الحكومة اللبنانية تبحث آلية عملها بعد تسلمها صلاحيات الرئاسة

الوزير بطرس حرب لـ «الشرق الأوسط»: عون يتحمل مسؤولية مخاطر الفراغ الرئاسي

تمام سلام
TT

تواجه حكومة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام تحديات جديدة عقب تسلمها مهام رئيس الجمهورية في ظل الشغور الحاصل في سدة الرئاسة، منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، وتعثر الكتل السياسية في تسمية خلفه.

وتتعدد وجهات النظر داخل مجلس الوزراء بشأن آلية عمل الحكومة في هذه المرحلة، وسط دعوة الوزراء المسيحيين إلى حصر مهامها بالقضايا العادية، وتفادي التطرق إلى الملفات المهمة والاستراتيجية بغياب رئيس للجمهورية، مع وجوب اتخاذ القرارات بالإجماع.

وكان سلام خصص الجلسة الحكومية التي انعقدت أول من أمس (الجمعة)، وتلك التي ستعقد بعد غد (الثلاثاء)، لمناقشة الوسائل الآيلة إلى ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية المناطة بالحكومة وكالة.

وعدّ سلام، في آخر جلسة حكومية، أن من أهم التحديات التي يواجهها «خلق الأجواء المواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية»، منبها إلى أن خلوّ سدة الرئاسة يعرض التوازن الميثاقي بين السلطات للخطر، ويعرض كيفية توزعها إلى خلل كبير، داعيا لممارسة صلاحيات الرئيس «بكثير من العناية والتبصر للحفاظ على البلد ومصداقيته وتسيير شؤون الناس».

ونفى وزير الاتصالات بطرس حرب أن يكون هناك أي خلاف بين الوزراء حول موضوع تسلم مجلس الوزراء صلاحيات الرئاسة، مشيرا إلى أن هناك وجهات نظر مختلفة «وهو أمر طبيعي في كنف حكومة متنوعة تضم معظم المكونات السياسية».

وأوضح حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «قد تكون المرة الأولى التي نكون فيها بإطار تجربة مماثلة، لأن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، التي تسلمت صلاحيات الرئاسة في عام 2007 كانت أقرب إلى حكومة من لون واحد»، وقال: «نحن حاليا نتناقش بالدستور والقانون والسياسة داخل مجلس الوزراء بإطار جو توافقي، وبمسؤولية للتوصل إلى آلية صحيحة لتسلم مهام رئيس الجمهورية».

ورفض حرب الخوض في تفاصيل النقاشات الحاصلة داخل مجلس الوزراء في هذا الملف، حرصا على نجاحها وتحاشي تحولها لنقاشات سياسية عبر الإعلام، وقال: «تقدمت بمطالعة مطولة في هذا الموضوع، وستستكمل المباحثات يوم الثلاثاء المقبل».

وحمل حرب مسؤولية استمرار الفراغ في سدة الرئاسة لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون كونه «يرفض المشاركة بالعملية الانتخابية إذا لم يكن متأكدا 100 في المائة من أنه سيفوز بها». وقال: «المشكلة ليست لدى قوى 14 آذار، بل لدى عون وحلفائه، فنحن مستعدون في أي وقت للمشاركة بالانتخابات، حتى ولو أدت لفوزه».

وعدّ حرب أن عون، وبمواقفه من الاستحقاق الرئاسي، يتحمل مسؤولية المخاطر التي تتهدد البلد نتيجة فراغ سدة الرئاسة، داعيا الرأي العام اللبناني لمحاسبته، كونه يسعى لضرب النظام السياسي حتى يصبح رئيسا. وأضاف: «مواقف عون أشبه بروايات (الغرام المستحيل)، حيث يشترط العاشق بأن يتزوج ممن يحب أو يقتلها».

وأوضح حرب أن إمكانية ترشيح قوى 14 آذار لشخصية جديدة غير رئيس حزب القوات سمير جعجع مطروحة، خاصة أن الأخير كان واضحا بموقفه حين قال إنه إذا كان هناك مرشح من قوى 14 آذار يتمتع بظروف أفضل منه، فهو جاهز لسحب ترشيحه. وأضاف: «لكننا لا نريد الإقدام على أي خطوة جديدة قبل التأكد من قابلية الفريق المعطل للعملية الانتخابية، على احترام قواعد اللعبة الديمقراطية».

بدوره، أشار النائب في «حزب الله» علي المقداد إلى أن الخلاف داخل مجلس الوزراء «يكمن في وجوب اتخاذ القرارات بالثلثين، أو النصف زائد واحد»، منبها إلى أن «هناك من يعمل على إفراغ هذه المؤسسات من دستوريتها، وهذا شيء خطير، ولا يمكن أن نسمح به، وهذا يجب أن لا يترك».

وقال المقداد في تصريح إن «تفريغ المؤسسات خط أحمر، وعلينا أن نعمل بجدية من أجل مصالح، وأعمال الناس، ومن أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد، يحمل صلاحيات البلد، ويكون جامعا لكل اللبنانيين، وغير استفزازي».

وتنص المادة 62 من الدستور اللبناني على أنه في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء. وتعد صلاحيات الرئاسة التي تتسلمها الحكومة حاليا صلاحيات استثنائية ومؤقتة، وبالتالي لا خوف من أن يحل مجلس الوزراء مكان الرئيس، بحسب الدكتور شفيق المصري الخبير في القانونين الدولي والدستوري.

وأشار المصري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحل لأي خلاف أو اختلاف في وجهات النظر حول موضوع تسلم الحكومة صلاحيات الرئاسة يكمن في العودة إلى آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، «فبحسب الدستور، رئيس الحكومة هو الذي يعد جدول الأعمال علما بأن هناك أكثريتين تتحكمان بعمل المجلس، أكثرية عادية توافقية يلجأ إليها عندما يكون الموضوع ذا صفة عادية، وأكثرية ثانية لحظتها المادة 65 من الدستور، تعتبر أن هناك مواضيع أساسية تستدعي اتخاذ قرارات بشأنها استنادا إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس».

وعدّ المصري أن مهام رئاسة الجمهورية التي تسلمها مجلس الوزراء تندرج بإطار المواضيع الأساسية التي تستدعي أكثرية الثلثين، أسوة بقرارات تتعلق مثلا بالموازنة وحل مجلس النواب، وإعلان الحرب والسلم وغيرها من القضايا الأساسية، وأضاف: «لذلك كل حديث عن وجوب أن يكون هناك إجماع على قرارات الحكومة، وحتى حين يتعلق الأمر بمهام الرئاسة، بغير محله». ورغم الاستقرار الأمني الذي تشهده البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر نتيجة الخطة الأمنية التي ينفذها الجيش والقوى الأمنية في معظم المناطق اللبنانية، عادت تلوح بالأفق مخاوف من أن يشكل فراغ سدة الرئاسة ثغرة تستفيد منها بعض القوى للعبث بالأمن.

وفي هذا الإطار، نبه عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب مروان حمادة من أن «الفراغ يجذب عناصر غير شرعية ومسلحة إلى الأراضي اللبنانية»، وهو ما أيده فيه الوزير حرب.

وقال حمادة في تصريح صحافي إن «الفرصة لا تزال قائمة لانتخاب رئيس جديد للبلاد من الداخل، انطلاقا من التماسك الحكومي»، مشيرا إلى أن الرئيس المقبل يجب أن يكون «حكيما وحكما، وهي مواصفات لا تنطبق على العماد ميشال عون».