«جبهة النصرة» تطلق رسميا مؤسسة للتصنيع الحربي وتدعو مؤيديها لمشاركتها بخبراتهم

مصادر المعارضة: نحتاج إلى سلاح لا يمكن إنتاجه بقدرات فردية

TT

دعت «جبهة النصرة»، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، أمس، «المسلمين من أصحاب الخبرات» للمشاركة في تصنيع الأسلحة بعد إعلانها رسميا تأسيس «مؤسسة للتصنيع والتطوير الحربي» تهدف إلى «مواجهة شح التسليح». ويأتي هذا الإعلان بعد شهر على إعلان «الجبهة الإسلامية»، وهي أكبر فصيل عسكري في سوريا، تصنيع أسلحة برز دورها الكبير في عمليات عسكرية أطلقتها ضد القوات النظامية في عدة مناطق بسوريا، أبرزها حلب وريفا دمشق واللاذقية.

وحمل إعلان «جبهة النصرة» انتقادا مبطنا لجماعات سورية منافسة في الميدان، بينها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، والذي يخوض معارك ضد مقاتلي «النصرة» في شرق البلاد، إضافة إلى انتقادها مجموعات عسكرية غير متشددة، مثل حركة «حزم» التي تمتلك أسلحة نوعية، أهمها صاروخ «تاو» الأميركي المضاد للدروع، وذلك بإشارتها، في بيان عبر موقع «تويتر»، إلى اقتصار السلاح «على فئات معينة ومختارة تارات أخرى». ويعد هذا الإعلان «استباقيا» لتلميح مصادر المعارضة بقرب وصول أسلحة نوعية إلى مقاتلين معارضين في الداخل، خلال ثلاثة أسابيع، بعد زيارة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا إلى الولايات المتحدة وباريس الأسبوع الماضي.

ولا ينظر معارضون إلى إعلان «النصرة» على أنه «وصفة سحرية قادرة على إخلال التوازن على الأرض بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية المدعومة بأحدث الأسلحة من إيران وروسيا». وقال مصدر ميداني معارض في الشمال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الإعلان «ليس جديدا كون (النصرة) شرعت في تصنيع الأسلحة منذ أكثر من عام»، مشيرا إلى أن الجبهة المتشددة «صنعت قذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع، إضافة إلى عبوات ومتفجرات استخدمتها في أكثر من عملية». وأضاف: «ما يحتاجه الثوار يتخطى قدرة (النصرة) وغيرها على تصنيعه، إذ نحتاج إلى السلاح النوعي المضاد للطائرات والدروع. عدا ذلك، كلها أسلحة تسد النقص في الذخيرة لكنها غير قادرة على إحداث توازن بالقوة».

ويقتصر التصنيع العسكري عند المعارضة السورية على ثلاثة أوجه بشكل أساسي، هي قذائف الهاون بعيارين متفاوتين، واستخدمت على نطاق واسع في دمشق وريفها، وتصنيع العبوات المتفجرة التي تستخدم في عمليات التفخيخ، إضافة إلى تطوير الصواريخ المحلية الصنع، بما يمنحها قدرة على الوصول إلى مناطق أبعد جغرافيا. واستخدمت المعارضة مخارط صناعية معدنية لتصنيع الأسلحة، وهي موجودة بوفرة في المدن الصناعية بحلب وريف دمشق.

وأكد المصدر المعارض أن الحاجة إلى الذخيرة باتت أكثر إلحاحا أيضا، إذ «يعاني المقاتلون شحا في ذخيرة الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة المدى، وشحا في الصواريخ وقطع غيار المدافع»، مستبعدا تصنيعها في أجندة «جبهة النصرة» نظرا «لأنها تحتاج إلى مصانع أوتوماتيكية هي غير متوفرة الآن، حيث يقتصر التصنيع على معدات صناعية يدوية».

ولم تعلن «جبهة النصرة» عن خططها الصناعية، كما لم تحدد نوعية الأسلحة التي تنوي تصنيعها. وقالت الجبهة في بيان نشرته ليل السبت على حسابها على موقع «تويتر»: «كمحاولة منا لإرساء أسس صناعة عسكرية حقيقية لتكون بداية لاستعادة الريادة في هذا المجال، قام إخوانكم في جبهة النصرة بإنشاء مؤسسة (بأس) للإنتاج والتطوير الحربي، لتكون أول نواة لتصنيع وتطوير سلاح فعال يصنع بنسبة مائة في المائة على أيدي إخوانكم المجاهدين وبصورة فنية مدروسة».

وأضافت: «إن كنت كادرا أو فنيا في أي مجال من مجالات تصنيع السلاح أو تطويره وتقطعت بك السبل للوصول للجهاد على أرض الشام، فهذه فرصتك كي تخدم الجهاد والمجاهدين في الشام بل في كل الساحات»، مؤكدة أن «دعوتنا عامة لكل المسلمين في جميع المجالات والتخصصات، بل وحتى لغير المتخصصين، فرب ناقل فقه لمن هو أفقه منه، فشاركونا برأيكم وخبراتكم واستشاراتكم في هذا المشروع».

وأشار بيان «النصرة» إلى أن «الحصار المفروض على المسلمين في الشام مقابل دعم النظام النصيري (في إشارة إلى الانتماء العلوي للأسد) بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة» دفع خلال السنوات الماضية «المجاهدين في الشام إلى السعي لمحاولة تقليص الهوة العسكرية بين إمكانات المجاهدين وقدرات الجيش النصيري المدعوم دوليا، باستخدام إمكانات محلية بسيطة». إلا أن هذه الجهود كانت «فردية»، وتعاني «ضعف الخبرات وقلة الكفاءات التصنيعية في مجال صناعة السلاح».

وأوضحت أن قرار إنشاء المؤسسة الجديدة التي فتح لها حساب خاص على «تويتر» جاء بعد أن «شهدنا تأخرا ملحوظا من الكوادر الفنية والعسكرية والتصنيعية (للقتال في الشام)، مع ما يلاقيه المجاهدون من شح في الأسلحة والذخائر نتيجة الحصار الخانق على جميع أنواع الأسلحة تارة، وقصره على فئات معينة ومختارة تارات أخرى».

ويحظى النظام السوري بدعم عسكري من روسيا وإيران، في حين امتنعت الدول الغربية الداعمة للمعارضة عن تزويدها بأسلحة فتاكة، خشية وقوعها في أيدي جماعات متشددة تقاتل في سوريا، ومن بينها «النصرة» التي أدرجتها واشنطن على لائحة المنظمات الإرهابية في عام 2012.

وتخوض الجبهة منذ مطلع يناير (كانون الثاني) معارك إلى جانب مجموعات أخرى من المعارضة المسلحة، ضد «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المتطرفة التي تبرأت منها قيادة «القاعدة».