كيري في مهمة عاجلة إلى الشرق الأوسط لإنقاذ عملية السلام

الفلسطينيون يرفضون عرضا إسرائيليا يتضمن إطلاق 420 أسيرا وتجميدا جزئيا للاستيطان

وزير الخارجية الأميركي يحيي مودعيه قبل دخوله الطائرة مغادرا باريس متوجها إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل أمس (رويترز)
TT

وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في وقت متأخر من مساء أمس، قادما من باريس، في محاولة لإنقاذ عملية السلام التي وصلت إلى حافة الهاوية، بعد خلافات فلسطينية - إسرائيلية، بشأن إطلاق سراح الدفعة الرابعة والأخيرة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو. وكان من المفترض أن يعقد لقاءات فورية مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، على أن يواصل ذلك اليوم أيضا.

ويعد وصول كيري إلى المنطقة، المحاولة الأخيرة للوصول إلى «صفقة» اتفاق تتيح الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وتمديد المفاوضات عاما إضافيا.

وقالت جين بساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «بعد مشاورات مع فريقه، قرر الوزير كيري أن العودة إلى المنطقة ستكون بناءة».

وهذه ثاني مرة خلال أسبوعين يغير فيها كيري جدول أعماله، بعدما قطع زيارة إلى روما الأسبوع الماضي، وسافر إلى عمان لإجراء محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لإقناعه بإطالة أمد المحادثات إلى ما بعد المهلة المحددة بنهاية أبريل (نيسان)، في حين حاول إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالإفراج عن أسرى فلسطينيين.

ويطالب الفلسطينيون بالإفراج عن دفعة الأسرى التي تضم 26 إلى 30 أسيرا، بينهم 14 أسيرا يحملون الجنسية الإسرائيلية، والإفراج عن نحو ألف أسير آخر، وفق تعهد إسرائيلي سابق، وتجميد الاستيطان، مقابل تمديد المفاوضات، بينما ترفض إسرائيل إطلاق سراح أي أسير دون التوافُق على استمرار المحادثات، وتلمح إلى الإفراج عن عدد أقل من الأسرى، وتجميد جزئي للاستيطان.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه ينتظر عرضا واضحا مقابل الإفراج عن أسرى، لكن وزراء إسرائيليين هددوا بإسقاط الائتلاف الحكومي إذا ما أفرجت إسرائيل عن أسرى الداخل. وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عباس مصر على الإفراج عن جميع أسرى ما قبل أوسلو من دون استثناءات.

وفي غضون ذلك، أعلن مسؤول فلسطيني، رفض كشف هويته، أن الفلسطينيين يرفضون الاقتراح الإسرائيلي بتمديد مفاوضات السلام لما بعد موعدها النهائي المقرر في 29 أبريل (نيسان). وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «إسرائيل تمارس سياسة الابتزاز وتربط قبولها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى مقابل إعلان الجانب الفلسطيني قبوله بتمديد المفاوضات». وكشف المسؤول أن إسرائيل قدمت عرضا «رفضه الجانب الفلسطيني»، مشيرا إلى أنه تضمن «إطلاق سراح 420 أسيرا تختارهم إسرائيل لم تصدر بحقهم أحكام مشددة، ولا يتضمن إطلاق سراح الأسرى المرضى والقادة، ومنهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات والأطفال والنساء». وأضاف أن «العرض يتضمن تجميدا جزئيا للاستيطان في الضفة الغربية دون القدس، مع استمرار البناء للعطاءات التي طُرِحت سابقا».

وبحسب المسؤول، فإن العرض الإسرائيلي يهدف إلى «استمرار المفاوضات إلى ما لا نهاية، من دون نتائج، في موازاة استمرار الاستيطان».

وأكد أن الجانب الفلسطيني «أصر على ضرورة إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى البالغ عددهم ثلاثين أسيرا، منهم 14 أسيرا من عرب إسرائيل، وعلى أن يعود الجميع إلى منازلهم».

وبالتزامن مع وصول كيري كان من المقرر أن تجتمع القيادة الفلسطينية في رام الله، برئاسة عباس، للتشاور حول الخيارات المختلفة. ومن المفترض أن تكون القيادة الفلسطينية ناقشت سيناريوهات مختلفة، من بينها تمديد المفاوضات من عدمه، والتوجه فورا إلى المؤسسات الدولية للانضمام إليها أو الانتظار، وتأثيرات كل ذلك على الأوضاع السياسية والاقتصادية.

وتستمر جهود كيري اليوم، في أوج التوتر الكبير القائم بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

وكان وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت، هدد عباس بـ«حساب عسير»، إذا توجّه إلى المؤسسات الدولية للانضمام إليها، قائلا: «نحن سنعرف كيف سنتصرف معه ونرد عليه.. ستكون لائحة اتهامه كبيرة». وأَضاف بينت: «إذا أراد مواجهتنا فليفعل، سنحتل المدن الفلسطينية خلال دقيقة ونصف الدقيقة».

وردّت الرئاسة الفلسطينية على تصريحات بينت، وقالت في بيان: «إن تصريحات وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينت وتهديداته مرفوضة ومُدَانة، ونحن نحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي مسؤولية مثل هذه التهديدات العلنية».

وأضاف بيان الرئاسة: «تمسكنا بحقوقنا وبأرضنا ومقدساتنا، وعودة أسرانا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، لا تنازل ولا تراجع عنه، مذكرين الوزير أن الأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين وذلك يعطينا الحق بمحاسبة كل من يخرج عن القانون الدولي، وينكر حقوقنا بهذه الطريقة الفجة، وبمثل هذه التهديدات التي لا تخيف أحدا، بل تدلل على تصرفات غير مسؤولة».

وفي هذا الوقت، طالب الأسيران البرغوثي وسعدات، بالكفّ عن «المراهنة على المفاوضات مع إسرائيل، بعدما أثبتت عقمها»، ودعيا إلى تفعيل المقاومة بكل أشكالها، وإلى إرساء المصالحة الوطنية الفلسطينية وفق وثيقة الأسرى. وقالا في سياق حديثين أجرتهما معهما «مجلة الدراسات الفلسطينية» من داخل السجن، إن المفاوضات «آلت إلى فشل ذريع».

وقال البرغوثي، وهو المرشح الأوفر حظا شعبيا، لخلافة عباس في رئاسة فتح والسلطة: «إن تجربة عشرين عاما من المفاوضات، منذ مؤتمر مدريد مرورا بأوسلو، لم تُفضِ إلا لمزيد من الاستيطان وتكريس الاحتلال وتهويد القدس، ولمزيد من الاعتقالات (...)، وقد حان الوقت لاستخلاص العبر والدروس من تكرار التجارب (...)، ومن الملاحظ أن عكازة المفاوضات نخرها السوس منذ زمن، وهي عاجزة عن تحقيق الأهداف الوطنية، خاصة في غياب المساندة الحقيقية والفاعلة على الأرض، وغياب الدعم العربي والدولي، وفي غياب الأسس والمرجعيات القائمة على أساس الشرعية الدولية».