الحكومة الليبية تنتقد ضمنيا «عملية الكرامة».. ومقتل شخصين في هجوم صاروخي

«حفتر» يعد مظاهرات الجمعة تفويضا شعبيا لمكافحة الإرهاب ويتعهد بعمل عسكري

جانب من مظاهرة الجمعة الاحتجاجية ضد الجهاديين في طرابلس (إ.ب.أ)
TT

اعتبر اللواء خليفة حفتر، القائد العام للمجلس العسكري للجيش الوطني الليبي، أن المظاهرات الحاشدة التي شهدتها عدة مدن ليبية أول من أمس (الجمعة) تأييدا لعملية الكرامة العسكرية التي أطلقها الأسبوع الماضي ضد الجماعات المتطرفة في ليبيا، هي بمثابة تفويض شعبي له بمكافحة الإرهاب ومحاربته. وقال اللواء حفتر، في رابع بيان للمجلس العسكري للجيش الوطني، مخاطبا الشعب الليبي في مؤتمر صحافي مفاجئ عقده أمس في بنغازي (شرق ليبيا) «صدر منكم الأمر فقضي الأمر.. لا عودة عن قبول التفويض ومواجهة التحدي، ولن يعود الجنود والضباط إلى ثكناتهم وبيوتهم حتى ينهزم الإرهاب هزيمة ساحقة».

وتعهد حفتر بعدم توقف المسار الديمقراطي أو تعطل عملية التداول السلمي للسلطة، ودعا الليبيين إلى مناصرة ومؤازرة عملية الكرامة التي وصفها بأنها تاريخية، والصبر عليها حتى يتحقق النصر القريب، مضيفا أن «موعدنا الصبح.. أليس الصبح بقريب؟».

في غضون ذلك، قالت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني إن خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين يحتم على الجميع الاستجابة لمطالب الشعب الذي يمثل الشرعية التي لا يمكن تجاهلها، معلنة دعمها بكل عزم وقوة من أجل بناء مؤسستي الجيش والشرطة والعمل على استيعاب وضم كل أفراد التشكيلات المسلحة تحت هاتين المؤسستين بحيث لا تكون هناك شرعية إلا لهما. وجددت الحكومة ما وصفته بموقفها الثابت تجاه مكافحة الإرهاب بكل أشكاله، مؤكدة أنها ترفض استغلال محاربة هذه الظاهرة لتحقيق مآرب شخصية أو سياسية، في ما بدا أنه بمثابة انتقاد ضمني لعملية الكرامة التي يقودها حفتر.

وتظاهر آلاف من الليبيين في عدد من المدن دعما لعملية حفتر لمكافحة الإرهاب، فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان أن عددا من الميليشيات من مصراتة المنتسبة لـ«درع الوسطى» دخلت إلى ضاحية طرابلس الجنوبية تلبية لطلب رسمي من نورى أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، القائد الأعلى للجيش الليبي، باستقدام قوة من الثوار من مصراتة «لحماية العاصمة»، مما عزز الخشية من حصول مواجهات مع ميليشيات الزنتان المنافسة.

وقالت قوات درع ليبيا المنطقة الوسطى عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إنها «دائما مع خيارات الشعب الليبي وتحت إمرة رئاسة الأركان العامة ومستعدة دوما للدفاع عن ليبيا وشعبها»، موضحة أن «دخول طرابلس كان لحماية المدنيين وتأمين العاصمة وتجنيبها أي محاولة للصراع المسلح مهما كانت أسبابه ودوافعه»، مضيفة «ومتى تأكد لقيادة الدرع ذلك فإن الخروج من العاصمة أمر مؤكد»، مشيرة إلى أنه لم يتم انسحاب الدرع من العاصمة إلى الآن.

ومع ذلك، فقد سجل الإسلاميون حضورا لافتا للانتباه، حيث تظاهر مئات من الثوار السابقين المحسوبين على التيار الإسلامي في ساحة الحرية الواقعة إلى جانب محكمة شمال بنغازي معلنين رفضهم للعملية التي يقودها حفتر. ورفع المتظاهرون شعارات تقول إن «زمن الانقلابات ولى»، لافتين إلى أن «اللواء حفتر وجه آخر للقذافي»، على حد وصفهم.

من جهته، منح العقيد محمد حجازي، الناطق باسم قوات حفتر، الجنود والعسكريين الذين لم يلتحقوا بوحداتهم في معركة الكرامة مهلة 48 ساعة للالتحاق بالخدمة. وقال حجازي إنه بعد أخذ التمام العسكري أمس، في معسكرات الجيش الليبي، اتضح أنه لم يلتحق عدد من العسكريين بها، محذرا من إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم؛ لكنه لم يفصح عن عدد المتغيبين أو رتبهم العسكرية أو طبيعة العقوبات التي قد يتعرضون لها.

وكان حجازي قد نفى في وقت سابق ما تردد عن بدء عملية عسكرية باسم الكرامة في مدينة درنة التي تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات الإسلامية المتطرفة في شرق ليبيا، وقال في تصريحات له أمس «ما يجري في درنة هو عمليات نوعية للجيش الوطني، ولم نعلن عن بدء عمل عسكري شامل بعد».

إلى ذلك، قال سكان ومسؤولون إن شخصين على الأقل قتلا عندما أخطأت صواريخ استهدفت قاعدة للقوات الخاصة بالجيش هدفها وأصابت منازل مدنيين في مدينة بنغازي. وجاء الهجوم الصاروخي في الساعات الأولى من صباح أمس، بعد أسبوع من الاشتباكات المتقطعة في بنغازي وطرابلس بين قوات غير نظامية موالية للواء حفتر وميليشيات منافسة تعارض دعوته. ولم يتضح من الذي أطلق الصواريخ على قاعدة القوات الخاصة في بنغازي. لكن المدينة مقر لمتشددين إسلاميين تستهدفهم القوات الموالية للواء حفتر.

وقال سكان ومسؤولون بالجيش إن اثنين من أفراد أسرة واحدة قتلا وأصيب أبناؤهما عندما أصاب صاروخ منزلا وأصيب أفراد أسرة ثانية في هجوم آخر استهدف أيضا قاعدة القوات الخاصة التي انحازت إلى حفتر. وقال مسؤول بالجيش «ليست هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها قاعدة القوات الخاصة وقاعدة بنينا الجوية منذ أن أعلن اللواء حفتر حملته وقررت القوات الخاصة الانضمام إليه».

وقالت مصادر إن سقوط قذيفة هاون أطلقها مجهولون وأخطأت معسكر القوات الخاصة بالمدينة قد أدى إلى إصابة خمسة أشخاص من عائلة واحدة. وبالتزامن مع هذه الواقعة، أطلق مجهولون صواريخ جراد على منطقة صلاح الدين السكنية في العاصمة الليبية (طرابلس)، مما أدى إلى تهدم منزل لأحد المواطنين لكن لم تقع أي خسائر بشرية.