الأزهر يتصدى لفتاوى تدعو إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة

مصدر مسؤول تحدث عن اتجاه لنزع الشرعية العلمية عن «الاتحاد العالمي»

TT

بدأت مشيخة الأزهر بالتعاون مع وزارة الأوقاف المصرية المشرفة على المساجد في البلاد، اتخاذ خطوات للتصدي لفتاوى تدعو لمقاطعة انتخابات الرئاسة، وتحريم المشاركة فيها. وقال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر الشريف بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الأزهر يتجه بقوة خلال الأيام المقبلة لاتخاذ قرار بإعلان أنه لا شرعية للفتاوى أو الأعمال العلمية لـ«الاتحاد العالمي لعلماء للمسلمين» وحل فرعه بالعاصمة المصرية القاهرة وحظر نشاطه وعد أعضائه منتمين إلى مؤسسة محظورة، وذلك عقب فتاوى رئيسه الدكتور يوسف القرضاوي (المقيم في قطر) بمقاطعة انتخابات الرئاسة المصرية والتحريض ضد الشرطة والجيش والترويج للعنف والقتل. وأضاف المصدر المسؤول، أن «هذه الخطوة تأتي في إطار توظيف الاتحاد العالمي الدين في أغراض سياسية، وإصدار فتاوى لا تستند إلى أي سند شرعي، هدفها إرباك المجتمع المصري وإحداث الفتن».

يأتي هذا في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة في جامعة الأزهر، أمس، عن «مخاطبات كثيرة أرسلت لمشيخة الأزهر تطالب بسحب جميع شهادات القرضاوي العلمية التي حصل عليها من جامعة الأزهر، وتحريك دعوى جنائية ضده بسبب فتاواه ودعواته التي تؤدي إلى تعكير صفو المصريين وتكدير الرأي العام». ويرفض القرضاوي قرارا شعبيا لقادة الجيش والأزهر والكنيسة وسياسيين آخرين، بعزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، وطالب القرضاوي أكثر من مرة الجنود المصريين بمخالفة أوامر قادتهم، وقبل يومين أفتى بتحريم المشاركة في انتخابات الرئاسة، وهو ما وصفه الأزهر الشريف بـ«المغرض والمجافي للشرع».

وتتجه الأنظار المصرية والدولية للانتخابات الرئاسية، والتي تعد ثاني استحقاقات «خارطة المستقبل»، ويتنافس في الانتخابات قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسي، وزعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي. والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو مؤسسة إسلامية تأسست عام 2004، وتعنى بخريجي الكليات الشرعية والأقسام الإسلامية وكل من له عناية بعلوم الشريعة، والثقافة الإسلامية، وله فيها إنتاج معتبر، أو نشاط ملموس. لكن مصادر أزهرية تقول، إن «الاتحاد العالمي لا يضم علماء متخصصين في العلوم الشرعية والإسلامية؛ بل إن بعضهم أنصاف متعلمين وليسوا من خريجي الكليات الشرعية».

من جهته، قال المصدر المسؤول في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار وقف الاعتراف بالاتحاد العالمي، حال صدوره، يرجع إلى إصدار الاتحاد العالمي عددا من الفتاوى التي تبيح الجهاد ضد الجيش المصري والتحريض ضد السلطات المصرية في الخارج». ولم يحدد المصدر المسؤول موعدا لإعلان قرار مشيخة الأزهر بوقف الاعتراف بالاتحاد العالمي للمسلمين، أو خطوات ذلك.

في ذات السياق، أكدت مصادر مطلعة في جامعة الأزهر، أن «سحب شهادات القرضاوي التي حصل عليها من جامعة الأزهر محل دراسة من خبراء القانون، حتى لا يمكن الطعن من القرضاوي على ذلك»، لافتة إلى أن الجامعة وجدت انحرافا في رسالة القرضاوي العلمية باستخدام الدين لتحقيق مآرب سياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي تعد رئيس الاتحاد العالمي الأب الروحي لها، لذا قررت اتخاذ قرار حقيقي.

وسبق أن ناشدت جامعة الأزهر رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم واللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، سحب الجنسية المصرية من القرضاوي الذي أقاله الأزهر من أكبر هيئتين به (كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية) كان القرضاوي عضوا بهما عقب ثورة «25 يناير» عام 2011، خاصة بعد أن وصف المصريين الذين شاركوا في الاستفتاء على الدستور مطلع العام الحالي بـ«القطيع».

وتضم جامعة الأزهر أكثر من 77 كلية، وبها نخبة من الأساتذة والعلماء يصل عددهم إلى نحو 11 ألف عضو هيئة تدريس ومعاونيهم. وأضافت المصادر المطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطاب الذي وجهه وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أول من أمس، بسرعة سحب شهادات القرضاوي وحل فرع اتحاد العلماء، كان له أثر كبير في تزايد مطالبات علماء الأزهر بذلك». وتشهد جامعة الأزهر مظاهرات يومية ينظمها طلاب جماعة الإخوان، للمطالبة بعودة مرسي للحكم، والإفراج عن الطلاب المقبوض عليهم في الأحداث التي شهدتها البلاد أخيرا، والتي أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين والقبض على المئات من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. وقالت المصادر المطلعة في جامعة الأزهر، إن «القانون يجيز سحب الشهادات العلمية من عضو هيئة التدريس إذا صدر ضده حكم يمس الشرف أو أساء لجامعته بالقول أو بالفعل». ولم تستبعد المصادر «لجوء جامعة الأزهر للقضاء من أجل الفصل في أمر سحب شهادات القرضاوي، حال وجود موانع قانونية في قانون الجامعات المصرية».

من ناحية أخرى، تقدم وزير الأوقاف بطلب لشيخ الأزهر عقب فتوى القرضاوي بحرمة التصويت في الانتخابات، بتشكيل لجنة الضوابط والقيم من «هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث» للنظر فيما يصدر من فتاوى مثيرة للجدل أو للفتن، أو أي توجه نحو الأفكار المتطرفة أو الشاذة التي لا تتفق مع صحيح الفكر الإسلامي، سواء أكانت هذه الفتاوى صادرة من غير المتخصصين أو صادرة من بعض المتخصصين المنتمين اسما أو شكلا للمؤسسة الأزهرية، حرصا على عدم تسرب أفكار متشددة أو متطرفة أو شاذة للمجتمع.