لبنان: انقسام في مواقف اللاجئين السوريين عشية انتخابات الرئاسة للمقيمين في الخارج

السفارة تشرع أبوابها للناخبين المسجلين.. وتعد ستة مراكز حدودية في الثالث من يونيو

TT

تنقسم المواقف السياسية للاجئين السوريين في لبنان عشية الانتخابات الرئاسية المقررة غدا للسوريين المقيمين خارج سوريا، في وقت أنجزت فيه السفارة السورية في بيروت استعداداتها لتنظيم العملية الانتخابية بعد تنسيق مع الأجهزة اللبنانية المعنية.

وفي حين يراهن قلة من اللاجئين على أن انتخابات الرئاسة «قد تشكل الممر إلى مرحلة انتقالية، من شأنها إعادة الأمن إلى بلدهم»، لا يعلق كثيرون آمالا كبرى عليها، غير آبهين إلا بظروف لجوئهم الصعبة ومصيرهم المعلق «حتى إشعار آخر».

في موازاة ذلك، تنصرف السفارة السورية في بيروت إلى وضع اللمسات الأخيرة على استعداداتها لإجراء الانتخابات غدا، علما أنها أوكلت حزب البعث العربي الاشتراكي مهمة التنسيق الميداني. وقال جمال موصلي، أحد مساعدي النائب عن حزب البعث عاصم قانصو لـ«الشرق الأوسط» إن «السفارة السورية وكلت الحزب بشكل رسمي متابعة الانتخابات الرئاسية ميدانيا وفتح مكاتب لتسجيل أسماء النازحين وتسهيل تنقلاتهم خلال العملية الانتخابية». مشيرا إلى أن «عدد أسماء المسجلين فقط في مكتب بعلبك وصل إلى 4365 شخصا».

وأكد موصلي «التنسيق بين السفارة السورية ووزارتي الداخلية والخارجية في لبنان لإتمام العملية الانتخابية»، علما أن «انتخابات الغد مخصصة للجالية السورية في لبنان والمسجلة أسماؤهم لديها أو لدى حزب البعث، وعلى الناخبين التوجه إلى المركز الوحيد للانتخاب في السفارة السورية».

وكانت اللجنة المركزية للانتخابات الرئاسية في وزارة الخارجية السورية دعت «المواطنين السوريين المقيمين في الخارج الذين سجلوا أسماءهم في اللوائح الانتخابية في السفارات السورية إلى الحضور إلى مقرات سفاراتنا، مصطحبين معهم جوازات سفرهم يوم الأربعاء (28 مايو) من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء لممارسة حقهم الانتخابي في الاقتراع على منصب رئيس الجمهورية».‏ ومن المقرر أن تجرى عملية الاقتراع داخل سوريا في الثالث من شهر يونيو (حزيران) المقبل، في انتخابات تصفها المعارضة السورية بأنها «مهزلة» فيما يعتبرها المجتمع الدولي نسفا لأي حل سياسي لأزمة سوريا المستمرة منذ أكثر من 3 أعوام.

ويوضح موصلي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أنه «تزامنا مع موعد انتخابات الرئاسة للمقيمين داخل سوريا، تعمل السفارة بالتنسيق مع حزب البعث على افتتاح 6 مراكز انتخابية في المناطق الحدودية مع سوريا، مخصصة للاجئين غير القادرين على الانتقال إلى بيروت. اثنان منها في منطقتي مطربا وحوش السيد علي شمال حمص والحدوديتين مع لبنان، ومركزان آخران في نقطة المصنع الحدودية في البقاع، ومركز انتخابي خامس في نقطة العريضة الحدودية في طرابلس وسادس في نقطة الدبوسية في عكار».

ولا يبدي غالبية اللاجئين السوريين حماسة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، علما أنه ووفق مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يستضيف لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجلين لديها.

