اغتيال شيخ سلفي ينبذ العنف في ليبيا على يد مجهولين

البنتاغون ينقل 200 جندي أميركي إلى صقلية مع التدهور الأمني

سيف الاسلام القذافي نجل العقيد القذافي لدى حضوره إحدى جلسات محاكمته في مدينة الزنتان أمس (رويترز)
TT

اغتال مسلحون مجهولون عنصرين من القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي والشيخ منصور عبد الكريم البرعصي، السجين السياسي السابق في سجون العقيد معمر القذافي، في حادثين منفصلين بمدينة بنغازي في شرق البلاد.

وقالت مصادر طبية إن البرعصي الذي كان في عهد القذافي أحد نزلاء سجن أبو سليم سيئ السمعة، قتل رميا بالرصاص بعد خروجه من صلاة الفجر في منطقة السلماني ببنغازي.

والبرعصي أب لطفلين ويبلغ من العمر 43 سنة، وقيل إنه نبذ العنف وأصبح يوصف بأنه شيخ سلفي معتدل مناهض للتطرف والعنف.

وقالت مصادر ليبية إن اغتياله ربما جاء في إطار الخلافات التقليدية بين الميليشيات الإسلامية المسلحة، المنتشرة في بنغازي التي تعد عاصمة الثورة ضد نظام القذافي عام 2011 وتشهد منذ آنذاك سلسلة عمليات إرهابية طالت مئات الناشطين السياسيين والإعلاميين ورجال الجيش والشرطة، في ظل فوضى أمنية عارمة.

في الوقت ذاته، استمر إضراب عناصر جهاز الشرطة القضائية عن العمل بمختلف فروعه ومؤسساته الإصلاحية في مختلف مناطق ليبيا، على خلفية مقتل خمسة من زملائهم قبل بضعة أيام في العاصمة طرابلس.

وأكد عدد من المسؤولين بالجهاز أن تعليق العمل سيتواصل إلى حين تحقيق مطالبهم بإجراء تحقيق جدي في حادث قتل زملائهم الخمسة وتقديم الجناة للعدالة وتوفير الأسلحة والذخيرة، وشددوا على ضرورة اتخاذ الإجراءات كافة ضد العصابات المارقة على القانون التي تنشر الرعب والقتل بين المواطنين.

من جانبها، أعلنت الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله الثني، الانتهاء من وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب وإحالته إلى المؤتمر الوطني العام (البرلمان) للعمل على إصداره.

وقال بيان للحكومة أمس، إنها ناقشت الكثير من القضايا والأمور التنفيذية التي لها علاقة بتسيير العمل في مختلف الوزارات للوقوف على حسن تقديم الخدمة للمواطن وبسط الأمن والاستقرار في ربوع البلاد لفرض هيبة الدولة وبسط نفوذها على تراب الوطن كاملا. وأوضحت أنه في إطار فرض هيبة الدولة وبسط نفوذها على المنافذ البرية والبحرية والجوية، فقد استعرضت التقرير المقدم من وزارة الخارجية الليبية المتعلق بنتائج نصب الحدود وفقا للاجتماع الثاني للجنة الليبية - التونسية، حيث قررت الموافقة على نصب الحدود البرية وتكليف الوزارة الاستمرار في إجراءاته بشأن الحدود البرية مع دول الجوار من أجل المحافظة على الحدود الليبية.

وفي تطور آخر، قال مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الليبية لا علم لها بأي خطط أميركية للتدخل العسكري في ليبيا، في أول تعليق رسمي على إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت أول من أمس بصورة مؤقتة نحو 200 جندي من مشاة البحرية إلى صقلية من قاعدتهم في إسبانيا بسبب بواعث قلق بشأن الاضطرابات في شمال أفريقيا، مما يعزز قدرة الولايات المتحدة في الرد على أي أزمة.

واستبعد المسؤول، في اتصال هاتفي من العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، أي عمل عسكري لقوات أميركية على الأراضي الليبية دون التشاور مع السلطات الليبية وإخطارها بشكل رسمي.

وأضاف: «موقفنا واضح، وهو رفض أي تدخل عسكري من أي جهة على الأراضي الليبية، لكننا نتفهم في الوقت نفسه قلق بعض الدول تجاه مصالحها ووجودها الدبلوماسي هنا في طرابلس». لكن مصادر ليبية غير رسمية قالت في المقابل إن الخطوة الأميركية تستهدف إعطاء القوات الأميركية قدرة على الوصول إلى مسرح العمليات في ليبيا، إذا ما اقتضت الضرورة ذلك في حالة تعرض المصالح الدبلوماسية الأميركية أو أعضائها لخطر الخطف على نحو ما حدث أخيرا لأعضاء عدة بعثات دبلوماسية أخرى في العاصمة الليبية، وأضافت: «يبدو أن واشنطن تتحسب لإمكانية خطف أحد أعضاء بعثتها الدبلوماسية في طرابلس، بالتأكيد يريد الأميركيون أن يظهروا قدرة على الاستجابة لأي مهددات من هذا النوع».

وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارين، إن قرار نقل القوات مع ست طائرات جاء في أعقاب طلب من وزارة الخارجية الأميركية، مشيرا إلى أن مشاة البحرية الأميركية سيركزون «دون شك» على حماية السفارات، لكنه لم يستبعد إمكانية الاستعانة بهم لمهمة مختلفة.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن بواعث القلق الأميركية تتركز بشكل مباشر على ليبيا، حيث رفضت جماعات مسلحة وإسلاميون نزع أسلحتهم بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

ويتبع هؤلاء الجنود وحدة التحرك استجابة للأزمات التي تركز على أمن السفارات، وشكلت بعد الهجوم على المجمع الدبلوماسي الأميركي في بنغازي بليبيا يوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2012 الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين.

وقال المتحدث باسم البنتاغون: «نفعل ذلك كخطة طارئة، لأننا نعتقد أن الوضع الأمني في شمال أفريقيا يتدهور إلى نقطة حيث يمكن أن تكون هناك تهديدات».

ولا تزال منشآت النفط الليبية هدفا للاحتجاجات والإغلاق على أيدي كتائب من المعارضة المسلحة السابقة ترفض الاعتراف بسلطة الدولة، كما اقتحم مسلحون الشهر الماضي مبنى البرلمان الليبي.

إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أنها تلقت أمس رسالة جوابية على رسالة الاحتجاج التي أرسلتها إلى وزارة الخارجية الليبية حول ما تعرض له أحمد غانم، رئيس وحدة سيادة القانون، من احتجاز لدى دخوله إلى مجمع الهضبة لحضور الجلسة الأخيرة لمحاكمة لأعوان النظام السابق.

وقالت البعثة في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الرسالة أكدت التزام السلطات الليبية بما نصت عليه اتفاقية المقر بين الدولة الليبية والأمم المتحدة واحترام الامتيازات والحصانات المقررة لها.

وأضافت أن بعثة الأمم المتحدة، التي ساءها احتجاز غانم لمدة الساعة ونصف الساعة وما تلا ذلك من تشهير واتهامات باطلة من خلال بعض صفحات التواصل الاجتماعي، تؤكد أنها تحترم احتراما صارما إجراءات السلطات الليبية القانونية والأمنية والإدارية عند مشاركة ممثلين عنها في حضور المحاكمات، مشيرة إلى أنها تلقت اعتذارا شفهيا من عدد من المسؤولين الليبيين الكبار وتشديدا على أهمية دور الأمم المتحدة في ليبيا.