«حرب معابر» شرق دمشق بين تيارين معارضين

«جيش الإسلام» ينهي «حركة تمرد» «جيش الأمة» في الغوطة الشرقية.. والجيش الحر يتدخل

حي دوما بريف دمشق الشرقي المبتلي بقصف طيران النظام وغياب الكهرباء والوقود والحصار الغذائي وزاد عليه صراع المعارضة (رويترز)
TT

أنهى زعيم «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية بريف دمشق، زهران علوش، أمس، حركة «تمرد» كان «جيش الأمة» أطلقها «لمنع جيش الإسلام من محاصرة الغوطة في الداخل»، في إشارة إلى فرض «خوّة» على البضائع التي تدخل إلى الغوطة المحاصرة، عبر معابرها.

وثبت «جيش الإسلام» نفوذه على الغوطة، أمس، بعد 3 أشهر من حراك معارض مضاد له في معقله، إذ أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن هدوءا يسود مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، التي تعد معقلا لزهران علوش «عقب تمكن القيادة الموحدة في الغوطة الشرقية، التي يعد (جيش الإسلام) فصيلا أساسيا فيها، من الاستيلاء على معظم مقرات جيش الأمة في مدينة (دوما)، واعتقال كثير من عناصر وقيادات جيش الأمة، بعد اشتباكات بين الطرفين»، مشيرا إلى «تضارب المعلومات حول مصير قائد (جيش الأمة)». وكان جيش الأمة قد أصدر، أول من أمس، بيانا قال فيه إنه «بعد أن دُعيت 3 قيادات من (جيش الأمة) من قبل درع العاصمة لمناقشة بعض الأمور في مدينة حرستا، توجه القادة إلى مكان الاجتماع، فقامت عناصر تابعة لدرع العاصمة باعتقالهم بطريقة مريعة، وعن طريق الغدر بهم، كما قاموا بإطلاق النار على المرافقين للقادة وطردهم بقوة السلاح، وإصابة اثنين من العناصر المرافقين للقادة».

وأضاف: «نحن قيادة جيش الأمة لن نقف مكتوفي الأيدي على هذا الفعل الدنيء، وقد قمنا بإعلام القضاء أصولا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق من قام بهذا الفعل وفي حال لم يتم الإفراج عن القادة ومحاسبة الفاعلين أصولا، سوف نقوم برد فعل لا يحمد عقباه».

وقال مصدر من داخل الغوطة الشرقية لـ«الشرق الأوسط»، إن الحرب الأخيرة التي دارت بين «جيش الإسلام» و«جيش الأمة» بقيادة أحمد طه «جاءت في سياق محاولة السيطرة على المعابر، حين أقدم جيش علوش على محاولة السيطرة على معبر حرستا تعويضا عن خسارته لمنفذ مخيم الوافدين الذي أغلقه النظام من جهته في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، وذلك في ظل اتهامات لـ«جيش الإسلام» بأنه «يتقاضى من خلاله نسبة 30 في المائة تقطع من كميات البضائع والأغذية».

في المقابل، يقول مناصرو علوش لـ«الشرق الأوسط» إن «(جيش الأمة) قاد حركة تمرد بهدف السيطرة على المعابر، وتقليص نفوذ جيش الإسلام وضرب مصداقيته».

وأجبرت فصائل «جيش الأمة» في الفترة الأخيرة، عناصر «جيش الإسلام» على الخروج من مدينة دوما، بعد أن كانت قد سيطرت على المركز الثقافي وبعض النقاط في المدينة، بعد أيام على المعارك التي اندلعت بينهما في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأسفرت عن مقتل 14 عنصرا من «جيش الإسلام». لكن «جيش الأمة» اعتبرهم شهداء «فتنة علوش»، حسبما أطلق عليهم، وقام بتشييعهم في دوما.

وقال المصدر إن «الحرب الأخيرة ضد علوش تأتي استجابة للاحتجاجات الأهلية الواسعة التي نظمها سكان دوما ضد (جيش الإسلام) في المدينة، وفي أعقاب محاولاته انتزاع السيطرة على معبر حرستا، الذي تتولى إدارته قوة مشتركة من فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية».

ويقول ناشطون في الغوطة إن سيطرة علوش على معبر مخيم الوافدين فيما مضى «تعود عليه بمكاسب خيالية، تساعده في تغطية النفقات العسكرية لمقاتليه الذين باتت أعدادهم تتضاءل، بحيث أصبح (جيش الإسلام) القوة الثالثة في الغوطة الشرقية».

