تقارير عن سيطرة مسلحي «داعش» على معظم مصفاة بيجي.. ومتحدث عسكري يعلن صدهم

كبريات الشركات النفطية تجلي موظفيها.. وخطف عشرات العمال الأجانب

عناصر من البيشمركة الكردية ينتشرون قرب الموصل أمس (إ.ب.أ)
TT

هاجمت مجموعة من المسلحين يقودهم مقاتلون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) فجر أمس، مصفاة بيجي، أكبر مصافي النفط في العراق والواقعة في محافظة صلاح الدين على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من بغداد، في وقت عادت القوات الحكومية لتتقدم في قضاء تلعفر الاستراتيجي شمال غربي البلاد الذي يتعرض لهجوم كبير منذ أيام.

وقال مسؤول في مصفاة بيجي «تمكنت مجاميع مسلحة في الرابعة من فجر اليوم (أمس) من اقتحام أجزاء من المصفاة في بيجي، وأدى ذلك إلى اشتباكات واندلاع حريق في بعض الخزانات المخصصة لتجميع الفضلات النفطية». وأضاف أن المصفاة توقفت بشكل تام عن الإنتاج منذ أول من أمس حين جرى إخلاء الموظفين الأجانب والإبقاء على بعض الموظفين العراقيين الأساسيين، عادا أن هذا الأمر يمثل «ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي». وأكد موظف يعمل في المصفاة أن هناك «شهداء وجرحى بين صفوف القوات الأمنية، وهناك أسرى أيضا، والاشتباكات عنيفة، ومسلحو (داعش) رفعوا راياتهم قرب المجمع الإداري للمصافي». من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في المصفاة قوله «استطاع المتشددون اقتحام المصفاة. هم يسيطرون الآن على وحدات الإنتاج ومبنى الإدارة وأربعة أبراج للمراقبة. يمثل هذا 75 في المائة من المصفاة». وقال: إن الاشتباكات مع قوات الأمن لا تزال مستمرة قرب غرفة التحكم الرئيسية.

لكن الفريق قاسم عطا، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، أكد أن «قواتنا تمكنت من صد هجوم على مصفاة بيجي». وأوضح أن «مسلحين ينتمون إلى (داعش) جاءوا على متن رتل من سيارات همر وأخرى عسكرية استولوا عليها سابقا ويرتدون زيا للجيش، وهاجموا المصفاة»، مضيفا أن «القوات العراقية الموجودة، وبإسناد من طيران الجيش، قتلت أربعين من المسلحين وأحرقت أربع سيارات همر وعددا من السيارات وصدت الهجوم».

وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مركز محافظة صلاح الدين، وتزود معظم المحافظات العراقية بالمنتجات النفطية، وتقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 600 ألف برميل يوميا.

من ناحية ثانية، أعلن متحدث عسكري عراقي أمس أن القوات العراقية وضعت خطة تنص على الانتهاء من تحرير مدينة تلعفر الاستراتيجية من قبضة المسلحين في غضون الساعات المقبلة. ونقل بيان عن المتحدث الرسمي أن «قيادة العمليات وضعت خطة تنص على الانتهاء من تحرير كامل القضاء بحلول فجر الخميس» ولم يكشف البيان هوية المتحدث. وتابع: «بحلول فجر الأربعاء، استعادت قواتنا البطلة، أجزاء واسعة من قضاء تلعفر، الذي حاولت المجاميع الإرهابية التابعة لتنظيم داعش ترويع المواطنين الأبرياء فيه». وأكد أن «تعزيزات عسكرية كبيرة توافدت على القضاء، لتوفير الزخم العسكري اللازم، وفق الخطة التي رسمتها قيادة العمليات».

وهاجم مسلحون «داعش» قضاء تلعفر حيث صمدت القوات العراقية رغم سقوط أغلب مناطق محافظة نينوى. وقتل عشرات المدنيين وعناصر القوات العراقية والمسلحين خلال الاشتباكات المتواصلة في تلعفر شمال العراق حيث تمكنت المجموعات المسلحة من السيطرة على معظم أجزاء القضاء، في بادئ الأمر. ودفعت الاشتباكات العنيفة معظم سكان المدينة إلى مغادرتها باتجاه قضاء سنجار، فيما شهدت المدينة معارك ضارية. ويقع قضاء تلعفر، وهو أكبر أقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية، في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 ألف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة.

