلة الانتقالية على نحو آمن ومضمون لبناء مجتمع يسوده الاستقرار على أسس قيم العدالة الاجتماعية والمساواة والإنصاف وبناء مؤسسات ذات كفاءة وفعالة تكون قادرة على تثبيت السلم الأهلي وتحقيق التقدم الاجتماعي.

كما أكدوا حرصهم الكامل على تعزيز الأمن القومي العربي بما يضمن سلامة الدول العربية ووحدتها الوطنية والترابية، وتمتين قدرة الدول العربية على مواجهة الصعوبات الداخلية التي تمر بها والتحديات الخارجية المهددة لسلامتها بما يمكن من تسارع عملية النمو وتحقيق التنمية الشاملة بهدف بناء مجتمعات تتسم بوحدة نسيجها وتماسكها الاجتماعي، يكون حصادها لمصلحة أوسع الفئات في المجتمع، خاصة الفئات الأكثر فقرا والمجموعات المهمشة، وبما يضمن زيادة الرفاه الاجتماعي في المجتمعات العربية بكل المقاييس وفي كل المجالات.

وحول القضية الفلسطينية، أكد الإعلان الرفض القاطع والمطلق للاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية»، وجدد في سياق القرارات المعتمدة في إطار القضية الفلسطينية، تأكيد أن «القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للشعوب العربية»، داعيا مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوات لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، ومحملا إسرائيل المسؤولية كاملة عن تعثر عملية السلام واستمرار التوتر في الشرق الأوسط.

وأدان الإعلان الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومحاولات انتزاع ولاية الأردن عنه، مؤكدا عدم شرعية المستوطنات وبطلانها القانوني، مع مطالبة المجتمع الدولي بوقف النشاط الاستيطاني.

ودعا الإعلان في هذا السياق، إلى احترام شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها والالتزام بوحدة القرار والتمثيل الفلسطيني.

كما حث على تنفيذ اتفاقية المصالحة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الضمانة الحقيقية لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني. وأكد أهمية التمسك بمرجعيات عملية السلام كالمبادرة العربية وقرارات الشرعية الدولية وبيانات وقرارات الاتحاد الأوروبي، وعلى نحو خاص بيان بروكسل، التي تؤكد جميعها حل الدولتين، وإرساء السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.

ودعا «إعلان الكويت» مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته والتحرك لاتخاذ الخطوات اللازمة ووضع الآليات العملية لحل الصراع العربي - الإسرائيلي بكل جوانبه، وحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة لتعثر عملية السلام، وأكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية، ودعا إلى احترام الشرعية الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني، وتثمين جهوده للمصالحة الوطنية والالتزام بوحدة القرار والتمثيل الفلسطيني. وأكد «إعلان الكويت» اعتبار المصالحة الفلسطينية الضمانة الحقيقية الوحيدة لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الاستقلال الوطني، ودعا لتنفيذ اتفاقية المصالحة الوطنية الموقعة خلال عام 2011.

وأكد الإعلان دعم ومساندة سوريا في استعادة الجولان، وأكد التضامن مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي بما يحافظ على الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته، كما أشاد الإعلان بالدور الوطني للجيش اللبناني والقوى اللبنانية الأمنية في صون الاستقرار والسلم الأهلي، وأكد الإعلان التضامن مع الشعب السوري وحقه في الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، وإقامة نظام دولة يتمتع فيه جميع المواطنين السوريين بالحق في المشاركة في جميع مؤسساته دون إقصاء أو تمييز بسبب العرق أو الدين أو الطائفة. وأكد الإعلان الدعم الثابت لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» بوصفه ممثلا شرعيا للشعب السوري، وطالب النظام السوري بالوقف الفوري لجميع الأعمال العسكرية ضد المواطنين السوريين، ووضع حد نهائي لسفك الدماء وإزهاق الأرواح والإدانة بأقصى عبارات التنديد المجازر والقتل الجماعي، الذي ترتكبه قوات النظام السوري ضد الشعب الأعزل، ودعوة دول العالم للعمل على وقف حمام الدم وانتهاك الحرمات وتشريد المواطنين السوريين من ديارهم.

ودعا الإعلان إلى إيجاد حل سياسي للأزمة وفقا لبيان «جنيف2» بما يتيح الانتقال السلمي، لإعادة بناء الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية بما يكفل المحافظة على استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها وسلامة ترابها الوطني.

وأشاد الإعلان بجهود الشيخ صباح الأحمد لتقديم العون الإنساني للاجئين والنازحين السوريين وتخفيف معاناتهم. وتضامن الإعلان مع الدولة الليبية ومسانداتها في جهودها في الحفاظ على سيادتها الوطنية واستقلالها ووحدة أراضيها، ودعم جهودها في إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة بما في ذلك صياغة الدستور، وتفعيل المصالحة الوطنية.

