ركاب الطائرة ظنوا أن ريد راكب متمرد وجارته ضبطته يحاول إشعال الحذاء

صاحب الحذاء المتفجر عض يد المضيفة و12 رجلا تصارعوا معه لربطه بالأحزمة

TT

بعد ان عاد المسافرون الى مقاعدهم وبدأوا بالتقاط انفاسهم طلب منهم مساعد الطيار على متن الرحلة رقم 63 التعرف الى الجالسين بجوارهم والابلاغ عن اي شخص يبدو مثيرا للشبهة. كما طمأنهم باستبعاد طاقم الطائرة احتمال وجود متواطئين آخرين مع الرجل الذي حاول اشعال فتيل قنبلة مخبأة في حذائه على متن الطائرة.

وكان ريتشارد سي ريد متمددا على الارض بعد حقنه بالمخدر حافي القدمين وموثقا بأحزمة المسافرين ويقف فوق رأسه احد المسافرين الذي حمل انبوبة اطفاء الحرائق. ولم يخطر ببال اي من المسافرين او طاقم الطائرة حجم الكارثة التي تمكنوا من منع وقوعها، لجهلهم بوجود متفجرات بالغة القوة وقادرة على اسقاط الطائرة مخبأة في كعب الحذاء الذي كان ينتعله ريد. ولم يكتشف ركاب الطائرة هذا الامر الا بعد 24 ساعة لاحقا وبعد وصولهم اخيرا الى ميامي. اما وقت وجودهم في الطائرة فان من كان منهم جالسا في القسم المخصص لرجال الاعمال لم ينتبه الا لبعض الاصوات العالية في الجزء الخلفي من الطائرة. كما ان بعض من كانوا في الجزء الخلفي وساعدوا في بطح ريد ارضا وربطه فانهم كانوا يتصورون انه راكب متمرد او انه سكران. واشار جاك فاليو الى انه لاحظ ريد البالغ 28 عاما خلال وجوده في مطار تشارلز ديغول بباريس صباح يوم السبت الماضي، وظن هو وزوجته ان مظهره مثير للشكوك، ولان انتباههما كان منصبا على ابنهما البالغ 9 اشهر لم يلحظا ان ريد استقل نفس الطائرة التي سيسافران على متنها. وعندما مرا بجواره للوصول الى مقعديهما لم يعتقدا بان هناك حاجة لابلاغ الطاقم بشكوكهما في هذا الرجل كونه تجاوز الاجراءات الامنية. وتساءل جاك لاحقا «ماذا بوسعك ان تقول حينها، لقد كان الرجل جالسا في الطائرة، ولهذا افترضت ان كل شيء على ما يرام».

وتشتهر تلك الرحلة التي كانت متجهة صوب ميامي في صباح ذلك السبت باقبال الاوروبيين عليها لقضاء موسم الاجازات في الولايات المتحدة او منطقة الكاريبي. وكان ذلك قبل 3 ايام من حلول عيد الميلاد ولهذا فان قاعة الانتظار كانت تغص بالعائلات. ونوه بعض المسافرين لاحقا الى ان ريد كان يجلس وحيدا بينما كانت نظراته زائغة وتعلو فمه ابتسامة واهنة. واجتذب مظهر ريد بملابسه القذرة وشعره الطويل المربوط على هيئة ذيل الفرس انتباه بعض المسافرين بينما كان يضع حقيبته في رف الطائرة اعلى كرسيه. وقال بعضهم ان رائحته بدت غريبة وانه عند جلوسه في كرسيه في الصف 29 بجانب النافذة بدا مرتبكا. وقال جاك «لقد حنى ظهره محاولا اخفاء نفسه عن الانظار وهو ما لاحظته في لمح البصر».

