ليبرمان يبلغ وزيرة خارجية السويد أنه سيقاطع زيارتها لإسرائيل

الجهاز الدبلوماسي الإسرائيلي قلق من حدة هجوم نتنياهو ووزير خارجيته على أوروبا

TT

أكد عدد من قادة الجهاز الدبلوماسي الإسرائيلي المتخصصين في العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، عن قلقهم من التصرفات والتصريحات الفظة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، تجاه أوروبا التي بلغت الحضيض في قرار ليبرمان مقاطعته وزيرة خارجية السويد عندما تصل إلى إسرائيل في الشهر المقبل، واستخدام نتنياهو موضوع الهولوكوست (المحرقة النازية ضد اليهود) للتعبير عن رفضه السياسة الأوروبية في القضية الفلسطينية.

وكانت مصادر دبلوماسية قد سربت إلى الإعلام أن ليبرمان، في رده على تحرك البرلمان الأوروبي تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قرر مقاطعة وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم لدى زيارتها لإسرائيل، في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال تقرير بهذا الشأن إن ليبرمان يرفض لقاء والستروم ليبين لها كم أن إسرائيل غاضبة من قرار حكومة ستوكهولم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأطلقت بذلك شرارة الاعترافات المتلاحقة بالدولة الفلسطينية في البرلمانات الأوروبية.

وأشار التقرير إلى أن السويد فاجأت وتعمدت في حينه الإعلان المسبق عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية، وذلك من أجل «رفض سماع أي حجج من الطرف الإسرائيلي المعارض للتحريك السويدي». وقال ليبرمان إنّ «البرلمانات الأوروبية الأخرى التي قامت بخطوات مماثلة استمعت، على الأقل، للموقف الإسرائيلي المعارض، وذلك قبل عزمها التصويت على أي مشروع قرار يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية»، وذلك على عكس السويد التي «امتنعت عن سماع الموقف الإسرائيلي قبل التصويت على قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية». ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الزيارة ستجري مقاطعتها بشكل رسمي من قبل الحكومة الإسرائيلية كلها أو ما إذا كان ليبرمان وحده الذي سيقاطع هذه الزيارة. أما نتنياهو فكان قد هاجم الأوروبيين بالقول، في أثناء استقباله السيناتورة الأميركية جوني إرنست، إن «الصداقة تجاهنا التي نراها من الولايات المتحدة تتعارض تماما مع ما نراه للأسف في أوروبا. وشهدنا اليوم أمثلة مزعجة للغاية من النفاق الأوروبي، حيث كانت هناك دعوة في جنيف إلى فتح تحقيق ضد إسرائيل على ارتكاب جرائم حرب، بينما في لوكسمبورغ رفعت المحكمة الأوروبية حماس من قائمة التنظيمات الإرهابية، وهذه هي حماس ذاتها التي ارتكبت جرائم حرب وعمليات إرهابية لا تحصى». ومضى نتنياهو يقول إنه «يبدو أن هناك الكثيرين في أوروبا نسوا أن على أرضهم جرى ذبح 6 ملايين يهودي، ولم يتعلموا شيئا، ولكن نحن في إسرائيل تعلمنا. سنواصل الدفاع عن شعبنا وعن دولتنا ضد قوى الإرهاب والطغيان والنفاق».

وقد وصف معلقون إسرائيليون تصريحات نتنياهو هذه بأنها «هستيرية» و«تساوي بشكل صفيق ما بين حماس و(داعش) وبين الدول الأوروبية»، ونابعة من عدم فهم لسياسات الولايات المتحدة وأوروبا، واتهموه بالاستخدام الرخيص للمحرقة.

وكتب المحرر السياسي في «هآرتس»، باراك رافيد، أن أداء رئيس الحكومة السياسي خلال سنوات حكمه أسهمت في تراجع مكانة إسرائيل في أوروبا التي تسارعت برأيه منذ يوليو (تموز) 2013 حين فرضت عقوبات على المستوطنات. وقال: «نتنياهو لا يفهم أوروبا، فهو يعتقد أن السياسات الأوروبية تدفعها شعبوية رخيصة من قبل قيادات أوروبية تريد الحصول على أصوات الأقلية المسلمة الكبيرة عن طريق مواقف مناصرة للفلسطينيين، وأن تعامل أوروبا مع إسرائيل نابع من أحاسيس معادية للسامية. ولكن الاستخدام السياسي الرخيص الذي قام به نتنياهو يوم أمس بدم اليهود الذين قتلوا في المحرقة كان ذروة جديدة حتى بالنسبة له. وإذا كان يتصرف على هذا النحو قبل 3 أشهر من الانتخابات للكنيست، فمن المروع التفكير فيما إذا كان سيفعل قبل 3 أسابيع من فتح صناديق الاقتراع».

وكتب المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شيمعون شيفر، أن استخدام المحرقة في مواجهة السياسات الأوروبية لم يعد ينطلي على أحد، وأن سلسلة القرارات التي اتخذت يوم أمس في أنحاء العالم والتي عبرت عن تأييد الكثير من الأوروبيين لإقامة دولة فلسطينية، تثبت أن الاتحاد الأوروبي لا يُذهل من التهديدات الإسرائيلية. وتابع: «رد نتنياهو بالشكل المتوقع واستل سلاحه يوم الحساب: المحرقة، لم يعد ينطلي على الأوروبيين على الأقل.

وقد صرح دبلوماسي أوروبي قائلا: «لا علاقة للمحرقة، لن نتحمل بعد الآن استمرار الوضع القائم (الستات كفوو)، وحقيقة أن إسرائيل لا تجري مفاوضات لإقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال».

وأضاف شيفر: «إن محاولة نتنياهو فصل الأوروبيين عن الأميركيين ووضع هؤلاء في خانة الأخيار، والآخرين في خانة الأشرار، تعتمد على فرضية خاطئة، فالإدارة الأميركية هي التي تشجع الأوروبيين على مناوشة إسرائيل في المحافل الدبلوماسية، لهذا كان حريا برئيس الحكومة أن يكون أكثر حذرا، وأن لا تكون سياساته تعتمد على أن الدعم الأميركي مفهوم ضمنا. العكس هو الصحيح: كل الأحاديث حول الضربة التي تعرض لها أوباما في انتخابات نصف المدة، وأنها ستساعد إسرائيل، تبين أنها واهية».