هوليوود تختار محمد علي لتحسين صورة أميركا في الشرق الأوسط وتسويق الحرب ضد الإرهاب

الملاكم السابق وافق على الظهور في إعلان دقيقة تعده مجموعة 11 سبتمبر السينمائية لإذاعته في محطات عربية

TT

وقع اختيار هوليوود على محمد علي كأفضل من يستطيع تسويق أميركا وحربها ضد الارهاب الى العالم الاسلامي. وتوصل المنتجون والمنفذون الذين دشنوا حملتهم الخاصة لتحسين صورة اميركا في الخارج، الى ان محمد علي يتميز بمصداقية خاصة مع جمهور عرف بانه متحامل كثيرا على كل ما هو اميركي. في الستينات هز محمد علي المسلمات الاميركية عندما اعتنق الاسلام، ثم تحدى الحكومة الاميركية برفضه الخدمة العسكرية في حرب فيتنام، وهو تحد افقده لقبه كبطل للعالم في الوزن الثقيل.

وقال جاك فالنتي، رئيس رابطة السينما الاميركية: «هذا رجل جرد من كل شيء عندما رفض الخدمة. وقد استعاد كل شيء في خلال هذه الفترة ومن هنا منبع مصداقيته». وتشرف رابطة السينمائيين على ما يسمى مجموعة 11 سبتمبر (ايلول) التي تشارك في المجهود الحربي. وقال فالنتي ان محمد علي وافق مبدئيا على الظهور في اعلان لمدة دقيقة من المتوقع اذاعته على العالم العربي من خلال قنوات فضائية مثل تلفزيون الجزيرة ومحطة ام بي سي وشبكة التلفزة اللبنانية في بيروت.

ومع ان مجموعة 11 سبتمبر لا تريد ان ينظر اليها كذراع دعائي للحكومة الا ان بعض اعلاناتها تشبه بعض الاعلانات الحكومية. وقال فالنتي: «من المأمول ان يتمكن محمد علي من توصيل فكرة ان المسلمين في اميركا يعيشون بحرية ويمارسون شعائرهم الدينية بالطريقة التي يختارونها. وان يوضح كذلك ان الحرب الحالية ليست حربا ضد الاسلام، بل ضد من يقتل الابرياء».

وسيكون هذا الاعلان من اجل المصلحة العامة هو اول عمل تقوم به مجموعة 11سبتمبر من اجل الاستهلاك الخارجي. وقد تكونت المجموعة بعد ان التقى ممثلو الصناعات المختلفة، يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) مع كارك روفة، كبير مستشاري الرئيس بوش لمناقشة مشاركة الصناعات السينمائية من موقعها المستقل في المجهود الحربي. ومع ان الحملة العسكرية في افغانستان وصلت الى مراحلها الاخيرة، الا ان الاعلان يحتاج الى اسابيع قبل ان يذاع على الجمهور.

وكانت المجموعة اكثر نشاطا في بث الرسائل الى الاميركيين داخل الوطن، وتقديم خدمات في الخارج، بارسال نجوم الفكاهة الى الخارج، وتحضير مونتاج لفيلم سينمائي به لقطات من فيلم «الباحثون» لجون واين، وسبايك لي في «افعل الشيء الصحيح».

وقد اصبح واضحا ان هوليوود المشغولة بالمتع الارضية تجد من الصعوبة بمكان صياغة رسائل تلائم جماهير المسلمين في الشرق الاوسط. واختيار محمد علي (59 سنة) لاداء تلك الرسالة يعبر عن تعقيدات الوضع الذي تواجهه هوليوود. فمحمد علي مصاب بمرض باركنسون ولذلك تأثر نطقه وصار غير واضح في بعض الاحيان. وهو كثيرا ما تتجنبه الصحافة، كما فعل يوم الاثنين عندما حكى نكتتين لهما ايحاءات عرقية في افتتاح فيلم «علي» عن سيرته الذاتية.

ومن الناحية الاخرى هناك قليلون من المسلمين الاخرين ممن حققوا هذا القدر من الشهرة والبريق، في اميركا والشرق الاوسط، بحيث يمكن ان يلعبوا دور من سماه فالنتي «الناطق باسم المسلمين في اميركا». وقد اصبح محمد علي رمزا للامة عندما اشعل بيديه المرتجفتين عام 1996 الشعلة الاولمبية في اتلانتا.

