مغازي لـ «الشرق الأوسط» : السيسي يدير ملف «سد النهضة» شخصيا ونتوقع انفراجة

وزير الري الجديد يسعى لإزالة التعديات على النيل والتوسع في استخدام المياه الجوفية

TT

توقع وزير الري والموارد المائية المصري الجديد د. حسام الدين مغازي، حدوث انفراجة كبرى في أزمة «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، عقب القمة المرتقبة بين قادة البلدين نهاية يونيو (حزيران) الحالي، مؤكدا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «بلاده لديها مقترحات كثيرة لاستخدام عادل لمياه النيل، لكنها تحتاج فقط إلى وجود إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

ومن المقرر أن يعقد الرئيس المصري المنتخب حديثا عبد الفتاح السيسي، لقاء ثنائيا مع هايليماريم دسالين رئيس وزراء إثيوبيا، على هامش القمة الأفريقية، المقرر عقدها في 26 و27 يونيو (حزيران) الحالي بمالاوي عاصمة غينيا الاستوائية. وتأتي مشاركة السيسي في القمة عقب أيام من قرار الاتحاد الأفريقي بعودة نشاط مصر المجمد منذ يوليو (تموز) الماضي.

وشرعت إثيوبيا في تشييد سد عملاق على مجرى النيل بتكلفة 4.7 مليارات دولار، منذ عام 2011، ويقع على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا جنوب الحدود السودانية مع إثيوبيا، ويتوقع اكتمال تشييده عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي، وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم.

وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بما يصل لأكثر من عشرة في المائة، كما سيؤدي أيضا إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي. ورغم التطمينات الإثيوبية، فإن مصر تتشكك في قدرة السد الإثيوبي على الصمود، وتشير إلى إمكانية تعرضه للانهيار وانفلات كميات ضخمة من المياه تجاه كل من السودان ومصر (دولتا المصب).

وعقدت عدة جولات مفاوضات بين مصر وإثيوبيا خلال السنوات الماضية لمحاولة الوصول إلى حل للآثار السلبية لسد النهضة، التي كشف عنها تقرير لجنة الخبراء التي جرى تشكيلها لدراسة آثار السد، إلا أن جميعها فشلت في الوصول إلى حلول مرضية للطرفين. وقال وزير الموارد المائية السابق محمد عبد المطلب إن «مصر استنفدت كل فرص التفاوض بشأن سد النهضة».

لكن السيسي وعد المصريين عقب انتخابه رئيسا قبل أسابيع بحل الأزمة وديا في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين، وبما يحقق مصلحة الشعبين، وقبل أيام أجرى تعديلا في حكومة المهندس إبراهيم محلب عين من خلاله د. مغازي وزيرا للموارد المائية خلفا لعبد المطلب.

وقال الوزير الجديد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «أزمة مياه النيل تدار على أعلى مستوى في الدولة حاليا؛ حيث يتولى الرئيس السيسي إدارة الملف بنفسه»، مشيرا إلى أن «أكثر من وزارة تعمل على حل هذه الأزمة بالتنسيق معا»، وتابع: «التعامل معها سيكون بطريقة مختلفة عن الطرق السابقة».

وحول الحلول الجديدة التي تعتزم مصر طرحها على إثيوبيا، قال مغازي: «ستكون هناك انفراجة كبرى في الملف عقب القمة الأفريقية ولقاء السيسي مع قادة إثيوبيا، هذه القمة ستترتب عليها عدة أمور.. دعونا ننتظر ما ستسفر عنه».

وكان توتر قد ساد علاقات البلدين خلال فترة حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي العام الماضي، عقب تصريحات أدلى بها سياسيون نصحوا خلالها مرسي بالقيام بعمل عسكري ضد إثيوبيا لوقف بناء السد.

ونوه مغازي إلى أنه «على استعداد لتحمل المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه لحماية نهر النيل الذي يعد شريان الحياة في مصر»، مشددا على «أهمية توطيد العلاقات التاريخية مع دول حوض النيل والعمل معا من أجل تعظيم الاستفادة من النهر بما يعود بالنفع على دول الحوض كافة، ولا يؤثر سلبا على الحقوق التاريخية المشروعة لمصر»، مشيرا إلى أن «مصر لا تقف أمام طموحات الشعب الإثيوبي، بل إنها على استعداد لتقديم الدعم الفني لبناء السد بشرط عدم الإضرار بمصالح الدولتين». وأضاف أن «أضرار السد معروفة منذ فترة للجميع.. لكن الحل يكمن في قرار سياسي لإثيوبيا، وهو ما سيعمل عليه الرئيس السيسي»، ورأى أن قرار عودة مصر للاتحاد الأفريقي سيساهم في حل مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا.

ونفى الوزير تجميد مصر نشاطاتها في مبادرة دول الحوض، مؤكدا أن «مصر حضرت المؤتمر بالفعل بوفد منخفض بسبب الظروف العامة الحالية للدولة وتشكيل الحكومة الجديد؛ حيث نعمل حاليا على ترتيب الأوضاع في مصر».

وشغل مغازي قبل تعيينه وزيرا منصب رئيس قسم هندسة الري والهيدروليكا بكلية الهندسة في جامعة الإسكندرية، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن في التصميم الأمثل للآبار لاستغلال المياه الجوفية في المناطق الجافة. وقال الوزير الجديد إن أولويات عمله خلال الفترة المقبلة، «بالإضافة إلى أزمة سد النهضة، هي القضاء على التعديات الداخلية على مياه نهر النيل»، عادّا أنها «مسألة حياة أو موت» بالنسبة له، مؤكدا «وجود إجراءات رادعة للتصدي لهذه التعديات والقضاء على التلوث»، وأضاف: «أسعى إلى التوسع في استخدام المياه الجوفية واستغلالها بصورة جيدة بصفتها مصدرا مهما لسد العجز في المياه، وإرساء ثقافة ترشيد المياه من خلال استخدام طرق الري الحديثة بدلا من الطريقة التقليدية المتبعة حاليا في الزراعة».