الأمم المتحدة تستعد لنقل مساعدات لجوبا بعد اتفاق وقف القتال

الخرطوم تدعم اتفاق السلام في جنوب السودان

رئيس جنوب السودان سلفا كير ميادريت وقائد التمرد رياك مشار في أديس أبابا قبيل التوقيع على اتفاق ينهي حالة التمرد والقتال التي تعيشها البلاد (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الأمم المتحدة استعدادها لنقل مساعدات لبلدات دمرها الصراع في جنوب السودان، لكنها تنتظر لترى إن كان اتفاق وقف إطلاق النار بين الرئيس سلفا كير وزعيم المتمردين ريك مشار سيصمد، قبل أن تبدأ في إرسالها. وانهار اتفاق سابق لوقف إطلاق النار بعد فترة قصيرة من توقيعه في يناير (كانون الثاني).

ووقع رئيس جنوب السودان سلفا كير، ونائبه السابق زعيم المتمردين رياك مشار، أول من أمس (الجمعة)، في أديس أبابا، اتفاقا من أجل وقف الأعمال الحربية، ووقف إطلاق نار بدأ سريانه اعتبارا من مساء أمس، وسط ضغوط وسطاء أفارقة والولايات المتحدة ودول غربية أخرى، من أجل إجراء محادثات مباشرة لإنهاء القتال العرقي الذي أثار مخاوف من حدوث إبادة جماعية، مع احتدام القتال بين قبيلة الدنكا، التي ينتمي لها كير، وقبيلة النوير التي ينتمي لها مشار. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي كان زار البلاد، الأسبوع الماضي، بالاتفاق، ودعا الجانبين إلى «ترجمة التزامهما فورا خطوات على الأرض، وخصوصا وقف كل الأعمال الحربية».

ومن جهته، قال توبي لانزر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جنوب السودان في بيان: «انتهاء العنف سيتيح للناس متنفسا ومساحة للتحرك بقدر أكبر من الأمان والزراعة والاعتناء بأنفسهم بقدر أكبر في الشهور المقبلة».

وأضاف أن الأمم المتحدة تستعد في العاصمة جوبا «لتحميل مراكب ضخمة بمساعدات لإنقاذ الحياة ونقلها لمناطق حيوية مثل بانتيو وملكال».

وشهدت بانتيو عاصمة ولاية الوحدة وملكال عاصمة ولاية أعالي النيل، وهما ولايتان منتجتان للنفط، بعضا من أشد المعارك ضراوة. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إنه لم ترد تقارير فورية عن أي معارك، أمس (السبت)، رغم أن ورود أي أنباء عن وقوع اشتباكات قد يستغرق وقتا في المناطق النائية. وقال المتحدث باسم المتمردين لول رواي كوانج إنه لم ترد إليه أي أنباء عن وقوع اشتباكات. وأضاف: «نحن متفائلون، لكننا لا نستطيع أن نضمن الجانب الحكومي».

ومن جهة ثانية، رحبت الخرطوم، أمس (السبت)، بتوقيع اتفاق السلام بين حكومة جنوب السودان والمتمردين، وأكدت وزارة الخارجية السودانية «دعمها» هذا الاتفاق، كما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وقال أبو بكر الصديق محمد الأمين الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية إن هذا الاتفاق مهم، ليس فقط للسودان، وإنما أيضا للمنطقة، مؤكدا: «دعم السودان لهذا الاتفاق واستعداده لتقديم جميع المساعدات لتنفيذه».

وأضاف أن «تحقيق السلام في دولة جنوب السودان سيسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، الذي سيكون لمصلحة كل المنطقة، وعلى رأسها السودان». وتابع أن «السودان ظل، ومنذ اليوم الأول، يدعو لوقف القتال وحل الخلافات بالطرق السلمية».

وشارك السودان في الوساطة بين الحكومة والمتمردين، في إطار الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيغاد).

وبعد أقل من ثلاثة أعوام على استقلاله في يوليو (تموز) 2011 عن السودان، غرق جنوب السودان في حرب، على خلفية تنافس حاد داخل النظام بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق مشار. وفي بروكسل، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أمس (السبت) إن الاتفاق سيشكل «تقدما كبيرا ممكنا، إذا جرى تطبيقه بسرعة».

وأضافت في بيان أن «السودان يخوض سباقا مع الوقت» لأنه «مهدد بكارثة إنسانية»، داعية كير ومشار إلى أن «يأمرا فورا كل المجموعات العسكرية بتجنب أي عمل عسكري معادٍ».

وأضاف البيان أن الأوروبيين ينتظرون أيضا «استئنافا سريعا للمفاوضات، بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية».

وعدّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي زار جنوب السودان في بداية مايو (أيار) الحالي، أن الاتفاق «يمكن أن يشكل تقدما كبيرا»، داعيا الجانبين إلى التأكد من «التطبيق التام لهذا الاتفاق (وأن تلتزم به) المجموعات المسلحة لدى الفريقين»، مضيفا أن «شعب جنوب السودان عاش معاناة كبيرة منذ وقت طويل».

وقالت منظمة أوكسفام غير الحكومية التي تنشط في المناطق التي دمرها النزاع إن النازحين «يحتاجون للعودة إلى حقولهم في أسرع وقت، وإلا فإنهم مهددون بعدم التمكن من إعالة عائلاتهم في الأشهر المقبلة»، مضيفة أن البلاد تحتاج إلى «مساعدة هائلة».

وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، أمس، أن جنوب السودان على شفير المجاعة، وحذرت من أن ثلث السودانيين الجنوبيين البالغ عددهم 5.11 مليون نسمة مهددون بـ«مستوى غير مسبوق من انعدام الأمن الغذائي».

وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه «لا يزال ممكنا تفادي كارثة غذائية، بشرط السماح للمنظمات الغذائية غير الحكومية بالوصول إلى عشرات آلاف الأشخاص المحتاجين قبل أن يفوت الأوان».

من جهة أخرى، تحدثت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي، وهي قاضية سابقة في المحكمة الجنائية الدولية، التي حاكمت الضالعين في الإبادة برواندا عن «عناصر كثيرة تؤشر إلى حصول إبادة»، وذلك في تقرير للمنظمة الدولية نشر الخميس، حول الفظائع التي ارتكبت في جنوب السودان.

وتعرض كل من كير ومشار لضغوط دبلوماسية كبيرة، بينما هددت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بعقوبات محددة الهدف، وفرضت واشنطن عقوبات على قياديين عسكريين في صفوف الحكومة والمتمردين. والنزاع الذي اندلع في منتصف ديسمبر (كانون الأول) خلّف آلاف القتلى وأجبر أكثر من 2.1 مليون شخص على النزوح.

وتقول الأمم المتحدة إن 67 ألف شخص عبروا من جنوب السودان إلى السودان هربا من القتال. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية في بيانه الأسبوعي الأخير، الذي صدر الخميس، إن «الأشخاص الواصلين إلى السودان يأتون مع مقتنيات بسيطة بعد أن يجري بيعها أو سرقتها على الطريق خلال الرحلة. ويصل الأطفال وهم يعانون من معدلات عالية من سوء التغذية».