وكان علوش الجهة الوحيدة المعتمدة من قبل الائتلاف الوطني في توزيع المواد الإغاثية عبر المجلس المحلي التابع لمجلس شورى «جيش الإسلام»، الأمر الذي أدى لارتفاع الأسعار ما بين 10 و20 ضعفا عن سعرها في دمشق.

ويتهم ناشطون مقربون من جيش الأمة، زهران علوش، بـ«محاصرة الغوطة من الداخل وكأنه شريك للنظام، حتى بات سكان الغوطة يكرهون حملة السلاح»، وعبروا عن غضبهم تجاه من سموهم «تجار الحرب» باعتبارهم شركاء للنظام في تجويع الغوطة وحصارها، الذي أدى لما بات يُعرف بـ«شهداء الجوع».

وعلى الأثر، اندلعت مظاهرات واحتجاجات واسعة في مدينة دوما في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي الثالثة من نوعها خلال عام ضد جيش الإسلام ومكتبه الإغاثي ومجلس الشورى المسيطر على المواد الإغاثية التي تدخل المدينة. وأسفرت هذه الاحتجاجات عن مقتل شخصين من الأهالي على يد عناصر «جيش الإسلام» جراء إقدام المظاهرة على اقتحام مخازن ومستودعات مؤسسة عدالة التابعة لـ«جيش الإسلام»، حيث اكتشف الأهالي داخلها مئات الأطنان من المواد الغذائية.

وإثر ذلك، وفي 15 من نوفمبر الماضي استيقظ أهالي دوما على تطبيق حكم إعدام، يُعد الأول من نوعه بقطع الرأس بالسيف، كان قد أمر به سجن التوبة التابع لـ«جيش الإسلام».

وقد بدأت تظهر أخيرا حالة استياء واسعة لدى أهالي الغوطة الشرقية من سجن التوبة الشبيه بالمخابرات الجوية لدى النظام. وسُجلت حالات اعتقال للمدنيين والنشطاء الذين يفضحون سلوك «جيش الإسلام»، أو ينتقدون قائده العام زهران علوش.

وقال المصدر إن زهران علوش الذي يتمتع بمظلة سياسية من الشيخ معاذ الخطيب: «يهدف من محاولات إعادة السيطرة على دوما والسيطرة على بقية قرى وبلدات الغوطة الشرقية، إلى ترتيب الأوراق التفاوضية لمعاذ الخطيب، التي يجري الحديث فيها عن صفقة شاملة في الغوطة الشرقية تتضمن البدء بمصالحة مع النظام، وصولا إلى تسليمها له. وهو ما يرفضه أهالي الغوطة بشكل عام».

وكانت 10 فصائل إسلامية ومقاتلة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، قد أعلنت، قبل أكثر من 3 أشهر، في شريط مصور، عن تجمعها واندماجها تحت اسم «جيش الأمة»، ضمن نظام عسكري سياسي تنظيمي «يجمع الجميع على قلب رجل واحد»، مشيرة إلى أن «مشروعنا إسقاط هذا النظام الفاجر، وأركانه ورموزه، وحماية المدنيين ووحدة التراب السوري، وتنسيق العمل العسكري مع كافة الفصائل والقيادات، تحت جسم واحد، نخلص فيه إلى قيادة عامة، موحدة على أرض سوريا».

من جهتها أصدرت «الجبهة الجنوبية» التابعة للجيش الحر بياناً ، نددت فيه بالهجوم الذي شنه «جيش الإسلام» وقالت أن الإعتداء على (جيش الأمة) هو اعتداء على تشكيلات الجبهة كافة، «وأننا لن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة الهجمة التي يتعرض لها جيش الأمة في الغوطة الشرقية من قبل جيش الإسلام وشركائه في تسليم جوبر والغوطة الشرقية للنظام».

وتابعت في بيانها الذي اصدرته مساء امس: «لقد كان أولى بالسلاح والذخائر المخبأة منذ زمن طويل للحرب على التشكيلات العسكرية الوطنية أن تذهب لفك الحصار عن الغوطة الشرقية، ولتحرير ما تبقى منها، لا أن تكون شريكاً للنظام في حصار الغوطة الشرقية وفي الحرب علينا».

واعتبرت أن جيش الإسلام وشركاءه في الحرب على الجبهة الجنوبية، هم شركاء للنظام، «وإن ردّنا على هذه الحرب سيكون واسعاً وشاملاً في جميع مناطق تواجد تشكيلات الجبهة الجنوبية مالم تتوقف هذه العملية العسكرية فوراً».