ورحب الإعلان بنتائج ومخرجات الحوار الوطني الشامل في اليمن، وأكد الدعم الكامل للوحدة اليمنية واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية ودعم تطلعات الشعب اليمني في وحدة وطنه وازدهاره واستقراره في ظل دولة مدنية ديمقراطية حديثة قائمة على مبدأ التوافق والشراكة الوطنية والحكم الرشيد، ودعم اليمن في حربها ضد الإرهاب.

وأكد الإعلان سيادة الإمارات على الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، وتأييد الإجراءات والوسائل السلمية كافة التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادتها جزرها المحتلة، ودعوة إيران إلى الاستجابة لمبادرة دولة الإمارات بإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث من خلال المفاوضات الجادة المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وأكد الإعلان التضامن مع السودان ودعم سيادته ووحدة أراضيه ومساندة حكومته في جهودها لتنفيذ كل الاتفاقيات المبرمة مع جنوب السودان، ورحب بالتحسن في عملية الاستقرار في الصومال، وأدان الأعمال الإرهابية التي تمارسها «حركة الشباب» ضد الشعب الصومالي وحكومته. وأكد الإعلان دعم الوحدة الوطنية لجزر القمر المتحدة ورفض الاحتلال الفرنسي لتغيير هوية جزر مايوت، وكذلك الترحيب بالاتفاق الموقع بين جيبوتي وإريتريا تحت رعاية قطرية.

وأكد «إعلان الكويت» الإيمان الراسخ بالعيش المشترك مع دول الجوار العربي، وتعزيز الأمن والسلم الإقليمي على أسس حسن الجوار والتعاون البناء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وحل النزاعات بالطرق السلمية والحوار الجاد، وإعمال مبادئ القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة ذات الصلة باستقلال الدول وسيادتها، والحرص على إقامة علاقات وثيقة بين الدول على قاعدة متكافئة وعلى أسس الاحترام المتبادل لحقوق جميع الشعوب ومصالحها وحقها في الاختيار الحر لنظم حكمها وطبيعة مؤسساتها وتشريعاتها الوطنية.

وأكد الإعلان الإدانة الحازمة للإرهاب بجميع أشكاله وصوره وأيا كان مصدره، وعده عملا إجراميا أيا كانت دوافعه ومبرراته، ودعا إلى العمل الجاد والحثيث على مقاومة الإرهاب واقتلاعه من جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمادية والرفض لكافة أشكال الابتزاز من قبل الجماعات الإرهابية، سواء بالتهديد أو قتل الرهائن أو طلب فدية لتمويل جرائمها الإرهابية، والمطالبة بوقف كافة أشكال النشر أو الترويج الإعلامي للأفكار الإرهابية أو التحريض على الكراهية والتفرقة والطائفية والتكفير وازدراء الأديان والمعتقدات وأكد «إعلان الكويت» دعم التضامن العربي، واعتماد العمل الاقتصادي الاجتماعي المشترك بوصفه الركيزة الأساسية للتعاون العربي. وطالب الإعلان المؤسسات بالعمل على بناء القدرة لدى الحكومات العربية والعمل على زيادة التبادل التجاري والتكامل بين الاقتصادات العربية، وخاصة منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى والاتحاد الجمركي وصولا إلى السوق العربية المشتركة، وذلك من خلال إيجاد آليات ذات مصداقية لتسوية النزاعات والعمل على إزالة الحواجز التجارية غير الجمركية. واهتم الإعلان بمقترح مصر الداعي إلى الاهتمام بالتعليم في الدول العربية والارتقاء بالمؤسسة التعليمية بأسرها على نحو عاجل وتأهيلها على نحو يكفل لها أداء رسالتها بكفاءة ومهنية واقتدار والتطوير النوعي لمناهج التعليم والالتزام ببناء القدرات البشرية لمواطني الدول العربية على نحو متصل من خلال المؤسسات التعليمية بما يسهم في تراكم الرأسمال البشري القادر على دفع مسارات التنمية، وإيلاء محو الأمية اهتماما على نحو خاص في أوساط النساء والمناطق الريفية في أقرب الآجال وصولا إلى مجتمع خال من الأمية يتمتع بقوة العلم والمعرفة.

وحث الإعلان على متابعة الإصلاح المؤسسي والهيكلي لمنظومة العمل العربي المشترك، وتجديد نظمها وتفعيل آلياتها وتطوير تشريعاتها وقوانينها بما يكفل لها الإسهام بفاعلية وكفاءة في تحقيق النهضة العربية الشاملة، ودعا الإعلان إلى تطوير آلية مجلس الجامعة على مستوى القمة لتشمل عقد قمم عربية نوعية تعنى بالقضايا ذات الأولوية الملحة في تطوير الدول العربية، والتي تسهم في تقدمها والارتقاء بمستوى الرفاه الإنساني للمواطنين.