تواصل الغضب الإسلامي شعبيا ورسميا ضد الرسوم المسيئة

إحراق 10 كنائس في النيجر ومظاهرات في باكستان احتجاجا على رسوم «شارلي إيبدو» * «كبار العلماء» في مصر: الرسوم تهدد السلم العالمي وقيم الإخاء والمساواة

مظاهرة ضد الرسوم المسيئة في كراتشي نظمها جماعة الدعوة بقيادة زعيم الجماعة حافظ سعيد شارك فيها عشرات الآلاف من الباكستانيين في الوقت الذي جرت فيه مظاهرات واحتجاجات مماثلة في بيشاور ولاهور والعاصمة كابل وفي النيجر (أ.ف.ب)
TT

أدانت هيئة كبار العلماء في مصر، إساءة مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية للرسول، وقالت أمس: «نحن مع إدانتنا تصرف المجلة، واعتباره استفزازا وكيلا بكيلين في حرية التعبير؛ التي لا يدخل فيها السب والقذف وإهانة الأنبياء والرسل»، لافتة إلى أنها تدين «الآن وفي المستقبل كل عمل إرهابي يطيح بالأرواح»، فيما قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، لـ«الشرق الأوسط» إن «مواصلة نشر الصور المسيئة للرسول لا تخدم مصلحة أحد؛ بل تزيد من الكراهية بين فئات المجتمع الواحد»، مطالبا المسلمين بتجاهل الرسوم التي تسيء للرسول.

وقالت الهيئة، التي تعتبر أعلى هيئة دينية في الأزهر في بيان لها أمس، إن «بعض الصحف الغربية دأبت على الهجوم الاستفزازي المتواصل على الدين الإسلامي وشخص رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولا تزال تصر على ذلك، مثلما حدث بالدنمارك وما حدث في باريس من صحيفة متواضعة الانتشار هي (شارلي إيبدو)، تلك التي فصلت أحد محرريها البارزين لتعرضه من بعيد للمجتمع اليهودي الفرنسي؛ إذ قال إن ابن الرئيس السابق ساركوزي الذي تزوج من يهودية ربما ينتظره مستقبل مالي ناجح، في الوقت الذي دأبت فيه على ازدراء الإسلام ومقدساته والإساءة إلى رسوله عليه الصلاة والسلام والسخرية منه والاستهزاء به».

وأضافت الهيئة: «كما أدنا من قبل إرهاب منظمة داعش وغيرها من الجانحين، فإننا ندين الآن وفي المستقبل كل عمل إرهابي يطيح بالأرواح التي تحفظها وتكرمها القيم الدينية والأخلاقية كافة، أيا كانت الجهة القائمة به وضحاياه أيا كانوا». وتابعت أن ذلك «يزيد النار اشتعالا من خلال المزيد من الإساءة والاستفزاز لمشاعر المسلمين، بما ينطوي عليه ذلك من دلالة لا تخلو من الإساءة وتخالف ما يعتنقه الغرب ذاته من احترام قيم الإخاء والمساواة والسلام».

ودعت الهيئة الغرب إلى التمسك بما يعلنه هو من مبادئ الحرية والإخاء الإنساني، وتؤدي مخالفتها إلى الكراهية وتهدد السلم العالمي، ومنع التفرقة والتمييز والتهميش لمواطنيه المسلمين، الذين يعانون من البطالة ضعف ما يعانيه المواطن الأوروبي العادي، إلى غير ذلك من صور التمييز في التعليم والأجور والتمثيل السياسي، فكلها تتعرض الآن فضلا عن ذلك للهجوم ومحاولات الإقصاء، وتهدد مصير فئات من المسلمين في دول الغرب، لم يقارفوا إثما ولا ذنب لهم إلا اختلاف الدين أو لون البشرة.

وفيما استمرت مظاهرات الاحتجاج في باكستان وأفغانستان لليوم الثالث على التوالي، أحرقت 10 كنائس أول من أمس في نيامي بأيدي متظاهرين كانوا يحتجون على رسم كاريكاتيري للنبي محمد نشرته أسبوعية «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، ولم يعد الهدوء إلى عاصمة النيجر إلا خلال ساعات المساء الأولى.