أبو أحمد، أحد المقاتلين المعارضين الذين انسحبوا من مدينة حمص القديمة برفقة 200 مقاتل توجهوا إلى بلدة عرسال البقاعية بهدف «الإقامة المؤقتة» فيها، يصف لـ«الشرق الأوسط» الانتخابات الرئاسية بـ«الكاذبة». وبعد أن يسهب باستعادة ظروف مغادرته ورفاقه من حمص بعد وضع ميداني ونفسي سيئ للغاية، يجزم بأن «5500 عائلة في مخيم القصير في عرسال لن يشارك أفرادها في الانتخابات الرئاسية الباطلة».

ويتشارك رابح، الشاب السوري الهارب من منطقة القصير، الرأي ذاته مع أبو أحمد، مؤكدا أن «أبناء حمص والقصير لن ينتخبوا الجزار الذي حلل دماء الثوار والمدنيين. ثلاث سنوات من الحرب مع نظام يقوم على الكذب لن نقبل أن تذهب هدرا». ويرجح رابح أن «يكون إقبال أهالي القلمون الداعمين للأسد مرتفعا، فهم لم يقتلوا على حواجز الجيش كما تفعل قوات (الرئيس السوري بشار) الأسد بالمعارضين السوريين المدونة أسماؤهم لدى المخابرات السورية الغدّارة».

ويضيف بنبرة ساخرة: «يقولون لنا انتخبوا بشار، وحكم الإعفاء سيصلكم إلى منازلكم، لكنهم بعد فوزه سيضعون سكاكينهم على رقابنا ويذبحوننا من دون رحمة والتجارب السابقة خير دليل على كلامنا».

بالمقابل، تعتبر عائلة أبو إبراهيم القاطنة في بلدة اللبوة في بعلبك، أن «انتخاب الرئيس الأسد سيعيد الأمن والاستقرار إلى سوريا وينهي الحرب الدائرة التي ذهب ضحيتها آلاف السوريين». وتتمنى أم إبراهيم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تعود عائلتها إلى منزلها وأرضها التي كانت تزرعها وتعيش من محاصيلها دون أن يتعرّض أحد لهم». وتضيف بحزن كبير: «الحياة في خيم الزراعة البدائية ارحم عندنا مائة مرة من العيش في خيم اللجوء والاغتراب». ويفضل ابنها حامد أن «يحكمنا نظام استخباراتي وعسكري على أن يحكمنا متطرفون وإرهابيون كـ(داعش) وجبهة النصرة».

تزدحم البلدات اللبنانية الخاضعة لنفوذ قوى وأحزاب حليفة مع النظام السوري، بأعلام سوريا وصور الرئيس السوري بشار الأسد المرفوعة على المنازل وفي الشوارع. يقول رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز لـ«الشرق الأوسط» إن «الحملات الانتخابية الداعمة لترشح الأسد انطلقت في البلدة منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه الأسد ترشحه وقدم حزب البعث العربي الاشتراكي الدعم المادي الكامل لها».

وأكد أمهز أن «عدد النازحين السوريين المقيمين في اللبوة وصل إلى 7000 شخص، توجه عدد كبير منهم إلى مقر البلدية لتسجيل اسمه في قوائم الانتخاب»، لافتا إلى أن «80 في المائة منهم يريدون التصويت لصالح الرئيس الأسد». وأوضح أن «مندوبا من السفارة السورية جاء إلى البلدية منذ يومين وطلب لائحة بأسماء السوريين المسجلين وبياناتهم الهاتفية للتواصل معهم وإبلاغهم مكان الاقتراع وقدمنا له المعلومات المطلوبة».

في المقابل، استغرب نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي لـ«الشرق الأوسط» التسهيلات التي تقدمها بلدية اللبوة للسفارة السورية، موضحا أن «البلدية خاضعة لسلطة وزارة الداخلية اللبنانية التي لم يصدر عنها أي تعميمات فيما يتعلق بفتح أبواب البلديات والتنسيق مع السفارة السورية».

وأكد فليطي أنه «في حال طلب وزير الداخلية من بلدية عرسال فتح مكاتبها من أجل انتخابات سوريا، فسيرفض المجلس البلدي ذلك طالما أن الدولة اللبنانية لم تتدخل لإغلاق المعابر الحدودية في عرسال وبسط الأمن لحماية أهالي البلدة من صواريخ الطيران الحربي السوري، كان آخرها أمس».