وعند تقديم وجبة الغذاء رفض ريد تناول اي طعام او شراب، وبعد ذلك بوقت قصير اتجهت المرأة التي تجلس الى جانبه الى دورة المياه، عندها اشعل ريد عود الثقاب الاول فشم بعض الركاب رائحة دخان. واعتقد جيفري بسن الذي كان يجلس في درجة رجال الاعمال ان مصدر رائحة الدخان هو وجبات الطعام، بينما ظن آخر يجلس في الجزء الخلفي من الطائرة ان هناك من يحمي المقلاة التي ينبعث منها الدخان. وتستذكر هرميز موتاردير، وهي من طاقم الطائرة، انها حاولت تبين مصدر الدخان، فاشار لها احد الركاب صوب ريد. وعندما واجهته بذلك عمد فجأة الى دس عود الثقاب في فمه فاتجهت حينها الى كابتن الطائرة لابلاغه بذلك. وعلق بسين الجالس في درجة رجال الاعمال قائلا «اعتقدت انها ام توبخ طفلها ولكن كانت هناك نبرة قلق حقيقية في صوتها». اما مايجا كروساري التي استسلمت الى غفوة قصيرة بعد تناول الغداء فاستيقظت على اصوات صراخ عالية. وكانت هرميز قد رجعت الى ريد ووجدته قد وضع عود ثقاب مشتعلا في لسان حذائه، فانقضت عليه لاطفائه ولكنه دفعها بقوة الى الخلف، فوقعت على الارض على بعد 4 صفوف من مقعده. وعندها بدأت بالصراخ وداعية الآخرين الى جلب الماء. فهرعت مايجا بتقديم زجاجة الماء الخاصة بها وجلب آخر زجاجة اكبر، وبدأ الجميع في اراقة الماء والمشروبات الاخرى فوق ريد. ولفتت كرستينا جونز، وهي من طاقم الطائرة، الى انها هرعت الى مكان جلوس ريد وانقضت على حذاء ريد ولكنه عضها في يدها واسال الدم منها. وكان صراخها قد قرع آذان مارشلو لو الذي كان جالسا في الصف الاخير في درجة رجال الاعمال رغم ما كان يسدها من ميكروفونات الراديو، وقال «حينها خلعت الميكروفونات على الفور وشاهدت امرأة تركض وهي قابضة على يديها». ثم بادر ايريك دبري الذي كان يجلس في مقعد خلف ريد الى القبض على ذراعيه ثم اكتافه، وبعد تمكن رجلين آخرين من تثبيت رجليه طلبا من المسافرين تزويدهما بالاحزمة لربط ريد. وتصارع 12 رجلا مع ريد، وذكر كوامي جيمس لاعب كرة السلة الذي يبلغ طوله 6 اقدام و8 بوصات فيما بعد انه كان من الصعب جدا تثبيت ريد الذي يصل طوله الى 6 اقدام و 4 بوصات. ولكن المسافرين كانوا لا يقلون عن ريد تصميما وقوة. وعلق دبري قائلا «لم يكن هناك من قلق شديد، واعتقد ان عددا محدودا من الركاب كان يدري بما يجري». وعندما تمكن الركاب من تثبيت ريد ارضا عمد طبيبان الى حقنه بالمخدر فشهق قبل ان يسترسل في نوم عميق. واخيرا نهض بسين من مقعده وبدأ بمطالعة ما يجري خلفه فرأى المسافرين متحلقين حول رجل ومساعد الطيار يحاول ربط يديه باشرطة اكياس القمامة، وقال «اعتراني شعور يشبه ما اصاب به عندما اكون في المسرح، اذ كان البعض يبكي في حين علت الدهشة وجوه الآخرين، » ولكن لان الوضع بدا هادئا عاد الى مقعده وجلس فيه. واستولى الركاب على حذاء ريد بعد ربطه بمقعده وتناوبوا على حراسته حتى وصول الطائرة الى مطار لوغان الدولي في بوسطن. وعندما سأل بعض من كان يحرس ريد من الرجال عما كان ينوي فعله اجاب قائلا «سترون».

وظل الصمت يخيم على ركاب تلك الرحلة طيلة الساعتين اللاحقتين، وكان بعضهم قلقا من ان ريد كان يحاول اشعال النار بالطائرة، بينما لم يتجاوز مصدر قلق البعض الآخر المتاعب التقليدية للمسافرين من ضياع امتعة او ان تفوتهم مواعيد الطائرات التي سيكملون فيها الوصول الى مقصدهم. وعندما وصلت الطائرة الاجواء الاميركية طمأن الطيار المسافرين بألا يقلقوا ان شاهدوا طائرة اف- 15 تحلق الى جانب طائرتهم، وان عليهم طلب الاذن قبل التوجه الى دورات المياه وان من يخالف ذلك سيعرض نفسه للاحاطة به وتثبيته. وعند هبوط الطائرة في مطار لوغان في تمام الساعة 12:50 دقيقة طلب الطيار من الركاب البقاء في مقاعدهم الى حين دخول فريق من امن المطار الى الطائرة. وقال لو الطالب في جامعة جورج تاون «توجهوا مباشرة الى حيث كان يجلس ووضعوا الاغلال في يديه واقتادوه حافي القدمين الى خارج الطائرة».

وامسك المحققون الذين حققوا مع الركاب في مطار لوغان عن ابلاغهم بوجود متفجرات في فردتي حذاء ريد خوفا من ان يكون الامر اكبر من مجرد شخص يحاول حرق حذائه. بعد ذلك، توجه المسافرون الى طائرتهم ولكنهم خلعوا احذيتهم لتفحصها الجهات الامنية قبل دخولها متجهين الى مطار كينيدي الدولي في نيويورك بطاقم جديد. وعندما اقلعت الطائرة اشاد احد افراد الطاقم الجديد بطاقم رحلة باريس ـ بوسطن.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»