العراقيون تحدوّا التهديدات الأمنية وتوجّهوا إلى صناديق الاقتراع أملا في التغيير

مقتل وإصابة العشرات في سلسلة هجمات استهدفت مراكز التصويت

مسنة على كرسي متحرك ترفع سبابتها بعد إدلائها بصوتها في مركز اقتراع ببغداد أمس (أ.ب)
TT

أدلى ملايين العراقيين بأصواتهم في أول انتخابات تشريعية في البلاد منذ الانسحاب الأميركي، رغم هجمات دامية ضربت البلاد أمس وعلى مدى اليومين السابقين وقتل وأصيب فيها العشرات.

وألقت الأحداث الأمنية في اليومين الأخيرين شكوكا إضافية حيال قدرة القوات المسلحة على الحفاظ على أمن الناخبين؛ إذ شهد العراق موجة تفجيرات انتحارية في يوم الاقتراع الخاص بهذه القوات الاثنين، وتفجيرات إضافية الثلاثاء، قتل وأصيب فيها العشرات. وأمس قتل 14 شخصا وأصيب العشرات بجروح في سلسلة هجمات استهدفت مراكز اقتراع في مناطق متفرقة من البلاد. وشملت هذه الهجمات تفجيرين انتحاريين، وعشرين قذيفة «هاون»، ونحو عشر عبوات ناسفة، و11 قنبلة صوتية.

وبهدف السيطرة على الأوضاع الأمنية وحماية الناخبين، أعلنت السلطات العراقية حظرا على تجول المركبات منذ الساعة العاشرة من مساء أول من أمس وحتى إشعار آخر في بغداد وعدد من المحافظات.

وبدت أمس شوارع العاصمة التي عادة ما تكون مكتظة بالسيارات وبزبائن المطاعم الشعبية التي تحتل الأرصفة، مدينة أشباح؛ إذ خلت تماما من السيارات المدنية وانتشرت فيها دوريات الشرطة والجيش وحواجز التفتيش للجيش والشرطة. ولم يجد الناخبون سبيلا للوصول إلى مراكز الاقتراع سوى عبر السير على الأقدام.

لكن رغم التهديدات الأمنية، فإن الناخبين اصطفوا منذ فتح مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السابعة ينتظرون دورهم للتصويت. وفي بغداد، انخفضت أعداد الناخبين عند فترة الظهيرة، إلا أنه كان من المتوقع أن تعود لترتفع نسبة التصويت في فترة لاحقة قبيل إغلاق مراكز الاقتراع عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي.

جواد سعيد كمال الدين (91 سنة) من مركز الاقتراع في غرب بغداد متكئا على عكازه بعدما أدلى بصوته، قال: «أتمنى أن يصبح العراق مستقرا آمنا وتعالج البطالة وتعود الصناعة والزراعة والتجارة للاستعانة بموارد بديلة عن النفط» الذي يمثل المصدر الرئيس لميزانية البلاد. وأضاف كمال الدين الذي هاجر 12 من أحفاده إلى دول أجنبية بينها ألمانيا والسويد والنمسا وبريطانيا: «يجب تغيير كل السياسيين الحاليين والبرلمانيين لأن الغالبية العظمى منهم سرقوا ونهبوا أموال البلاد». وقالت ماري طوبيا يوسف (62 سنة)، وهي تستعد للدخول إلى مركز اقتراع آخر في غرب بغداد أيضا، إن «تحسين أوضاع البلاد، خصوصا الأمنية منها، دفعنا للمجيء للتصويت أملا بالتغيير». وفرضت قوات الشرطة إجراءات مشددة حول «مركز النيل» حيث أدلت ماري بصوتها، تمثلت في انتشار عشرات العناصر حول المبنى وفوق أسطح الأبنية المجاورة، وقطع كل الطرق المؤدية إلى المركز، وتخصيص ممر واحد للناخبين الذين جرى تفتيشهم بشكل دقيق قبل الدخول. وأمام «مركز النيل»، قالت سجى ليث (20 سنة)، وهي طالبة في كلية القانون، بعد أن أدلت بصوتها، إن «الكثير من أوضاع البلاد بحاجة إلى التغيير، خصوصا الأمن، فهو أكثر شيء نتمنى أن يتحسن». وأضافت: «يجب أيضا تغيير رئيس الوزراء، لأنه لم يقدم أي شيء إيجابي في تقديري».

من جهته، قال أبو أشرف (67 سنة): «جئت أنتخب من أجل أطفالي وأحفادي لتغيير أوضاع البلاد نحو الأفضل»، مضيفا: «من الضروري تغيير غالبية السياسيين لأنهم لم يقدموا شيئا. نريد رئيس وزراء وطنيا يعمل لخدمة العراق بعيدا عن الطائفية».

وفي النجف، قالت أم جبار (80 سنة) التي كانت أول من دخل مركز اقتراع في وسط المدينة: «جئت لأؤدي الواجب، فإذا لم نحضر، فمن يحضر، هل يحضر العدو؟». بدوره، عد عادل سالم خضير (55 عاما) في مدينة البصرة الجنوبية أمس «يوم التغيير، لكي لا تبقى الديكتاتورية تحكم العراق، فنحن نريد ديمقراطية حقيقية لا ديمقراطية أحزاب دينية. نعم للتغيير».

ويتنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحا على أصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملا في دخول البرلمان المؤلف من 328 مقعدا.

يذكر أن نسبة المشاركة بلغت 62.4 في المائة في انتخابات عام 2010 التي شهدت أيضا أعمال عنف قتل فيها نحو 40 شخصا، و76 في المائة في انتخابات عام 2005.