وإلى الجنوب، سيطر مسلحون أمس على ثلاث قرى تقع بين قضاء طوزخرماتو (175 كلم شمال بغداد) وناحية أمرلي على بعد 85 كلم جنوب كركوك (240 كلم شمال بغداد) إثر اشتباكات قتل فيها 20 مدنيا، وفقا لمسؤول محلي. وقال قائمقام قضاء طوزخرماتو شلال عبدول في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «تمكن مسلحون من السيطرة على ثلاث قرى واقعة بين قضاء الطوز وناحية أمرلي جنوب كركوك فيما سقط 20 مدنيا جراء الاشتباكات». وأضاف أن القضاء «يخضع لسيطرة قوات البيشمركة والوضع الأمني فيه مستقر وجميع تلك القوات في حالة تأهب كامل لصد أي هجوم محتمل من قبل إرهابيي (داعش)». وأوضح عبدول أن «الاشتباكات (...) أسفرت عن هجرة ألفي عائلة إلى الأماكن الآمنة وسط القضاء أو ناحية أمرلي التي تتمركز بها قوات أمنية» والتي تبعد نحو 12 كلم عن مركز قضاء خورماتو وأغلب سكانها من العرب والتركمان الشيعة. ومع تدهور الوضع الأمني سارعت كبريات الشركات العاملة في العراق، خاصة النفطية، إلى إجلاء عمالها. وفي هذا السياق، قال رئيس شركة نفط الجنوب الحكومية العراقية ضياء جعفر أمس، أن شركة «اكسون موبيل» النفطية الأميركية نفذت عملية إجلاء كبيرة لموظفيها بينما قامت شركة «بي بي» البريطانية بإجلاء 20 في المائة من عامليها. وذكر جعفر أن شركات ايني وشلومبرجر ووذرفورد وبيكر هيوز ليس لديها خطط لإجلاء موظفيها من العراق. وقال جعفر لوكالة رويترز بأن سحب الموظفين وخفض أعدادهم لا يمثل «رسالة مرضية» للجانب العراقي وأن موظفي شركات النفط يجب أن يكونوا في مواقعهم في حقول العراق. وطمأن جعفر الشركات بأن التطورات الحالية في بلاده لم ولن تؤثر بأي حال من الأحوال على العمليات في الجنوب، مشيرا إلى أن مستوى الصادرات المستهدف لشهر يونيو (حزيران) هو 7.‏2 مليون برميل يوميا.

من ناحية ثانية، لم تتمكن الحكومة الهندية من الاتصال بأربعين من عمال البناء الهنود في مدينة الموصل العراقية وقالت صحيفة هندية بارزة بأنهم خطفوا. وقال سيد أكبر الدين المتحدث باسم وزارة الخارجية أن عشرات العمال الهنود يقيمون في مناطق سيطر عليها تنظيم «داعش» وأن الهند على اتصال بكثير منهم ومن بينهم 46 من الممرضين. وأرسلت الهند مبعوثا إلى بغداد للمساعدة في جهود إعادتهم لبلادهم. وأضاف أكبر الدين «هناك تقارير أيضا وصلت سفارتنا بأن هناك 40 هنديا في الموصل. ورغم أننا نبذل قصارى جهدنا في هذه المرحلة فإننا لم نتمكن من الاتصال بهم. وتقطعت السبل بالممرضين في مدينة تكريت التي وقعت تحت سيطرة المقاتلين بينما يحتمي الكثير منهم بالمستشفيات التي يعملون بها. وقال ممرضون تحدثوا لوسائل الإعلام الهندية بأنهم يعالجون أشخاصا أصيبوا في اشتباكات عنيفة بالشوارع. وقال أكبر الدين بأن الهلال الأحمر اتصل بالممرضين ويقدم المساعدة.

بدورها، تسحب شركة «بتروتشاينا» الصينية، وهي أكبر مستثمر منفرد في قطاع النفط العراقي، بعض موظفيها من البلاد لكن الإنتاج لم يتأثر. وقال ماو زيفينغ المدير المشارك لبتروتشاينا - أكبر شركة طاقة صينية - بأنه تم إجلاء بعض الموظفين غير الأساسيين من دون أن يحدد عددهم أو ما إذا كان قد تم نقلهم من العراق بالكامل أو لمناطق أكثر أمنا داخل البلد. وقال مسؤول ثاني في الشركة بأنه تم إجلاء عدد قليل من العاملين في الحقول. وذكر ماو «لدينا خطة طوارئ... لكن بما أن كل حقولنا في الجنوب فإنها لم تتأثر بعد».

في السياق نفسه، أفاد تقرير إخباري أمس بأن مسلحي «داعش» احتجزوا 60 عاملا أجنبيا، من بينهم 15 تركيا، مساء أول من أمس. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء عن شخص يدعى تورغاي هرمزلو أطلق سراحه لكونه عراقيا بعد أن احتجزته داعش مع الآخرين، القول إنه من بين المحتجزين مواطنون أتراك.