إجماع لبناني على إقامة مخيمات للاجئين السوريين في بلدهم أو على الحدود

منظمة العفو الدولية تنبه إلى التكلفة الباهظة لعلاج النازحين وانعكاساتها

TT

كشف وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، رشيد درباس، عن «إجماع وطني توصلت إليه اللجنة الوزارية المكلفة البحث في حلول لأزمة اللجوء السوري انسحب بعدها إلى مجلس الوزراء، حول إقامة مخيمات للاجئين السوريين داخل الأراضي السورية أو في المناطق العازلة»، لافتا إلى أن «هذا الموضوع ينتظر بلورته دوليا من خلال مفاوضات تديرها الأمم المتحدة مع سوريا».

وعد درباس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «الأزمة السورية تحولت إلى نكبة، وينبغي أن يكون هناك موقف عربي موحد منها أمام المجتمع الدولي»، موضحا أن «رئيس الحكومة تمام سلام والوفد المرافق له عرضوا خلال زيارتهم الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية هذا الموضوع من دون الغوص في تفاصيله، وجرى الاتفاق على أكثر من برنامج مساعدة، على أن تناقش في الأيام المقبلة من خلال السفير السعودي في بيروت وفي زيارات لاحقة إلى المملكة».

وكان سلام أعلن لدى وصوله إلى السعودية أن «الحكومة اللبنانية تتجه لمعالجة أزمة اللجوء السوري في لبنان عبر السعي إلى إقامة مخيمات في سوريا أو في المناطق العازلة، وإجراء مسح شامل لهذا الموضوع»، مثنيا على النموذج الأردني في التعامل مع النازحين، واصفا إياه بالـ«ناجح جدا».

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيروت نحو مليون و73 ألفا، بينما تؤكد السلطات اللبنانية أن عددهم الإجمالي قارب المليونين.

ورفضت الحكومة اللبنانية في السنوات الثلاث الماضية إقامة مخيمات للاجئين السوريين خوفا من تكرار تجربة اللجوء الفلسطيني بحيث لا يزال نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني يستقرون منذ عام 1948 في 12 مخيما، موزعين على المناطق اللبنانية.

ويعيش اللاجئون السوريون؛ إما في شقق استأجروها وإما في غرف صغيرة وإما لدى عائلات لبنانية مضيفة، وإما في مخيمات عشوائية منتشرة على الأراضي اللبنانية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش.

وفي هذا الإطار، حذرت منظمة العفو الدولية، أمس الأربعاء، من أن نقص المساعدات الدولية والثغرات في النظام الصحي يدفعان اللاجئين السوريين في لبنان الذين يحتاجون إلى معالجة طبية إلى الاستغناء عنها أو الاستدانة أو العودة إلى بلادهم كي يشتروا أدوية بأسعار أقل أو محاولة تلقي العلاج، رغم المخاطر التي يتعرضون لها بسبب الحرب.

وحملت المنظمة، في تقرير، المجتمع الدولي الجزء الأكبر من المسؤولية عن هذه الحالة بسبب «فشله المخزي» في تمويل برامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين في لبنان، وشددت على وجوب عدم ترك لبنان وحده ليتعامل مع «إحدى أسوأ أزمات اللاجئين في التاريخ». وأشارت إلى أن رفض الحكومة اللبنانية السماح بإقامة مستشفيات ميدانية يعرقل الجهود لناحية تسهيل وصول السوريين إلى العلاج.

وأظهرت دراسة أعدتها وزارة الصحة العام الماضي أن التكلفة الصحية للنازح السوري الواحد تبلغ نحو 350 دولارا أميركيا سنويا. وعد مستشار شؤون التخطيط في وزارة الصحة اللبنانية، بهيج عربيد، ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية «يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي، وليس الدولة اللبنانية التي لم تعد قادرة على تلبية احتياجات اللاجئين التي تزداد وتكبر مع ازدياد وتضخم أعدادهم». وقال عربيد لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة لم تتلق حتى الساعة أي مساعدات مباشرة، ورغم ذلك نتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) لتأمين اللقاحات للأمراض المعدية ونوع من العناية الصحية الأولية التي تقدم لأي مواطن لبناني».

وأشار عربيد إلى أنه «لا قدرة للدولة اللبنانية ووزارة الصحة على تأمين العلاج والأدوية اللازمة للأمراض المستعصية كالسرطان أو غيره»، مطالبا المنظمات الإنسانية والدولية بالالتفات إلى هذه الحالات.

ووجهت الأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) نداء لجمع 6.5 مليار دولار لضحايا الحرب في سوريا، لكنها حصلت على وعد بـ2.3 مليار دولار فقط خلال مؤتمر المانحين الذي عقد بالكويت في الشهر التالي.

ونبهت «اليونيسيف» في فبراير (شباط) الماضي إلى أن هناك قرابة ألفي طفل سوري لاجئ في لبنان يعانون سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج فوري كي يكتب لهم البقاء على قيد الحياة. وأشارت «اليونيسيف» إلى أن أشد فئات أطفال اللاجئين السوريين ضعفا في لبنان، خاصة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعيشون ظروفا عصيبة، هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسوء التغذية.