ناجون من تورا بورا: صالح السعودي لم ير بن لادن إطلاقا ونافع اليمني لا يرغب في القتال مرة أخرى

TT

تبدو تورا بورا وكأنها قلعة حصينة عندما كان أسامة بن لادن يحتل موقعاً قويّاً فيها. اما بالنسبة لمجموعة من المرضى النزلاء في المستشفى العمومي هنا فانها مكان قارس واجرد اصيبوا بالرعب فيه، كما قالوا، وذلك من جراء الهجمات الجوية الأميركية.

وكان 18 من الجرحى العرب من جنود «القاعدة» قد نقلوا الى المستشفى خلال تصاعد المعارك. ووصف بعضهم في أول مقابلات تجرى معهم منذ إلقاء القبض عليهم الوضع في المناطق التي تعرضت للهجوم الذي يقوده الأميركيون في تورا بورا.

وقد قال الجرحى انهم غير آسفين على تركهم بلادهم في الخليج وتلبية نداء بن لادن. لكنهم قالوا ان شدة القصف الأميركي كسرت روحهم القتاليّة.

فرغت مخازن الطعام والإمدادات في ملجئهم الجبلي. وكجزء من قوة كانت عازمة على خوض غمار القتال حتى النهاية، لم يبد ان هؤلاء المقاتلين التابعين لـ«القاعدة» كانوا مهيأين لمثل ذلك.

وقال نافع محمد (27 عاماً) الذي غادر اليمن للانضمام لابن لادن وطالبان قبل اربعة اشهر قبل انتقاله الى هذه المنطقة الجبلية «لم نكن مزودين بطعام او اجهزة وكان الجو شديد البرودة».

ويبدو مستشفى جلال اباد كمكان متقشف لكنه منظم تحميه فرقة من الجنود المسلحين. ويحفظ السجناء العرب منفصلين عن بقية نزلاء المستشفى، كما ان التقاط الصور غير مسموح به.

وتسمع تأوهات خفيفة لثلاثة من العرب وضعوا في غرفة صغيرة تستخدم لوضع المرضى الخارجين من عمليات جراحيّة. وقد فقد اثنان منهم اعضاء جسدية أحدهما فقد يده والآخر قدمه، اما الثالث فيعاني من جرح عميق في المعدة. وقال الطبيب فازال أحمد عن المريض الثالث انه «سيموت قريبا».

لقد توفي عدد من السجناء هنا لكن آخرين استعادوا عافيتهم. ولا يبدو عليهم الضيق من سجانيهم، كما يبدو انه لا ينتابهم، الشك في انه سيسمح لهم بالعودة الى بلدانهم. ولقد وفر لهم الأفغانيون مترجما دمث الخلق يدعى عبد الوكيل للتعرف على احتياجاتهم وقد سمع منهم الكثير عن روايتهم الخاصة عن الاحداث.

وكانت الحملة الخاصة للسيطرة على تورا بورا تشتمل على عمليات جوية وبرية، وساهمت الطائرات الجوية بدور رئيسي في المعركة. وحينما وصلت المعركة الى اوجها هبطت المئات من قذائف المدفعية على كهوف القاعدة على امتداد 24 ساعة.

وشكل مقاتلون أفغان محليون واعداد قليلة من جنود قوات العمليات الخاصة الأميركية والبريطانية القوة البرية في المعركة. وساعدت القوات الخاصة الأميركية والبريطانية في توجيه الضربات الجوية حسب طلب المجموعات الأفغانية وبالقتال بصورة مستقلة ضد قوات «القاعدة».

لكن يبدو ان الضربات الجوية هي التي تقض مضاجع الناجين. وذكر مقاتلو «القاعدة» ان الفزع لم ينتبهم من حجم القنابل التي سقطت على الكهوف وعلى مواقع «القاعدة» فحسب وانما ايضا من وضعهم الذي يفتقد تماماً للحماية ومن دقة العديد من الضربات التي كسرت روحهم القتالية.

وقال السجناء ان الطيارين الأميركيين كانوا من خلال التوجيهات التي يتلقونها من قوات العمليات الخاصة الأميركية قادرين على اصابة اهدافهم بدقة في العديد من الحالات. وقال عبد الوكيل ان بعض المرضى ذكروا ان الضربات الجوية قد تسربت الى احلامهم.

واضاف عبد الوكيل «انهم قالوا ان الضربات كانت رهيبة وانهم عند نومهم يتحدثون عن سماعهم اصوات طائرات».

وبينما كان عبد الوكيل يتكلم تأوه محمد علي صالح تأوهاً خفيفاً من سريره في ركن الغرفة وقال «اشعر بالتعب» وكور جسده على سريره.

وقال صالح (27 عاما) الذي جاء من المملكة العربية السعودية انه لم ير بن لادن اطلاقاً، ولم يستطع لقاءه في تورا بورا رغم انه حاول ذلك. وقبل ان يصل الى الجهة التي يقصدها قصفت الطائرات الأميركية فوجاً من المقاتلين كان فيه مما أدى الى اصابته.

اما نافع محمد الذي أتى من اليمن فقد اصيب هو الآخر عندما انفجرت قنبلة بالقرب منه في جبال تورا بورا فأصابت ظهره وقدميه. ويعتقد نافع محمد ان مشيئة الله هي التي توجه خطاه في حياته. وقال «أنا لا اخاف شيئاً». وذكر انه لا يرغب في خوض قتال مرة اخرى مع من قد يتبقى من «القاعدة». واضاف «نحن لا نملك أيّ شيء. هناك فقط دماء تسيل من جراحي».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»