واشنطن تخفف قيود السفر والتجارة مع كوبا.. تجسيدا لاتفاق التطبيع

السماح للأميركيين بالسفر دون ترخيص والعودة بهدايا قيمتها 400 دولار ربعها سيجار كوبي

سائحان داخل سيارة أجرة في هافانا في 8 يناير 2014 (أ.ف.ب)
TT

قررت الولايات المتحدة أمس تخفيف القيود التي تفرضها على السفر والتجارة مع كوبا اعتبارا من اليوم الجمعة، في تطبيق لاتفاق تم التوصل إليه الشهر الماضي للبدء في تطبيع العلاقات مع الدولة الشيوعية.

ورغم أن الحظر الأميركي على التجارة سيظل قائما، فإن القرار الجديد سيخفف القيود على السفر ويرفع من الحد المفروض على التحويلات المالية، ويسمح للبنوك الأميركية بفتح حسابات في البنوك الكوبية ويسهل خدمات الاتصالات مع الجزيرة الشيوعية ويسمح بتصدير أجهزة الاتصالات والخدمات المساندة.

وبموجب الإجراءات الجديدة، سيسمح للأميركيين بالسفر إلى كوبا دون الحصول على ترخيص من الحكومة، كما يسمح لشركات الطيران ووكالات السفر، بتنظيم الرحلات كوبا من دون ترخيص محدد. وسيكون بإمكان المسافرين الأميركيين إلى كوبا استخدام بطاقات الائتمان وإنفاق أي مبالغ مالية والعودة بما يصل قيمته إلى 400 دولار من الهدايا التذكارية، بما في ذلك ما تصل قيمته إلى 100 دولار من الكحول أو التبغ. ويعتقد أن هذا المبلغ الأخير سيصرف خصوصا لشراء السيجار الكوبي.

وحسب اللوائح الجديدة، سيكون من السهل أيضا على مقدمي خدمات الاتصالات الأميركية والمؤسسات المالية القيام بأعمال تجارية في/ ومع كوبا. كذلك، سيسمح للأميركيين بإرسال أموال إلى كوبا، تصل إلى ألفي دولار شهريا، بدلا من مبلغ 500 دولار المعمول به من قبل. ومعلوم أن هذه التحويلات تتركز في الجالية الكوبية في الولايات المتحدة، حيث توجد غالبيتها في ولاية فلوريدا.

وصرح وزير الخزانة الأميركي جاكوب ليو أمس أنه «سيكون لهذه التغييرات تأثير مباشر في زيادة فعالية الشعب الكوبي ومساعدته على حل مشاكله، وتعزيز التغيير الإيجابي للمواطنين في كوبا». وأضاف أن كوبا «تملك إمكانات حقيقية للنمو الاقتصادي. وعن طريق زيادة السفر والتجارة والاتصالات وتطوير الأعمال، يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشعب الكوبي على تحديد مستقبله». كذلك، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست بأن «هذه التغييرات ستمكن الشعب الأميركي فورا من توفير المزيد من الموارد لتمكين الشعب الكوبي ليصبح أقل اعتمادا على الاقتصاد الحكومي ويساعد على تسهيل علاقاتنا المتنامية مع الشعب الكوبي».

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راؤول كاسترو أعلنا في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن التوصل إلى اتفاق تاريخي يفتح الطريق للمصالحة بعد أكثر من 50 عاما من العلاقات العدائية بين البلدين. وجاء إعلان أمس بعد أيام من تصريح وزارة الخارجية الأميركية بأن كوبا أفرجت عن 53 معتقلا في بادرة حسن نية. وقالت الحكومة بأن التغييرات ستبدأ اعتبارا من الجمعة عند نشرها في السجل الفيدرالي.

وأعربت المعارضة الكوبية عن ارتياحها لخطوة الإفراج عن المعتقلين، بينما لزمت حكومة الرئيس كاسترو الصمت حيال هذا الموضوع. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف: «نرحب بالنبأ الإيجابي جدا، ونحن سعداء لأن الحكومة الكوبية وفت بوعدها»، لكنها رفضت الكشف عن أسماء أولئك الذين أفرج عنهم. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير أخير لها عن أحد المنشقين الكوبيين، يدعى مانويل كويسا موروا، قوله عن عملية الإفراج: «يبدو أنها خطوة إيجابية وهي دليل على أن الحكومة الكوبية تلتزم جديا بتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. كما يبدو أنها أدركت أن هذه العملية تمر عبر ملف حقوق الإنسان». وأعلنت اللجنة الكوبية لحقوق الإنسان (المحظورة) أنها كثفت الاتصالات بعائلات المعتقلين في مختلف أنحاء كوبا للتأكد من الإفراج عن ذويهم، وأنه، حسب آخر إحصاء قامت به، أفرج عن 40 معتقلا.

وأعربت الكنيسة الكاثوليكية الكوبية، التي صارت طرفا سياسيا هاما، ووحيدا، يخاطب النظام الشيوعي في غياب معارضة شرعية، عن ارتياحها للإفراج. لكنها بدت حذرة.

وكانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين انقطعت منذ نصف قرن فرضت خلاله واشنطن حظرا اقتصاديا على النظام الشيوعي. وبعد 18 شهرا من المفاوضات السرية، برعاية الفاتيكان وكندا، وافقت الولايات المتحدة الشهر الماضي على الإفراج عن 3 جواسيس كوبيين كانوا معتقلين منذ نهاية الـتسعينات، بينما وافقت هافانا على الإفراج عن عميل كوبي يعمل لحساب واشنطن، وأيضا عن الأميركي آلان غروس، الذي كان معتقلا في كوبا منذ 5 سنوات، إضافة إلى وعدها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الـ53.

وقالت مصادر إخبارية أميركية بأن الخطوة التالية هي التباحث رسميا حول استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارتين، رغم أن لدى كل دولة، منذ عام 1977 قسما لرعاية المصالح في الدولة الأخرى. ويتوقع أن تجري المحادثات الرسمية الأولى بين البلدين أواخر الشهر الحالي في هافانا. وستقودها من الجانب الأميركي مساعدة وزير الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية، روبرتا جاكوبسون.