عيديد بعث برسالة إلى بوش بعد 11 سبتمبر حول وجود «جماعات إرهابية» في الصومال

TT

كشف احد قادة الحرب في الصومال عن توجيهه رسالة عاجلة اثر وقوع هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي الى الرئيس الاميركي جورج بوش ليبلغه فيها ان هناك ارهابيين في بلاده متعاطفين مع أسامة بن لادن. وأبلغ حسين محمد عيديد في رسالته تلك الرئيس بوش بأن شركة «البركات»، وهي اهم شركات الاتصالات وتحويل الاموال في الصومال، على علاقة بالارهابيين.

من جانبهم قال المسؤولون الاميركيون انهم لا يتذكرون تسلم مثل تلك الرسالة، وأنهم حتى لو تسلموها فإنهم ما كانوا ليعملوا بنصيحة أي قائد حرب، خاصة اذا كان والده، محمد فرح عيديد، مسؤولا عن مقتل 18 جنديا اميركيا في العاصمة الصومالية مقديشو في عام .1993 بيد ان رسالة عيديد تسلط الضوء على مشكلة تواجهها الولايات المتحدة في الجهود التي تبذلها للكشف عن اي صلات داخل الصومال مع شبكة «القاعدة»، وهي ان حدة العداوات القبلية في هذا البلد تشكك في مصداقية المعلومات التي قد تصدر عن زعمائه المهمين. ومنذ ان بعث عيديد برسالته تلك، بادرت الولايات المتحدة الى اغلاق جميع فروع شركة البركات بتهمة تسهيل ايصال الاموال الى جهات ارهابية، كما صنفت حركة الاتحاد الاسلامي المسلحة على انها منظمة ارهابية على علاقة بالقاعدة.

بيد ان تحديد تفاصيل الصلات الارهابية في هذا البلد بدقة امر غير هين، فمن الصعب ان تلملم الفئات والفصائل المتناحرة نفسها وتنتظم في جبهة واحدة لتصبح تحالفا شماليا آخر فيما اذا نقلت الولايات المتحدة حربها العسكرية من ساحة افغانستان الى الصومال. وكانت الولايات المتحدة قد اقرت بتوجيهها سفنا اميركية الى السواحل الصومالية لمنع الهاربين من مقاتلي «القاعدة» من العبور الى الصومال. كما أكد الجنرال تومي آر فرانكس، قائد عمليات التحالف في افغانستان، هذا الاسبوع زيادة الطلعات الجوية فوق السواحل الصومالية لاغراض المراقبة. ونوه قادة الحرب في بلدة بايدوا الصومالية الواقعة على الحدود الاثيوبية الى زيارة 5 موظفين من الحكومة الاميركية بلدتهم في اواسط شهر ديسمبر (كانون الاول) بقصد الاطلاع عن كثب على وجود الارهابيين في المنطقة. وكان عدد من قادة الفصائل الصومالية حثوا الحكومة الاميركية في الاسبوع الماضي على توجيه ضربات عسكرية للمتطرفين في بلادهم. واوضح الجنرال ادين عبد الله جابياو رئيس مجلس المصالحة والبناء الصومالي، وهو تحالف يضم القادة المعارضين للحكومة وتدعمهم اثيوبيا، ان «ليس هناك حاجة الى قاذفات بي ـ 52 وغيرها لان كل ما يتطلبه الامر نشر قوة دولية برية».

وكان عبد القاسم صلاد حسن رئيس الحكومة الصومالية المؤقتة قد اتهم قادة الحرب بمحاولة كسب التأييد الاميركي عبر المزاعم غير المسؤولة الصادرة عنهم، وبادر الى تشكيل قوة لمكافحة الارهاب في مقديشو بعد 11 سبتمبر (ايلول). وقبضت السلطات في الشهر الماضي على 18 اجنبيا اشتبهت في ان يكون لهم صلات بـ«القاعدة»، ولكن افرج عن معظمهم في الايام الاخيرة بسبب الفشل في اثبات اي صلات ارهابية لهم.

وبينما لا تعترف الولايات المتحدة بحكومة صلاد يقول المسؤولون الاميركيون انهم يشتبهون في ان يكون لبعض المقربين منها علاقات بحركة «الاتحاد الاسلامي». كما صدرت مزاعم مشابهة عن مسؤولين في اثيوبيا، جارة الصومال وخصمها اللدود. وهناك اتهامات متبادلة ايضا بين الرجلين الذين يزعم كل منهما انه رئيس منطقة بونت لاند الواقعة في شمال البلاد. وكال الاتهامات عبد الله يوسف، الذي انتخبه وجوه وكبار القبائل في عام 1998 رئيسا عليهم، الى جمعة علي جمعة الذي يتحدى قيادته، متهما اياه بأنه اصولي اسلامي. فما كان من جمعة الا ان ناشد الولايات المتحدة عدم تصديق تلك الاتهامات وانه بريء من التهمة الموجهة اليه وان الاخبار التي تقول بوجود معسكرات ارهابية في «بونت لاند» (ارض الصومال) لا أساس لها من الصحة. ونوه مؤخرا الى «انه لا ينبغي للولايات المتحدة قتل اهل بونت لاند المساكين من دون سبب واضح».

الى جانب ذلك، حاول شخصيات من منطقة ارض الصومال في شمال غربي البلاد الوصول الى الولايات المتحدة كذلك عارضين عليها استخدام اراضيهم في حال احتياج الجيش الاميركي الى مواقع شمالية ان قرر المسؤولون الاميركيون نقل المواجهات الى الصومال.

وكانت الولايات المتحدة تركت سفارتها في الصومال في عام 1993 وبدأت في متابعة مجريات الامور داخله عبر الحدود في كينيا. ومنع الدبلوماسيون الاميركيون في السنوات اللاحقة من العبور الى معظم انحاء الصومال لاسباب أمنية. بيد ان جلين وارين المسؤول عن متابعة الملف الصومالي من السفارة الاميركية في نيروبي قام بزيارة الى العاصمة مقديشو قبل اعياد الميلاد في اول زيارة لمسؤول اميركي بهذا المستوى منذ عام .1995 ولم يوجه اصابع الاتهام لاحد بينما كان في البلاد ولكنه اقر بما يعتري المسؤولين الاميركيين من قلق حيال وجود ارهابيين هناك. ونوه قائلا «لم آت الى هنا للتحقيق في وجود مراكز تابعة للقاعدة، بل لا اعتقد بوجود مثل هذه المراكز في مقديشو». واضاف «ولكن من المحتمل ان يكون بعض من لهم علاقات بارهابيين يعيشون داخل الصومال».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»