مطالب في البرلمان الإيراني لإطلاق موسوي وكروبي

استجواب وزير العدل.. ونواب عدوا استمرار احتجازهما «انتهاكا للقانون»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل افتتاح «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا» بشنغهاي أمس (رويترز)
TT

حضر وزير العدل الإيراني مصطفى بور محمدي جلسة البرلمان أمس للرد على تساؤلات عدد من النواب حول الاشتباكات التي وقعت في عنبر السجناء السياسيين في سجن إيفين، والإقامة الجبرية التي يخضع لها المرشحان السابقان لانتخابات الرئاسة مهدي كروبي وميرحسين موسوي.

وتمحورت التساؤلات التي طرحها النائب البرلماني علي مطهري على وزير العدل حول قضية «الإقامة الجبرية المفروضة على موسوي وكروبي».

ويخضع المرشحان السابقان للإقامة الجبرية منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وذلك بناء على قرار صادر عن المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران. وكان كروبي وموسوي من المعترضين على نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009 التي أدت إلى فوز محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية.

وأصدرت السلطات الإيرانية قرارا بوضع ميرحسين موسوي ومهدي كروبي قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) 2011 على أثر الدعوة التي أطلقاها لمظاهرة شعبية تأييدا للحركات الاحتجاجية التي كانت تشهدها تونس ومصر آنذاك.

وتساءل علي مطهري: «لماذا يجري استمرار وضع السيدين موسوي وكروبي قيد الإقامة الجبرية؟ ولماذا لم تصدر أحكام قضائية بحقهما؟». وبالنسبة إلى وقائع عنبر 350 في سجن إيفين والاشتباكات وتعرض السجناء السياسيين إلى الاعتداء بالضرب والشتم، تساءل النائب: «لماذا لم يجر تقديم إيضاحات كافية للناس بهذا الشأن؟ حيث أدى عدم الشفافية حول الأمر إلى تشويش الرأي العام بسبب الأخبار المتداولة في وسائل الإعلام الأجنبية».

وقال محمد رضا خباز مساعد نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية وعضو البرلمان السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «السيد علي مطهري يسعى لإحقاق الحقوق، ولا يتوانى عن أي جهد في هذا المجال. إن تصريحات السيد مطهري بشأن (الإقامة الجبرية التي يخضع لها موسوي وكروبي) تبدو صائبة للغاية، كما أنني أعتقد أن هذا الأمر يجب أن يأخذ مجراه القانوني، ولا ينبغي على أجهزة الاستخبارات أن تقرر حول هذا الأمر».

وأضاف خباز: «يرى السيد مطهري ضرورة إنهاء الإقامة الجبرية (بحق موسوي وكروبي)، لأن الاستمرار في ذلك سيكلف النظام (الجمهورية الإسلامية) ثمنا باهظا، ويثير المتاعب. ويسعى السيد مطهري إلى أن يجري مشاورات مع المرجعيات الدينية حول المسار القانوني لهذا القرار».

وفي تصريح لصحيفة «الشرق» الإيرانية قال مطهري إن تصريحات وزير العدل لم تقنعه، حيث من المقرر أن يجري استدعاء الوزير إلى البرلمان مرة ثانية.

وأضاف مطهري أن «المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أصدر قرار وضع كروبي وموسوي قيد الإقامة الجبرية». ولكنه تابع: «إن مجلس الأمن القومي لا يستطيع أن يصدر مثل هذا القرار الذي يتناقض والمواد المختلفة في الدستور الإيراني. ولم يرد السيد الوزير على ذلك بوضوح. ويجب عليه أن يحضر جلسة علنية في البرلمان لإضفاء الشفافية على هذه التساؤلات». وتابع مطهري: «لا يملك المجلس الأعلى للأمن القومي صلاحية إصدار القرار المذكور، إذ إنه قد يتمكن من إصدار قرار يقضي بوضع الأشخاص قيد الإقامة الجبرية في حالات الطوارئ ولفترة محدودة تتراوح بين عشرة أيام وعشرين يوما. إن محكمة قضائية وحدها تملك الصلاحية لوضع الأشخاص قيد الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة».

وقال مطهري: «ينبغي على السلطة القضائية أن تصدر قرارا بشأن الاستمرار أو إنهاء الإقامة الجبرية». وأضاف: «إن إنزال العقوبات بحق الأشخاص يجب أن يتجري بعد إجراء المحاكمات وصدور أحكام قضائية بهذا الشأن. كان القرار الصادر بفرض الإقامة الجبرية المفروضة عليهما (موسوي وكروبي) في 14 فبراير 2011 قرارا مؤقتا، ولا يمكن أن يكون قرارا أبديا».

وأضاف خباز: «إن البرلمان هو الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية سن القوانين في نظام الجمهورية الإسلامية. ويرى السيد مطهري أن البرلمان عليه متابعة هذه القضية (الإقامة الجبرية بحق بموسوي وكروبي)».

وعما إذا كانت الإقامة الجبرية المفروضة على موسوي وكروبي تهدف إلى حماية الأرواح البشرية من التهديدات المحتملة بحقهما قال مطهري: «لا يمكن اتخاذ القرارات بناء على الاحتمالات والفرضيات. وإذا كانت الأمور تسير بهذا الاتجاه فنحن نقول يجب فرض الإقامة الجبرية على المسؤولين في السلطة القضائية لحماية أرواحهم. لا ينبغي اعتقال وفرض القيود على الأفراد حماية لأرواحهم». وأكد مطهري على ضرورة إقامة محاكمات بحق موسوي وكروبي لإصدار أحكام بحقهما: «إذا أصدرت المحكمة قرارا يقضي بالسجن على هؤلاء الأفراد، أو أحكاما أخرى بحقهما فذلك لم يلق احتجاجا من أحد، غير أن الحالة القائمة تمثل انتهاكا للقوانين، ولا تتمتع بالعقلانية والشرعية».

ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني في حوار تلفزيوني في 29 أبريل (نيسان) الماضي إلى «اعتماد البراغماتية في عالم السياسة»، وأضاف: «ليعلم الشعب أنه لا يمكن حلحلة المشاكل في ليلة وضحاها، بل إنها عملية تستغرق فترة». وقال: «إن الاستعجال يصعب الأمور، يوجه بعض الأفراد انتقادات لي بأنني نسيت وعودي، ولكنني أتمتع بذاكرة ممتازة على غرار السابق».

ويبدو أن تصريحات روحاني هي إشارة ضمنية إلى الانتقادات التي يوجهها بعض مواليه بشأن عجز الرئيس عن فك الإقامة الجبرية التي يخضع لها ميرحسين موسوي ومهدي كروبي، واستمرار المضايقات على النشطاء والسجناء السياسيين في إيران؛ فقد أعلن روحاني خلال حملته الانتخابية لخوض الانتخابات الرئاسية أنه سيعمل على «إطلاق سراح السجناء السياسيين»، وقال روحاني آنذاك ردا على مطالب شعبية بالإفراج عن موسوي وكروبي بأنه «يجب توفير الأرضية لإطلاق سراح كل الذين جرى اعتقالهم بعد الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية في 2009».

ويتولى وزير العدل مسؤولية الوساطة بين السلطتين التنفيذية والقضائية وفقا للدستور الإيراني، ولا يملك صلاحية إصدار الأحكام القضائية أو استئنافها. إن الدور الذي يقوم به وزير العدل في إيران هو بروتوكولي، والسلطة التشريعية هي الجهة الوحيدة التي تملك الصلاحية القانونية لاستدعاء وزير العدل.