وإضافة إلى العاصمة نيامي توسعت المظاهرات لتشمل أيضا مدينة مارادي الواقعة بين نيامي والمدينة الثانية في البلاد زيندر التي شهدت مظاهرات الجمعة الماضي أدت إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 45 آخرين بجروح. وأفاد مصدر أمني مساء السبت أن 255 مسيحيا لجأوا إلى ثكنة عسكرية في زيندر (جنوب) كما اختبأ نحو 70 شخصا في كنيسة إنجيلية بحماية نحو مائة عنصر من الشرطة خوفا من أعمال الشغب، حسبما أفاد اثنان منهم لوكالة الصحافة الفرنسية. وأعلنت فرنسا «إدانتها اللجوء إلى العنف أمس في نيامي والبارحة في زيندر». كما أعلن وزير الخارجية لوران فابيوس في بيان حرص فيه على «الإعراب عن تضامنه مع سلطات النيجر».

ونتيجة هذا الفلتان أصدر نحو 20 من العلماء المسلمين في البلاد نداء دعوا فيه السكان إلى الهدوء.

وقال الداعية ياو سونا عبر التلفزيون الرسمي موجها كلامه إلى المتظاهرين: «لا تنسوا أن الإسلام لا يرضى بالعنف. أدعو الرجال والنساء إلى الهدوء. إن الإسلام لا يقبل أعمال التخريب».

كما قال شيخ آخر: «أدعو الشبان الذين يتحركون بدافع الحمية الإسلامية إلى وقف أعمال العنف هذه التي تصيبنا جميعا».

كما تم تخريب العديد من الفنادق ومتاجر بيع مشروبات وأغذية يملكها غير المسلمين أو أي مقار تحمل علامة تدل على أنها لشركات فرنسية».

وأوضح مسؤول أمني أن 6 مجموعات تضم الواحدة ما بين 200 و300 شخص عملت على زرع الفوضى في نيامي. وحمل المتظاهرون هراوات وقضبانا حديدية.

وعمل عشرات العناصر من شرطة مكافحة الشغب على تفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع. وقال أحد المتظاهرين بغضب «سنكسر كل شيء. نحن ندافع عن نبينا الأكرم، وسنفديه بدمائنا». وأحرق المتظاهرون مكاتب تابعة لشركات فرنسية، حتى أنهم لم يتركوا أكشاكا كانت ترفع إعلانات لشركة أورانج الفرنسية للهواتف الجوالة. ودعت السفارة الفرنسية في نيامي جميع الفرنسيين إلى البقاء حيث هم «وتجنب الخروج»، كما طلب من العاملين في الأمم المتحدة الابتعاد عن التجمعات في العاصمة. وكان المتظاهرون أحرقوا يوم الجمعة الماضي المركز الثقافي الفرنسي النيجري في مدينة زيندر كما تم تخريب 3 كنائس في هذه المدينة القريبة من شمال نيجيريا.

والاستطلاع الذي أجراه معهد ايفوب ونشرت نتائجه صحيفة «لوجورنال دوديمانش» تضمن في إحدى فقراته سؤالا عن الموقف من فكرة أن «بعض المسلمين يشعرون بأنهم جرحوا أو اعتدي عليهم عندما تنشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد»، فكانت النتيجة أن أجاب 42 في المائة أنه «يجب أن تؤخذ ردود الفعل هذه بعين الاعتبار ويجب التوقف عن نشر هذا النوع من الرسوم الكاريكاتيرية»، في حين قال واحد في المائة من المستطلعين أن لا رأي له في هذا الموضوع.

وردا على سؤال آخر عن الموقف من حرية التعبير على الإنترنت، قال 50 في المائة من المستطلعين إنهم يؤيدون «الحد من حرية التعبير على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي»، بينما قال 49 في المائة منهم إنهم يرفضون ذلك، في حين قال البقية (واحد في المائة) أن لا رأي لهم في الموضوع».

كذلك، أظهر الاستطلاع أن 81 في المائة من الفرنسيين يؤيدون «سحب الجنسية الفرنسية من المواطنين المزدوجي الجنسية الذين يدانون بارتكاب أفعال إرهابية على الأراضي الفرنسية».

وفي موضوع المتطرفين الفرنسيين الذين يقاتلون في الخارج قال 68 في المائة من المستطلعين إنهم يؤيدون أن «يمنع من العودة إلى فرنسا المواطنون الفرنسيون الذين يشتبه في أنهم ذهبوا للقتال في دول أو مناطق تسيطر عليها جماعات إرهابية».

كذلك أيد 68 في المائة من المستطلعين أن «يمنع من مغادرة الأراضي الفرنسية المواطنون الفرنسيون الذين يشتبه في أنهم يريدون التوجه إلى دول أو مناطق تسيطر عليها جماعات إرهابية».