ويواجه المنفذون الذين يعملون في هذا المشروع، ومن ضمنهم ممثلون لسوني بيكتشرز واتحادات البرامج الترفيهية الكبرى، ووكالة التسويق AFMA ، تحديات كبيرة متعددة. وتعتمد مجموعة 11 سبتمبر على خبراء عديدين في الشرق الاوسط ليقدموا لها الخدمات الاستشارية التي تسير على هديها. فيمكن لكلمة واحدة في غير محلها ان تجرح المشاعر، ويمكن لاختيار صورة فيديو غير موفقة ان ينفر الجمهور المقصود بالخطاب، الذي يحنق الكثيرون من افراده على هوليوود لانها تصور العرب والمسلمين كارهابيين فى اغلب الاحوال.

من الناحية الاخرى فان كثيرا من الناس الذين تسعى المجموعة الى التأثير عليهم ربما لا يجدون فرصة لمشاهدة التلفزيون. وكثيرون ممن يشاهدونه يفعلون ذلك من خلال قنوات تسيطر عليها حكومات عرفت بعدائها للولايات المتحدة. واذا وضعنا كل هذه القضايا في اذهاننا فان تعيين محمد علي يبدو كاسهل جزء من الموضوع.

وقالت الناطقة باسمه، جيل سيغل: «انه يرغب فعلا في اداء هذا الدور»، ولكنها اضافت انه في انتظار التفاصيل حتى يوقع الاتفاق. وتملك المجموعة خطا مباشرا مع محمد علي من خلال احد اعضائها، هوب بونشافت، نائب رئيس سوني بيكشترز، الاستديو الذي انتج فيلم «علي» وموزعه المحلي.

وقال بعض اعضاء المجموعة انهم اتصلوا باخرين من اجل اعلانات لاحقة. وقالوا انهم اتصلوا بمحمد علي قبل غيره لانهم وجدوا ان ظهوره يوم 21 سبتمبر لجمع التبرعات لضحايا 11 سبتمبر وعائلاتهم، كان ظهورا قويا ومؤثرا.

وقال محمد علي يومها «الاسلام هو السلام. انه ضد القتل والاغتيال. اما الارهابيون وكل الذين يقومون بهذه الاعمال باسم الاسلام فهم مخطئون. واذا وجدت فرصة لمقاومة هذه الاعمال فانني لن ادخر وسعا في مقاومتها».

ولكن اختيار محمد علي لم يتم بدون بعض المقاومة من بعض اعضاء المجموعة. وقالت فيكتوريا رسكين، رئيسة رابطة كتاب غرب اميركا وعضو المجموعة: «السؤال بالنسبة لنا كان هو التالي: هل محمد علي شخص محترم من قبل الجميع؟ نحن بلا شك نحمل له احتراما كبيرا وهو مسلم. ولكن هناك طوائف كثيرة في العالم الاسلامي. فهل يمكن لرسالة منه ان تجد قبولا من الجميع»؟

يجيب كثير من الصحافيين والاكاديميين في الشرق الاوسط انها ستجد القبول. ويقولون ان اعتناق محمد علي للاسلام ورفضه الحرب في فيتنام قد تابعها باهتمام شديد كل الناس في الشرق الاوسط. ولا يبدو ان صورته قد تأثرت من جراء تدشينه لشركة كوكا كولا، التي تعد من اهم الرموز الاميركية.

وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة ومقدم برنامج «وراء الاحداث» بالتلفزيون المصري: «انه معروف تماما كرمز جيد للمسلم الناجح. كان مقاتلا ضد حرب فيتنام ورفض الخدمة الوطنية. انه رجل له مواقف».

ولكن البعض يحذر المجموعة من ان وجود محمد علي لا يعفيها من التصرف بكثير من الحذر. إذ قال حسين زياي، مدير الدراسات الايرانية في جامعة كاليفورنيا، بلوس انجليس، والذي اجتمع بافراد المجموعة: «اذا اظهره هذا العمل كشخص ليس على حساسية كبيرة، او كشخص مسير من قبل الاخرين، فان النتيجة ستكون سلبية».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»