السيستاني يطالب بتقديم المساعدة العسكرية والمالية لمتطوعي «الحشد الشعبي»

غضب في أوساط ميليشيات من إجراءات العبادي لتقليص نفوذها.. والصدر يحرك أنصاره في الشارع

مؤيدون لمقتدى الصدر يتظاهرون في البصرة أمس ضد الوجود العسكري الأميركي في البلاد (رويترز)
TT

مع تكثيف الضربات الجوية المستهدفة لمقاتلي «داعش» في العراق، تزداد التساؤلات حول دور المتطوعين في «الحشد الشعبي» المكون من ميليشيات ومتطوعين لم ينخرطوا بعد بشكل رسمي في القوى العسكرية بالبلاد. ورغم أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عبر عن رغبته في تنظيم الجهات المسلحة في العراق، بين قوات الجيش وإنشاء «حرس وطني»، تثار التساؤلات حول مستقبل «الحشد الشعبي» في المرحلة المقبلة. وفي وقت دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني إلى «عدم التهاون مع الإرهاب» والجهات التي ثبت تقصيرها خلال المعارك الأخيرة (في إشارة إلى مجزرة الصقلاوية بمحافظة الأنبار) فقد شهدت مدن عراقية منها العاصمة بغداد والبصرة مظاهرات أمس ضد عودة التواجد العسكري الأميركي في البلاد.

وقال ممثل السيستاني في كربلاء، أحمد الصافي، خلال خطبة صلاة الجمعة أمس إن «الأيام القليلة الماضية شهدت حدوث بعض الإخفاقات الأمنية والعسكرية ما تسبب باستشهاد وجرح عدد من أبنائنا الذين يدافعون عن العراق ضد العصابات الإرهابية»، محذرا «من التهاون مع خطر الإرهاب والإرهابيين ولا بد من رص الصفوف والتكاتف لصد هذا الخطر وتذليل العقبات من أجل النصر». وأضاف الصافي أن «معركة الدفاع عن العراق وأبنائه بمختلف أطيافهم هي معركة مقدسة وأنها تتطلب رباطة جأش وثبات وشجاعة من قبل أفراد الجيش وقوات الحشد الشعبي وعدم ترك المواقع مهما كانت الظروف»، داعيا «ضباط الجيش العراقي بمختلف صنوفهم ورتبهم بأن يكونوا ميدانيين مع الجنود والمراتب ويعيشون معاناتهم وهمومهم ويدافعون معهم ويعززون معنوياتهم وأن يكون القائد الميداني أقدر على اتخاذ القرار المناسب». وطالب الصافي، متحدثا باسم السيستاني بـ«ضرورة التفاعل مع المعلومة الأمنية الدقيقة وعدم التهاون مع من يثبت تقصيره باستشهاد وجرح المقاتلين أو بإيصال المؤن لاستدامة القتال من سلاح وطعام»، مؤكدا «وجود معلومات تشير إلى أن هناك بعضا قليلا من الذين لم يتحملوا المسؤولية بشكل يتناسب مع الواقع الخطر وهذا خطر أكبر لا بد من معالجته». ودعا ممثل السيستاني «الجهات الحكومية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه المتطوعين وتوفير ما يحتاجونه من خلال القنوات القانونية والرسمية»، منتقدا «عدم تنظيم أمور المتطوعين بشكل يحفظ حقوقهم وحقوق أسرهم لغاية الآن، رغم الوعود التي قطعت من أكثر من جهة لكن لم ينفذ منها إلا القليل». وعد الصافي «تأخر المساعدة العسكرية والمادية للمتطوعين بأنه أمر لا مبرر له أصلا وأن من واجب الدولة أن تنهض برعاية أمور أولئك المقاتلين، وعدم بخس من قاتل ويقاتل دفاعا عن العراق وأبنائه».

ويأتي ذلك في وقت يواصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مشاوراته في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بمعالجة النزاعات السياسية وإدراج جميع مكونات الشعب العراقي في الحرب ضد (داعش). وقال العبادي في حديث صحافي خلال لقائه بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن بأن «الحكومة تتعهد بمعالجة النزاعات السياسية العالقة»، مبينا أن «ذلك يأتي لإدراج جميع مكونات الشعب العراقي كشركاء في الحرب ضد تنظيم داعش». ومن جانبه، قال بايدن، بأن «الولايات المتحدة تدعم وبقوة الأمن في العراق واحترام سيادته»، مؤكدا أن «ذلك يأتي ضمن العمل الاستراتيجي المشترك».

وفيما نفى مسؤول أمني عراقي بارز ما تردد من أنباء عن تحويل قاعدة سبايكر في محافظة صلاح الدين إلى قاعدة أميركية فإنه كشف لـ«الشرق الأوسط» أن «أطرافا كثيرة في الحشد الشعبي بدأت تخشى خطوات رئيس الوزراء العبادي الهادفة إلى تقليص نفوذها وفي المقدمة منها طلبه من بعض الجهات النافذة (في إشارة إلى عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي) تقديم كشوف بالأسلحة التي يحملونها وبالأموال التي أنفقوها خلال الفترة الماضية الأمر الذي أدى إلى حصول جفوة واضحة بينهم وبينه» مشيرا إلى أن «تهديد بعض الفصائل المسلحة الداخلة في الحشد الشعبي مثل العصائب وكتائب حزب الله ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وسرايا السلام التابعة للتيار الصدري بالانسحاب من الحشد الشعبي ومقاتلة داعش إنما يدل على عدم رضاها عن خطوات العبادي الهادفة من وجهة نظرهم إلى إعادة الأميركيين ثانية وهو ما يعني تقليص نفوذهم الذي بات يتنامى». وأكد المسؤول الأمني أن «العبادي يسعى إلى هيكلة الحشد الشعبي بمن في ذلك الميليشيات والفصائل التي تعمل في إطاره الآن ضمن المؤسسة العسكرية بينما تريد هذه الفصائل والميليشيات البقاء على هيكليتها التي تسير عليها وتبعيتها لقياداتها وليس للمؤسسة العسكرية وهذه باتت الآن نقطة خلاف جوهرية مع العبادي وهي أحد الأسباب التي حملته على إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي ترتبط به هذه القوى والفصائل والميليشيات».

وحرك الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مناصريه في الشوارع العراقية أمس، إذ خرج الآلاف ليتظاهروا ضد أي تواجد أميركي في العراق، مما يزيد الضغوط على العبادي والمرحلة المقبلة من تثبيت التحالف العسكري العراقي - الأميركي ضمن التحالف الدولي ضد «داعش». إلى ذلك دعا زعيم حزب الأمة عضو البرلمان العراقي عن التحالف المدني الديمقراطي مثال الآلوسي إلى محاكمة المالكي. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «يدعو للمرة الثانية المدعي العام العسكري والمدعي العام العراقي وعلى الدائرة القانونية في وزارة الدفاع الكشف عن التحقيق مع المالكي ومع عبود كنبر وعلي غيدان وأمراء الألوية والفرق المعنيين بهذا الأمر». وأضاف أنه «لا ينبغي الاكتفاء بالإحالة على التقاعد بل لا بد من المحاسبة وبقوة وهي مهمة يتحمل مسؤوليتها الادعاء العام الذي لا نعرف سببا لسكوته حتى الآن».